مياه ثائرة انفجرت من باطن الأرض وأصنام تحكي قصة عشق ممنوعة.. لغز “حمام المسخوطين” في الجزائر

مياه ثائرة انفجرت من باطن الأرض و أصنام واقفة تحكي قصة عشق ممنوعة تناقلتها الأجيال، لغز"حمام المسخوطين"هل كانت مسك وطين أم مسخ من الله

عربي بوست
تم النشر: 2020/10/03 الساعة 20:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/10/03 الساعة 20:31 بتوقيت غرينتش
مياه ثائرة انفجرت من باطن الأرض و أصنام واقفة تحكي قصة عشق ممنوعة تناقلتها الأجيال، لغز"حمام المسخوطين"هل كانت مسك وطين أم مسخ من الله

ما زال سكان الجزائر حتى اليوم ينظرون إلى حمام الدباغ المعروف بـ"حمام المسخوطين" كدليل على غضب الله. هذه الينابيع الساخنة تتجاوز درجة حرارتها 100 درجة مئوية وتعتبر الثانية عالمياً بحرارتها بعد آيسلندا، كما ورد في موسوعة دائرة المعارف البريطانية.

يقصدها السياح من كل مكان في العالم ليس فقط للتمتع بفوائدها، بل لمحاولة فهم هذه الأحجية التي لايزال حلها صعباً بين ماهو حقيقي وماهو خيال.

نروي لكم في السطور القادمة قصة هذه الينابيع الساخنة في الجزائر، والتي مازال سبب تشكُّلها يحير الناس، فما الحقيقة وما الأسطورة؟ ندع القرار لكم.

موقع سياحي يجذب الناس من كل بقاع الأرض

تقع مدينة "حمام المسخوطين"، التي تحمل اليوم العديد من المسميات كـ"حمام دباغ" أو "حمام الشلالة"، على بعد 25 كم غرب ولاية ڤالمة في الجزائر. وهي منطقة بركانية وتسجل مع مرور الوقت تزايداً مطرداً في نشاطها الزلزالي. تشتهر المنطقة بينابيعها الحارة الكلسية وكتلها الصخرية العجيبة الشكل.

يجد العديد من المرضى العلاج الطبيعي التقليدي من الأمراض المزمنة في هذه الحمامات المعدنية المنتشرة، والتي جعلت شهرتها تتجاوز الحدود الجغرافية نحو العالمية. كما تتميز المنطقة بالهدوء والجمال والمنظر الطبيعي الخلاب، وبإمكان الناس التجول حول الحمام والينابيع، لأن مياهها تجري على مجرى صغير متصل بالجبل الكلسي. وتعتبر في الوقت نفسه شلالاً، لأنها تأتي على شكل مياه متدفقة ساخنة.

التكوين البيولوجي والجغرافيا الأسطورية للحمام

يعود تكوين المنطقة الجيولوجي إلى نحو 150 مليون سنة منذ العصر الروماني، وارتبطت بالحركة التي تكوّنت إثرها الجبال المحيطة به، مثل جبل دباغ الذي تحمل المدينة اسمه اليوم.

وحسب الدراسات الجيولوجية، فإن تاريخ المنطقة شهد العديد من التغيرات التي شكلت المرتفعات والمنخفضات والجبال والبراكين والحركات الزلزالية. كان لهذه التغيرات الأثر البالغ على المنطقة، ليس من حيث التضاريس الجغرافية فحسب، ولكن أيضاً على المعتقدات وارتباط المعالم الطبيعية بالأسطورة التي شكلت أحد أهم المعالم السياحية في منطقة حمام دباغ.

أصبحت الجغرافيا الأسطورية محجاً لآلاف الزوار سنوياً؛ للاستمتاع بفوائد مياهها، وفي محاولة لحل أحجيتها وفهم الأسطورة خلفها.

التسمية من المسك والطين أم من السخط؟

هناك من يقول إن تسمية المنطقة بـ"حمام مسخوطين" راجعة إلى أن السكان القدامى بها كانوا يتداوون بالمسك والطين. ولما أتى الاستعمار الفرنسي ومع صعوبة اللغة العربية على جنوده وضباطه، أصبحوا يقولون له "مسكوطين" وهكذا مع الزمان أصبح "حمام مسخوطين".

