أغنى شقيقتين في ألمانيا، وصاحبا نصف أسهم "BMW" يشتكيان من حالهما ويتساءلان: "مَن يريد أن يتبادل مكانه معنا؟"
قوبلت تصريحات الشقيقين، اللذين يمتلكان قرابة نصف أسهم شركة السيارات الشهيرة "BMW"، حول معاناتهما من حياتهما الصعبة، بالدهشة، وحتى بالانتقاد في ألمانيا، لاسيما أن الشقيقين بالَغَا في الشكوى، بل تساءلا إن كان هناك أحدٌ يريد أن يتبادل مكانه معهما.
يفترض أن هذين الشخصين هما اثنان من أسعد البشر على وجه الأرض.
فـ "37.5 مليار يورو" هي مجموع ثروتي الشقيقين سوزانه كلاتن (57 عاماً) وشتيفان كواندت (53 عاماً).
كما أن هذه الثروة أغلبها مركّز في الشركة التي يتمنَّى كثير من الناس مجرد شراء منتجاتها، شركة BMW، المتخصصة في صناعة السيارات الفاخرة.
لكن، ورغم ذلك فقد عبَّر الشقيقان بطريقة مثيرة للدهشة عن معاناتهما في العمل، إضافة إلى الشكوى مما تفرضه شهرتهما عليهما من قيود.
وقوبل تساؤل شتيفان كواندت تحديداً "من يريد أن يكون مكاننا" بالسخرية والاستنكار في ألمانيا.
واللافت أن أخته أيدت كلامه، حتى لو رأت فيه بعض المبالغة
إذ قالت سوزانه في مقابلة مشتركة مع مجلة مانجر ماغازين، إن امتلاك مثل هذه الثروة الضخمة يوجد به جوانب شخصية ليست جميلة، كأن يكون المرء طوال الوقت مرئيّاً ومعرّضاً للخطورة.
كيف وصلت إليهما كل هذه الثروة الضخمة؟
وورث الشقيقان قسماً كبيراً من ثروتهما من والدهما هيربرت كواندت، الذي ساهم في إنقاذ شركة "BMW" في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، وانتقلت أغلب الثروة لهما على هيئة أسهم في شركة BMW الشهيرة للسيارات.
وأوضحت سوزانه أنها تشعر بأنه يُساء فهمهما عندما يُشار باقتضاب إلى مكاسبهما من الأسهم، مع إخفاء الباقي المرتبط بذلك، مستشهدة بصياغة شقيقها مرة -على نحو مبالغ فيه لكن بطريقة صائبة- سؤالاً هو: "من يريد أن يبدّل مكانه معنا؟".
يخت على البحر المتوسط.. إنهما يشكوان من انتشار صفة الحسد في ألمانيا
وقالت إن بعض الناس يعتقدون أنهما يجلسان طوال الوقت على يخت في البحر المتوسط دون أن يفعلا شيئاً، لكنهما في الحقيقة يعملان بجد يومياً لأجل ذلك، لافتة إلى أنه إلى جانب ذلك هناك الحسد، الصفة الواسعة الانتشار في ألمانيا.
وكانت حصة أرباح الشقيقين، العام الماضي، من أسهم BMW فقط، مليار يورو.
عن ذلك المبلغ قالت في المقابلة، إن الكثير من الناس يعتقدون أنهم يحصلون على هذه الأرباح من دون بذل جهد.
قصة الحلم الذي ضاع بسبب المسؤولية المبكرة
"إعادة توزيع الثروة في المجتمع أمر لا ينجح"، حسب سوزانه.
فقد أعربت عن اعتقادها بأن إعادة توزيع الثروة لا ينجح، وأن المجتمع العادل هو الذي يسمح للناس باغتنام الفرص وفقاً لقدراتهم، ويتيح لهم تطوير إمكاناتهم.
وقالت إن إمكاناتهما تجلَّت في أن يكونا وريثين ناجحين، وأن يطوّرا ثروتَهما، مؤكدة أنهما يعملان كل يوم بجِدٍّ على تحقيق ذلك.
ورغم أن الشقيقين مرتاحان لدوريهما، لكنهما أشارا إلى كفاحهما للتأقلم في البداية مع تبوء مناصب ذات مستوى عالٍ في عمر صغير.
