أعلن علماء الآثار اكتشاف أكثر من 100 نقشٍ منحوتٍ على الصخر في منجمٍ قديم استخدمه المصريون لاستخراج حجر الجمشت، وذلك بوادي الهودي الواقع في الصحراء الشرقية بجنوب مصر، وفقاً لتقرير نشره موقع Live Science الأمريكي.
علماء آثار يكتشفون نقوشاً تعود لعام 3900
وحسب الموقع الأمريكي، اكتشف فريق التنقيب كذلك نقوشاً منحوتة على ألواحٍ حجرية وفُخَّار. وعُثِر على مجموعةٍ من النقوش المثيرة للاهتمام، بشكلٍ خاص، على لوحٍ حجري غامض يبلغ عمره 3400 عام، ويعود تاريخه إلى وقتٍ يعتقد الباحثون أنَّ المنجم قد هُجِر فيه.
كانت هذه النقوش باسم أوزيرساتيت، وهو مسؤولٌ كبير كان نائب الملك في مملكة كوش التي كانت واقعة بجنوب مصر. ويشعر علماء الآثار بالحيرة، متسائلين عن السبب الذي قد يدفع شخصاً ما إلى تكبُّد عناء نقل هذا اللوح إلى الموقع وتركه هناك.
وتمكَّن الاختصاصيون من تحديد أنَّ بعض النقوش يعود تاريخها إلى نحو 3900 عام، وهو الوقت الذي يشير إليه علماء الآثار باسم "المملكة الوسطى". بينما يرجع تاريخ بعض النقوش الأخرى إلى نحو 2000 سنة.
وقيل إنَّ الجمشت كان يحظى بشعبية في مصر بهذا الوقت، لا سيما بعدما علم الفراعنة أنَّ وادي الهودي كان مصدراً غنياً به.
كانت منقوشة على حجر الجمشت
من جانبها قالت كيت ليشيكا، مديرة بعثة وادي الهودي، لموقع Live Science: "حالما وجد (الفراعنة) ذلك الموقع، صاروا متحمسين لاستخراج (الجمشت) منه".
وأضافت ليشيكا أنَّ الفراعنة في عصر المملكة الوسطى كانوا يستخرجون حجر الجمشت ويُحضرونه معهم، ويحولونه إلى مجوهرات كانوا يهبونها إلى غيرهم.
ويأمل علماء الآثار أن تساعدهم النقوش على فهم المزيد عن تاريخ وادي الهودي في أثناء عصر المملكة الوسطى.
وقالت ليشيكا إنَّ أحد الأسئلة الكبرى هو: هل كان عمال المناجم عبيداً؟ إذ قال باحثون إنَّ بعض النقوش تبدو كأنها تشير إلى أنَّ عمال المناجم يفخرون بجهودهم، وهو ما يعني أنهم ربما اختاروا العمل هناك طواعيةً.
بينما ظهر مؤشرٌ آخر على أنَّ العمال ربما لم يكونوا عبيداً، وهو عدم العثور على جثث في المنطقة. فالعمال الذين كانوا يلقون حتفهم في المنجم، كانت جثثهم تُعاد إلى المدينة، لدفنها في توابيت، أمَّا العبيد، فكانوا يُدفنون بالموقع.
وتكشف النقوش عن تفاصيل مثيرة
تشير النقوش كذلك إلى وجود جنود كانوا يراقبون المناجم، وهو ما جعل الخبراء يتساءلون: هل كان هؤلاء الجنود يراقبون عمال المناجم لحمايتهم، أم أنَّهم كانوا هناك لضمان استمرار العبيد في العمل؟
وهناك سؤالٌ آخر أيضاً يأمل الباحثون إيجاد إجابة له، وهو: كيف تمكنت الحكومة المصرية آنذاك من توصيل المياه إلى عمال المناجم؟ إذ ذكر موقع Live Science أنَّ أقرب بئر، تقع على بُعد ميلين تقريباً (نحو 3 كيلومترات) من المنطقة، وليس معروفاً ما إذا كانت هذه البئر موجودة في عصر المملكة الوسطى، أم كانت غير موجودة.
جديرٌ بالذكر أنَّ الباحثين يستخدمون بعض التقنيات، من بينها النمذجة ثلاثية الأبعاد والتصوير المنعكس التحويلي، لمساعدتهم في العثور على نقوش جديدة، والبحث عن مزيدٍ من البقايا القديمة، وتحليل الاكتشافات السابقة.