قالت صحيفة The Daily Mail البريطانية إن موت الإسكندر لغز كبير حيّر المؤرخين لفترة طويلة، ولكن قد يكون حل هذا اللغز قد تكشّف أخيراً، خاصة بعدما خلصت النظريات السابقة إلى أنه مات بسبب العدوى أو إدمان الكحول أو مقتولاً.
لكن دراسة جديدة قالت إنه لقي مصرعه جرّاء إصابته بمتلازمة غيلان باريه التي تسبب اضطراباً عصبياً، وقد تؤدي إلى شلل المصابين بها. ويُقال إن إصابته بالمرض قد بدأت بعد "حفلة سُكر"، تزعم بعض التقارير أنه تجرع فيها 12 كأساً دفعة واحدة، وأتبعها بـ 12 كأساً أخرى في اليوم التالي. حسبما نشرت صحيفة The Daily Mail البريطانية.
وذكرت التقارير أنه بعد انتهاء الحفل، أصبح الإسكندر الأكبر "مريضاً" وتوفي بعد أحد عشر يوماً.
تحليل جديد يشير إلى طريقة موت الإسكندر الأكبر
ولكن، يشير التحليل الجديد إلى أن الأطباء ربما يكونون قد أعلنوا وفاته قبل الأوان؛ إذ يقول الخبراء الآن إنه من المحتمل أنه كان مستلقياً وهو مشلول الحركة -ولم يكن ميتاً- لمدة ستة أيام أخرى قبل أن يموت بالفعل.
يمكن لهذا السيناريو أن يفسر السبب وراء أن جسد الإسكندر قد ظل سليماً لمدة ستة أيام، قبل أن يبدأ في التحلل بعد إعلان وفاته، على الرغم من أجواء البحر المتوسط الحارة.
وفي مقالة نُشرت في مجلة The Ancient History Bulletin، تقول الدكتورة كاثرين هول، وهي أحد كبار المحاضرين في كلية طب دنيدن التابعة لجامعة أوتاغوا النيوزلندية وأحد المختصين في التجارب السريرية، إنّ النظريات السابقة حول وفاته عام 323 قبل الميلاد لم تكن مُرضية، لأنها لم تفسّر الحدث بأكمله.
وقالت: "كنت أرغب في إثارة مناظرات ومناقشات جديدة، وربما إعادة كتابة كتب التاريخ بذكر أن توقيت وفاة الإسكندر الأكبر الحقيقي كان بعد ستة أيام من التوقيت الذي أُجمع عليه سابقاً".
وأضافت: "قد تكون حالة وفاته هي أشهر حالة من حالات الموت الزائف، أو التشخيص الخاطئ بالموت، يسجلها التاريخ على الإطلاق".
وأصيب بالشلل والحمى قبل وفاته مباشرة
وإلى جانب تحلل الجسد المتأخر الذي ذكرته التقارير، قيل إن الرجل البالغ من العمر 32 عاماً أصيب بالحمى؛ وألم في البطن؛ وشلل تصاعدي، ومنتظم، وتدريجي؛ ولكن عقله ظل سليماً قبل وفاته مباشرة.
وهناك خمس روايات فقط تصف وفاته في بابل عام 323 قبل الميلاد، ظلت بالكاد محفوظة حتى يومنا هذا.
ولكن لم يروِ شاهد عيان أياً منها وتتعارض كلها مع بعضها بدرجات متفاوتة.
وفقاً لإحدى الروايات من العصر الروماني، مات الإسكندر وترك مملكته "للأقوى" أو "الأجدر" من كبار ضباطه.
وفي رواية أخرى، مات الإسكندر الأكبر في صمت وهو غارق في غيبوبة، دون تقديم أي وصية عمَّن يخلفه.
وقالت الدكتورة كاثرين: "لم تقدم أي من تلك الروايات إجابة شافية تعطي تفسيراً معقولاً ومجدياً لحقيقة سجلها مصدر واحد على وجه الخصوص، وهي أنه لم تظهر أي علامة من علامات التحلل على جسد الإسكندر لمدة ستة أيام بعد وفاته".
وأضافت: "يعتقد الإغريق القدماء أن هذا علامة على أن الإسكندر كان إلهاً، وهذه المقالة هي الأولى التي تقدم جواباً واقعياً".
