جعلت جائحة كورونا العالم مكاناً أسوأ للعديد من الناس وتحديداً النساء والأطفال، ولعل واحدة من أكثر الطرق غير المتوقعة هي الاتجار بالبشر أو "العبودية الحديثة".
وتشير التوقعات إلى أن ما لا يقل عن 70 مليون شخص سيصبحون تحت خط الفقر المدقع، وفقاً لتقدير حديث للبنك الدولي، ومن المرجح أن يقبل العمال اليائسون عروض عمل محفوفة بالمخاطر أو قروضاً بفائدة عالية للبقاء على قيد الحياة، فقط لينتهي بهم الأمر في الوقوع بأوضاع استغلالية، فضلاً عن ازدهار الاتجار بالفتيات والنساء للعمالة المنزلية أو الجنسية على حد سواء، واللواتي يشكلن أكثر من 70% من هؤلاء الضحايا، بحسب تقرير الأمم المتحدة.
وفي معظم الحالات التي تم الكشف عنها، يتعرض الأشخاص للاتجار لأغراض الاستغلال الجنسي؛ كما يتعرضون للاتجار لأغراض السخرة وتجنيد الأطفال وغير ذلك من أشكال الاستغلال والانتهاك.
والسؤال الذي يطرح نفسه: إذا كان منطق الاتجار بالبشر مدفوعاً بالفقر والجهل، فما الدول التي تستقبل هؤلاء الضحايا، وما الدول التي ينتمي إليها هؤلاء؟
أولاً، نتطرق إلى التعريف القانوني لجريمة الاتجار بالبشر، حيث إن العديد من الضحايا لا يدركون أنهم وقعوا في فخ العمالة ويتجهون إلى مصيرهم المجهول دون أي شك أو إدراك.
حسبما أشارت الأمم المتحدة فإن التعريف القانوني لهذه الجريمة الإنسانية هو ما يلي:
الفعل
استقدام أو نقل أو إيواء أو استقبال الأشخاص.
الوسائل
التهديد أو استخدام القوة أو الإكراه أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو إساءة استخدام السلطة أو ضعف الآخرين، أو تقديم مدفوعات أو مزايا لشخص يتحكم في الضحية.
الغرض
الاستغلال، وضمن ذلك استغلال بغاء السيدات، والاستغلال الجنسي للأطفال، والسخرة، والرق أو الممارسات المماثلة، ونزع الأعضاء.
حكومات دول متورطة في الاتجار بالبشر
في تقريرها السنوي، أدرجت وزارة الخارجية الأمريكية، في شهر يونيو/حزيران 2020، مجموعة 10 دول قالت إنها متورطة في تهريب البشر برعاية رسمية.
ومن بين المجموعة: أفغانستان والصين وإريتريا وإيران وكوريا الشمالية وروسيا وجنوب السودان وسوريا وتركمانستان وفنزويلا.
وفي العام 2019، أصدرت الوزارة تقريراً مشابهاً يصنف الدول إلى Tier 1، وTier 2 ، وTier 3، بحيث تشكل الدول في خانة Tier 3 أسوأ الدول التزاماً بتطبيق قانون مكافحة الاتجار بالبشر.
تضمنت اللائحة 6 دول عربية، جاء ترتيبها بالشكل التالي:
- غينيا
- إريتريا
- إيران
- كوريا الشمالية
- جمهورية إفريقيا الوسطى
- موريتانيا
- سوريا
- الجزائر
- غينيا بيساو
- روسيا
- فنزويلا
- الكويت
- ليبيا
- اليمن
- زيمبابوي
الولايات المتحدة من أسوأ الدول
لكن الولايات المتحدة ليست خالية من هذا الوباء، إذ تم تصنيفها في العام 2018 كواحدة من أسوأ الدول التي تشهد الاتجار بالبشر، إلى جانب المكسيك والفلبين.
وبحسب تقرير نشرته قناة Fox News، فإن الطلب العالي على استغلال الضحايا جنسياً دفع المتاجرين إلى تلبية الطلب بأطفال من مواليد الولايات المتحدة بعدما كانوا يُحضرونهم من تايلاند ودول أخرى في شرق آسيا.
وقال الشريك المؤسس لمعهد الولايات المتحدة لمكافحة الاتجار بالبشر جيف روجرز، لـFox News، إن نحو 60% من هؤلاء الأطفال يُحضرون من دور الرعاية والتبني.
ووفقاً لتقرير صادر عن وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية، يعتبر أكثر من 300 ألف من الشباب في أمريكا معرَّضين لخطر الاستغلال الجنسي.
وتشير التقديرات أيضاً إلى حدوث 199 ألف جريمة اتجار داخل الولايات المتحدة سنوياً.
بدورها أصدرت جمعية مكافحة الاتجار بالبشر CTDC تقريرها لعام 2020، مشيرة إلى أن عدد الحالات المعلومة حتى الآن نحو 109 آلاف، بينما تبلغ جنسيات المخطوفين 175، وعدد الدول التي تشهد هذه الحالات 164 دولة.
أما موسوعة Britannica البريطانية فقدَّرت الرقم بنحو مليون شخص يتم تهريبهم كل عام على مستوى العالم، وأن ما بين 20 و50 ألفاً يتم تهريبهم إلى الولايات المتحدة، واحدة من كبرى وجهات ضحايا تجارة الجنس (تحديداً ولايات تكساس وأوهايو وجورجيا وكاليفورنيا وفلوريدا).
ثالث أكبر جريمة منظمة
وعبر استغلال المستضعفين، طوَّر تجار البشر صناعة تقدَّر بمليارات الدولارات، من خلال استغلال أولئك الذين يُجبرون أو يرغبون في الهجرة.
لهذا السبب، يتزايد الاعتراف بالاتجار بالمهاجرين كشكل من أشكال الجريمة المنظمة للاتجار بالبشر.
وقد تشمل شبكات الاتجار المجرمين المستقلين وصولاً إلى الجماعات الإجرامية المنظمة الكبيرة.
وتُعد هذه الجريمة المنظمة ثالث أكبر تجارة غير شرعية درّاً للأرباح بعد تجارة المخدرات والأسلحة، بدخل سنوي يقدّر بنحو 32 مليار دولار.
ومع إعادة فتح الاقتصادات واستعادة عجلة الإنتاج حول العالم، يمكن أن تتوقع الشركات وصانعو السياسات- وينبغي أن يخططوا- زيادة إمكانية العمل القسري واستغلال مواطني الدول الفقيرة.
الضغط لتلبية الطلب المتزايد سيحفّز بعض الشركات على اتباع طرق مختصرة وتوفير التكاليف التي قد تؤدي إلى تفاقم الاتجار بالبشر أو العبودية الحديثة.