ولكن أغلب السكان يرجحون أن التسمية أتت من سخط الله على كُفر الناس ولعنه لهم، كما تقول الأسطورة.

الرحالة الفرنسي فون ملشتان يؤرخ أسطورة "حمام المسخوطين"

كانت منطقة "حمام المسخوطين" تحت سيطرة الفرنسيين خلال سنة 1836. انتشرت أسطورة بين السكان المحليين سجلها الرحالة فون مالشتان في كتاب له بعنوان "ثلاث سنوات في شمال إفريقيا". ومحتوى هذه الأسطورة أن ملكاً اسمه سيدي أرزاق تزوّج الكثير من النساء، وكانت له أخت جميلة جداً أراد الزواج بها أيضاً، فمسخ اللّه كل من حضر حفل الزفاف، وتحوَّل العروسان والحضور إلى صخور، وهذا ما تمثَّله مساحة واسعة بقلب المدينة وقرب الشلال العجيب تدعى منطقة "العرايس".

ويعتقد الناس أن الطهاة تحوّلوا إلى مياه حارة، وقِطع اللحم والشحم التي تملأ القدور تحولت لشلالات حارة أيضاً.

هذه التفاسير التي قدمها المسلمون بشأن الأسطورة كانت كلها تصب في الوعظ ودفع الناس إلى الابتعاد عن المحرمات، وإلا فسينزل بهم غضب اللّه، مثلما حصل مع هؤلاء، وبالتالي فقد وظّفت "القضية" في إطار ديني وأخلاقي، وهذا ما يرجّح سبب تسمية "حمام المسخوطين" من قِبل السلطات الفرنسية الاستعمارية منذ سنة 1839.

ابتلعت الينابيعُ بعثة إنجليزية حاولت اكتشاف أغوارها

في الحقبة الاستعمارية الفرنسية، تم اكتشاف غريب جداً في "حمام المسخوطين"، وهو بحيرة باطنية ظهرت بعد انفجار مهول، طولها خمسون متراً وعرضها ثلاثون متراً.

وأثناء الحرب العالمية الثانية، قامت بعثة إنجليزية برحلة استكشاف لأغوار كهوف المسخوطين، لكنها اختفت بعد ذلك في ظروف غامضة، ويعتقد السكان المحليون أن مردة البحيرات الجوفية هذه هم من كانوا وراء هذه الحادثة الميتافيزيقية.

أهم المعالم السياحية والأثرية في "حمام المسخوطين"

تعتبر بلدية حمام الدباغ منطقة سياحية بالدرجة الأولى وتأتي الفلاحة في الدرجة الثانية بعد السياحة. نظراً إلى كونها غنية بالموارد المائية الطبيعية والمعالم الأثرية، فقد بُنيت فيها العديد من المنشآت السياحية والاستشفائية. لذلك تعتبر منطقة سياحية واستشفائية يقصدها اليوم الزوار من كل أنحاء الوطن وحتى من الخارج بقصد التمتع بالمناظر الطبيعية ومن أجل العلاج. ومن بين أهم المنشآت والمناطق السياحية:

بئر بن عصمان الموجودة بمنطقة السنقط وهي عبارة عن بئر باطنية غامضة

العرائس التي تتوسط المدينة

 الفوَّارة الموجودة في أعلى الشلال

مركب حمام الشلالة وهو عبارة عن مركب سياحي كبير متعدد الخدمات

 مركز الراحة لعمال البريد والمواصلات

 مركز الراحة والاستشفاء للمجاهدين

سد بوحمدان الذي يعتبر من أكبر السدود في الجزائر توجد فيه مناظر طبيعية خلابة، مما جعل السياح يتوافدون عليه قصد الصيد والاستجمام

إضافة إلى حمامات معدنية استشفائية

أما بخصوص المنشآت الأثرية:

متحف تاريخي كان عبارة عن كنيسة المعمرين الفرنسيين.

 جدار الصين العظيم بمنطقة السنقط.

وجود مقابر اكتشفت حديثاً يقال إنها من العهد الروماني.

علامات:
تحميل المزيد