يختفي خلف ستار الأضواء البراقة لعالم الموضة جانب مظلم مليء بسلسلة من الاعتداءات التي تتعرض لها عارضات الأزياء، خصوصاً اللواتي يتعرضن لاعتداءات جنسية ويتم استغلالهن، لكن وبينما يفضل البعض منهن السكوت عما يتعرضن له، تمتلك أخريات الجرأة ليروين أسرار ما يحدث لهن.
شجاعة على الحديث: صحيفة The Times البريطانية، قالت الأحد 27 سبتمبر/أيلول 2020، إن آثار حملة "أنا أيضاً #MeToo"، التي أطلقتها نساء حول العالم للكشف عن الاعتداءات الجنسية التي تعرضن لها، وصلت إلى عالم صناعة الأزياء.
الصحفية ليزا برينكورث كتبت في الصحيفة أنه على مدار سنوات قضتها في التحقيق حول صناعة الأزياء، وجدت جداراً من الصمت يُبقي على الانتهاكات طيّ الكتمان.
في الأسبوع الماضي، قالت صحيفة The Times إن برينكورث، قُدِّمَت شهادتها إلى المدعى العام الفرنسي لطلب التحقيق في المزاعم التي تقدّمت بها أربع سيدات، أملاً في أن يُشجِّع ذلك النساء الأخريات على الشعور بأنهن يستطعن الحديث.
الرجل المتهم في هذه الشهادة هو جيرالد ماري، رئيس وكالة Elite لعارضات الأزياء في باريس أواخر التسعينيات، والذي يُعتبر العصر الذهبي لعارضات الأزياء، وكان ماري شخصية نافذة تتمتّع بعلاقاتٍ قوية، وكان الرجل المنشود لكل من حلمت بأن تصير نجمة في عالم الأزياء.
الصحفية كتبت تقول إنها كانت في الحادية والثلاثين من عمرها حين التقيت ماري، بعد مضيّ عامٍ واحد من تحقيق أجرته واستمر لثلاث سنوات، وتظاهرت بأنها عارضة أزياء في ميلان. وفي ليلة الخامس من أكتوبر/تشرين الأول عام 1998، كانت تتناول العشاء داخل مطعمٍ أنيق، جالسةً بين ماري ومديرٍ تنفيذي آخر.
تضيف الصحفية أنه بانتقالهم إلى ملهى ليلي مُجاور، اقترب ماري من الكرسي الذي كانت تجلس عليه وقالت إنه اعتدى عليها، وقالت في تلك اللحظة: "شعرت بأنني تحوّلت من صحفية إلى ضحية".
صمت على الاعتداء: يعود السبب في حديث الصحفية برينكورث الآن، إلى أنه خلال السنوات الخمس الماضية تحدثت إلى نساءٍ أخريات تعرّضن للاغتصاب والاعتداء داخل صناعة الأزياء. بينما واصل غالبية المعتدين العمل دون إجراء تحقيقٍ كامل.
من بين الذين أوردت الصحيفة البريطانية قصههن، كاري أوتيس، وهي واحدةٌ ممن تقدموا بادعاءات ضد ماري، وتزعم أنه اغتصبها وهي في الـ17 من عمرها، وحينها كانت عارضة الأزياء والممثلة (51 عاماً الآن)، التي صارت بعدها نجمةً لحملات Calvin Klein وGuess Jeans، تبدأ حياتها المهنية في الصناعة.
بينما قالت جيل دود في شهادتها إنها كانت في العشرين من عمرها حين اغتصبها ماري، وكانت جيل (60 عاماً الآن) قد التقته أثناء زيارته للوس أنجلوس بحثاً عن مواهب جديدة للانضمام له في Paris Planning، الوكالة التي كان يُديرها قبل Elite.
وحين جرى التواصل مع ماري من أجل الحصول على تعليقٍ بشأن الادعاءات التي تقدّمت بها النساء الأربع، قال ماري: "لن يكون من اللائق بالنسبة لي التعليق في الوقت الحالي على ادعاءات ضدي بارتكاب مخالفات تاريخية، ولا يسعني سوى إيضاح أنني أُنكر تلك المزاعم تماماً".
استغلال للعارضات: التحقيق الذي أجرته الصحيفة كشف أيضاً أن عارضات أزياء صغيرات السن تم نقلهن جواً إلى وجهات غير معلومة من أجل الاحتفال مع رجال أثرياء ونافذين.
بحسب الصحيفة تعود العارضات في حالة صدمة شديدة تمنعهن من الكلام، وقالت إحدى عارضات الأزياء سابقاً، إن السبب وراء صعوبة كشف المعتدين في الصناعة هو أنها تُؤدّي في جوهرها دور تسهيل الاعتداء.
وأُدرج اسم ماري بي أندرسون على القائمة السوداء في عالم الموضة، بسبب تصدّيها للاعتداءات. وقالت: "لا يزال السلوك الاعتدائي مستمراً بنسبة 100%. وأتحدّث باستمرار إلى نساءٍ في الصناعة تعرّضن للاعتداء، وأساعدهن على التعامل مع الصدمات التي تعرّضن لها".
وقالت الصحفية برينكورث إنها تأمل من النساء أن يمتّعن بالشجاعة الكافية لرواية قصصهن، وأن يمثل ذلك نقطة انطلاقٍ للعديدات.