وتقول رواية أخرى أنه أصيب بالاعتلال العصبي الحركي الحاد
تعتقد الدكتورة كاثرين أن تشخيص الإصابة بمتلازمة غيلان باريه، وهي تأتي من الإصابة بعدوى الملوية البوابية (وكانت شائعة في ذلك الوقت وسبب شائع للإصابة بمتلازمة غيلان باريه)، اجتاز اختبار الحقائق العلمية بنجاح، من المنظورين الكلاسيكي والطبي.
وتركز معظم المناقشات حول سبب وفاة الإسكندر على الحمى وألم البطن اللذين أُصيب بهما.
ومع ذلك، تقول الدكتورة كاثرين إن الرواية القائلة إن عقله ظل سليماً لم تلق سوى قدر ضئيل من الاهتمام.
وتعتقد أنه أصيب بالاعتلال العصبي المحوري الحركي الحاد، وهو أحد أعراض متلازمة غيلان باريه، الذي أدى إلى إصابته بالشلل، ولكن دون اختلال أو فقدان الوعي.
وتقول إن وفاته ازدادت تعقيداً بسبب الصعوبات في تشخيص الوفاة في العصور القديمة، والتي اعتمدت على فحص التنفس وليس النبض.
ومن شأن هذه الصعوبات، بالإضافة إلى نوع الشلل الذي أصاب جسده (الذي يحدث عادة نتيجة الإصابة بمتلازمة غيلان باريه) وانخفاض استهلاك الأكسجين، أن تقلل من ظهور علامات التنفس.
إن احتمال إخفاق جسده في تنظيم درجة حرارة الجسم ذاتياً، واتساع وثبات حدقتيّ عينيه، يشير أيضاً إلى أن احتفاظ جسده بحالته لم يحدث بسبب معجزة، ولكن لأنه لم يكن ميتاً بعد.
وقالت: "إن دقة تشخيص إصابته بمتلازمة غيلان باريه كسبب وفاته تكمن في أنها تفسر الكثير جداً من الأمور، والجوانب المتنوعة الأخرى، وتدمجها في نظرية متكاملة".
وقد أعلن عن وصية الإسكندر العام الماضي
في العام الماضي، ظهرت مزاعم بأن عهد الإسكندر الأكبر ووصيته الأخيرة اللذين تحدثت عنهما الأساطير قد اُكتشفا أخيراً بعد أكثر من 2000 سنة من وفاته.
ويزعم أحد الخبراء المقيمين في لندن أنه كشف النقاب عن وصية الملك المقدوني وهو يحتضر في نص قديم كان "مختفياً على مرأى من الجميع" لعدة قرون.
تكشف الوصية الأخيرة التي ظلت ضائعة لزمن طويل عن خطط الإسكندر لمستقبل الإمبراطورية اليونانية الفارسية التي حكمها.
وتكشف أيضاً عن رغباته في مراسم دفنه وتفصح عن أسماء الذين ستؤول إليهم ثروته وسلطته الهائلتين.
يمكن العثور على أدلة على وصيته المفقودة في مخطوطة قديمة تعرف باسم "رومانسيات الإسكندر"، وهو كتاب يتضمن روايات عن مآثر الإسكندر الأسطورية.
ومن المرجح أن هذه الروايات قد جُمعت بعد قرن من وفاة الإسكندر، وتضم الروايات مقتطفات تاريخية قيّمة عن حملات الإسكندر في الإمبراطورية الفارسية.
وقد اعتقد المؤرخون لفترة طويلة أن الفصل الأخير من كتاب "رومانسيات الإسكندر" كان يحتوي على كتيب سياسي يضم وصية الإسكندر، لكنه لا يلقى اهتماماً كبيراً حتى الآن ويوصف بأنه رواية خيالية قديمة.
لكن مشروعاً مدته عشر سنوات عمل عليه ديفيد غرانت، الخبير في تاريخ الإسكندر الأكبر، يشير إلى خلاف ذلك.
إذ خلصت الدراسة الشاملة إلى أن الوصية كانت مبنية على معلومات حقيقية، رغم أنها حُرّفت لأغراض سياسية.