أنتج الصراع المحموم بين عصابات المخدرات المكسيكية مشهداً مروعاً باكتشاف 19 جثة مشوَّهة في مدينة غرب العاصمة، تسع منها عُلِّقت شبه عارية على جسر المدينة.
ويُزعَم أن عصابة "جيل غاليسكو الجديد"، ذات النفوذ المتزايد، هي المسؤولة عن مذبحة مدينة أوروابان التي تبعد 400 كيلومتر عن العاصمة مكسيكو سيتي، ووضعت العصابة لافتةً بيضاء كبيرة بجوار جثث ضحاياها المتدلية، وفقاً لما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية.
وكُتب على اللافتة: "أيها الشعب المحبوب، واصلوا حياتكم"، وتحتها الحروف الأولى لاسم العصابة باللون الأحمر، CJNG.
وأفادت الأنباء بأن 10 جثث أخرى على الأقل قد عُثِرَ عليها مُقطعةً ومليئة بالأعيرة النارية ملقاة في موقعَين قريبين.
تجارة المخدرات هي سبب الصراع
وأرجع النائب العام لولاية ميتشواكان، أدريان لوبيز سوليس، هذه المذبحة إلى صراع بين العصابات المتنافسة من أجل السيطرة على تجارة المخدرات في المنطقة. وقال إن القوات انتقلت للتحقيق في الجرائم وإلقاء القبض على الجناة.
وقال فالكو إرنست، الباحث بمنظمة مجموعة الأزمات الدولية الذي يدرس العصابات المكسيكية، إن مذبحة هذا الأسبوع تهدف بشكل واضح إلى ترهيب المجموعات الإجرامية المنافسة، وعائلات أفرادها، فضلاً عن السلطات المكسيكية.
وقال إرنست إن سبب المذبحة يرجع جزئياً إلى صراع السيطرة على تجارة المخدرات محلياً في أوروابان.
ولكن الحافز الأهم هو الصراع من أجل تجارة الأفوكادو في المنطقة والتي تُقدّر قيمتها بمليار دولار. وقال: "عنصر الجذب الأكبر هنا هو الأفوكادو" .
وقال إرنست إن ثلاث مجموعات مسلحة على الأقل تتقاتل حالياً من أجل السيطرة على مدينة أوروابان؛ عصابة "جيل غاليسكو الجديد"، وعصابة "فرسان الهيكل"، و "لاس فياغراس"، التي تعد جزءاً من منظمة أكبر تُسمى "عائلة ميتشواكان الجديدة" .
هذه الجرائم ليست غريبة في المكسيك!
ربما لا تبدو مشاهد الجريمة المروعة غريبة في المكسيك، حيث شهدت العام الماضي 35,964 جريمة قتل.
ولكن عصابة جيل غاليسكو الجديد أصبحت مشهورة باستعدادها لتحدّي السلطات المكسيكية بعروض علنية وقحة لاستعراض قوتها بوحشية.
في شهر مايو/أيار، أظهرت لقطات فيديو أعضاء من العصابة مدججين بالسلاح، ويتجولون في زامورا، مدينة أخرى في ميتشواكان، في سيارات تحمل شارات العصابة.
واشتبكت العصابة في هذا اليوم مع الشرطة المحلية، وأفادت الأنباء بسقوط أربعة ضباط على الأقل قتلى في تلك الاشتباكات.
وتنفرد أوروابان بمكانة لا تُحسد عليها في تقاليد تهريب المخدرات المكسيكية. في عام 2006، شهدت المدينة دحرجة خمسة رؤوس مقطوعة على ساحة الرقص بأحد الملاهي الليلي من قِبل رجال إحدى العصابات، وتصدّر هذا الهجوم البشع العناوين الإخبارية الرئيسية في أنحاء العالم، وساعد الرئيس المكسيكي وقتئذ، فيليبي كالديرون، على شن الحرب على المخدرات، والتي استمرت لست سنوات كارثية.
وأدى هذا الهجوم الفاشل على العصابات إلى فترة غير مسبوقة من سفك الدماء، وارتفعت معدلات القتل في جميع أنحاء البلاد منذ ذلك الحين تقريباً.
إعادة التفكير في إنشاء جهاز أمني لمحاربة الجريمة
وخلال حملته الانتخابية، وعد أندريس مانويل لوبيس أوبرادور، الذي أصبح رئيس المكسيك منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، بإعادة التفكير في حرب بلاده ضد الجريمة. وأنشأ جهازاً أمنياً جديداً أطلق عليه "الحرس الوطني" وتعهَّد بمعالجة الجذور الاجتماعية للجريمة من خلال تقديم منح دراسية للمراهقين المحرومين.
ولكن بعد ثمانية شهور من فترة رئاسة لوبيس أوبرادور لم تظهر أي علامات للتحسن. وتظهر الأرقام الرسمية وقوع 17,608 جريمة قتل على الأقل خلال النصف الأول من هذا العام.
وقالت صحيفة La Voz de Michoacán المحلية إن هذا العام، بسبب قتال الجماعات المسلحة من أجل السيطرة والتفوق في ميتشواكان، وجدت ولاية ميتشواكان نفسها في قلب العاصفة بعدد 963 جريمة قتل منذ شهر يناير/كانون الثاني.
حتى العاصمة مكسيكو سيتي، الذي تعتبر جزيرة منعزلة نسبياً عن هذه الصراعات، شهدت ارتفاعاً كبيراً في معدل الجريمة هذا العام.