فقال شتيفات كواندت إنه كان يودّ دراسة هندسة العمارة أو العمل لبضع سنوات كمدير إنتاج "بسيط"، لكنه كان في مطلع الثلاثينيات من العمر فحسب، توجب عليه تحمل المسؤولية، وأخذ مقعداً في مجلس إدارة شركة BMW.
وأكد أنه المال ليس هو دافعهما الوحيد، بل فوق كل شيء يؤمنان بأن لديهما مسؤولية حيال تأمين الوظائف في ألمانيا.
وتمتلك كلاتن أسهماً في شركة "Altana AG" للكيماويات، و "SGL Carbon SE" لإنتاج الكربون، فيما لشقيقها كواندت أسهم في شركة Logwin AG اللوجستية وHeel الطبية.
وكانت سوزانه قد أعلنت في العام 2016 عن تبرعها بـ100 مليون يورو لمشاريع ذات نفع عام.
بماذا ردَّ الألمانُ على اقتراح تبادل الأدوار مع مالكي حصة الأسد في BMW؟
نشر النائب عن حزب "لينكه" اليساري، نيما موفاسات، صورة للمقابلة، مشيراً إلى إعلان الأخوين عن بحثهما عن أناس يرغبون في أخذ دورهما، والمليارات التي يملكانها.
وقال إنه شخصياً لا يريد الثروة، بل مع تأميم شركة BMW، وفرض ضريبة على الأغنياء مقدارها 75%، حينما تتجاوز الثروة مليوني يورو، وبذلك سيستفيد المجتمع بأكمله من ثروة كلاتن وكواندت، مضيفاً بسخرية، أنهم سيقومون بذلك بتحرير مالكي BMW من عبئهما الثقيل.
وعبَّر الكثيرون عن استعدادهم لقبول العرض. فقال رجل يدعى أندرياس كروغر مازحاً، إنه يعرض نفسه طوعاً لتولي هذه المسؤولية الاستثنائية، حتى قبل قراءة المقابلة، ويأمل ألا ينزعج الاثنان إن بدأ يفعل بمالهما شيئاً مجدياً، حسب قوله.
وقال مغرّد إن المرء يبدأ بسؤال نفسه حين يقرأ تصريحهما إن كانا لم يفقدا صوابهما بعد، مخمناً أن 99% من سكان ألمانيا سيقبلون بتبادل الأدوار معهما.
وانتقدت الكاتبة والسياسية يوليا شرام تباكي الشقيقين. وبيَّنت أن إظهارهما أنفسهما بأنهما ضحية لثرائهما، وأن هذا الثراء يصعب تحمله، خاصة عند وضع تحقيق BMW الأرباح أيضاً من العمل القسري النازي، في عين الاعتبار.
وعبّرت عن استعدادها لتبادل الأدوار مع كلاتن، وتحمّل المسؤولية "المريعة" وأخذ المليارات بسرور.
تجدر الإشارة إلى أنه خلال الحرب العالمية الثانية كانت الشركة تزود الجيش الألماني بالسيارات ومحركات الطائرات، ومع زيادة الطلب تم تجنيد عمال السخرة والمدانين والسجناء من معسكرات الاعتقال، للمساعدة في عملية التصنيع.
هل يتوجب على الناس التعاطف معهما الآن؟
"سوزانه كلاتن محقّة "، هكذا علَّق ميشائيل هارتمان أشهر باحث في شؤون النخبة، على تصريحات أغنى شقيقين في ألمانيا.
ونقلت صحيفة "بيلد" عن الباحث قوله إن سوزانه كلاتن محقة بتأكيدها على أنهما لم يهدرا ميراثهما على متعتهما، بل يعملان بكدٍّ، لكنه اعتبر تساؤل كواندت عمَّن يريد تبادل الأدوار معهما يظهر انفصالهما عن الواقع.
وقال من الطبيعي أن يسخر الكثيرون من الشعب الألماني، الذين يعملون بكدٍّ أيضاً، من اعتقاد هذين المليارديرين أنَّه ليس هناك مَن يرغب في أخذ مكانهما لمجرد عملهما بجدٍّ، وكثرة مسؤولياتهما.