ربما لا يعرف يعرف بعضنا أن أشهر مهرجانات إلقاء الطعام في العالم، إنه مهرجان الطماطم في إسبانيا الذي تقام فعالياته نهاية شهر أغسطس/ آب.
الغذاء جزأ لا يتجزأ من العديد من المهرجانات بجميع أنحاء العالم، وفي الغالب يهتم الناس بعرض تلك الأطعمة وتناولها كما يحدث في مهرجانات التمور والزيتون والعسل بالمملكة العربية السعودية.
أما إذا ضمَّت المهرجانات فعاليات تراشقية، فغالباً ما يكون التراشق بالألوان كما في مهرجان هولي بالبلدان التي يوجد بها هندوس، أو الرش بالماء كما في مهرجان الماء احتفالاً برأس السنة التايلاندية.
عندما نأتي إلى التراشق بالطعام يكون أمامنا مهرجان معركة البرتقال في بلدة إيفريا الإيطالية، ومهرجان التراشق بالطماطم في إسبانيا، الذي يختتم فعالياته الخميس 30 أغسطس/آب 2018 بمعركة التراشق بالطماطم.
أكبر مهرجان للتراشق بالطعام في العالم
في الأربعاء الأخير من شهر أغسطس/آب من كل عام، يتوجه آلاف الجماهير من كل أنحاء العالم إلى بلدة بيونول بمقاطعة فالنسيا الإسبانية، حيث يقام مهرجان التراشق بالطماطم "لا توماتينا-La Tomatina". يعد مهرجان الطماطم أكبر مهرجان للتراشق بالغذاء في العالم، ففيه يُهدَر ما يزيد على 100 طن من الطماطم الناضجة في شوارع البلدة.
عام 2012، وصل عدد زوار البلدة في المهرجان إلى 50 ألف شخص، في حين يبلغ عدد سكان البلدة نفسها نحو 9 آلاف شخص؛ ولذلك سعى منظمو المهرجان للحد من عدد المشاركين في المهرجان، عبر بيع 20 ألف تذكرة فقط منذ عام 2013.
إذا فكرت في مشاركة الاحتفال فلا يمكنك الدخول من دون تذكرة، وسوف تجد أماكن محدودة للإقامة داخل البلدة، فيمكنك حينها الإقامة في فالنسيا على بُعد 38 كيلومتراً وتنتقل منها إلى بيونول بالحافلة أو القطار.
فعاليات المهرجان.. مسيرات وألعاب النارية وسيارات إطفاء للتنظيف
في الأيام التي تسبق يوم المعركة، تنتشر المسيرات، والألعاب النارية، والعروض الموسيقية، ومسابقات طبخ "الباييلا-Paella".
فنياً، لا تبدأ المعركة قبل وصول أحد الأشخاص إلى قمة عمود مُشحَّم، ليفوز بطبق لحم الخنزير المعلَّق على قمته، إلا أن هذا لا يحدث في الواقع؛ إذ يبدأ التراشق قبل وصول أي من الأشخاص. أما إشارة البدء فتكون بإطلاق مدافع المياه. يتفادى أصحاب المحلات والمتاجر ما قد يصيب واجهات محلاتهم في أثناء التراشق، عن طريق تغطيتها بأغطية بلاستيكية ضخمة.
تتجه الشاحنات المحملة بالطماطم إلى بلدة بيونول لتصل إلى بلازا ديل بويبلو، وتجوب شوارع البلدة، ويستمر التراشق ساعتين فقط من 11:00 إلى 13:00، تنفد فيها كل كمية الطماطم، لتبدأ بعد ذلك مرحلة التنظيف. تحرص السلطات على تنظيف البلدة باستخدام سيارات الإطفاء المحملة بمياه من قناة رومانية قريبة، في حين ينظف سكان البلدة الزوار باستخدام خراطيم المياه.
لا ترمي أي شيء سوى الطماطم وارتدِ حذاء مغلقاً بإحكام.. قواعد صارمة
وضع منظمو المهرجان عدة تعليمات يمكنك الالتزام بها إذا قررت الانضمام إلى الاحتفال، وكان أهمها عدم جلب أي زجاجات أو آلات صلبة، فمن غير المسموح رمي أي شيء سوى الطماطم، كما يتوجب عليها سحق الطماطم قبل رميها؛ كي لا تؤلم الآخرين أو تسبب لهم كدمات.
قد تجد السكان المحليين يمزق بعضهم ملابس البعض الآخر، ولكن لا تقْدم على هذا الأمر؛ فهو ممنوع. كما ذكرنا، تجول الشاحنات المحملة بالطماطم داخل شوارع البلدة، فحرصاً على سلامتك لا تقترب منها كثيراً. أما بالنسبة لملابسك، فيمكنك ارتداء ملابس قديمة، أو أخرى لم تعد ترتديها؛ لأن ملابسك قد تمزق أو تتسخ بصورة يصعب تنظيفها، وكذلك ارتدِ حذاء مغلقاً بإحكام، فلو كان مفتوحاً فإنه يمكن فقده بسهولة. ينبغي لك التوقف فوراً عن رمي الطماطم عند سماع صافرة الإنذار الثانية.
بدأ كشجار بين الأصدقاء ومُنع في الخمسينيات وأقيمت له جنازة رمزية
لا يعرف أحد على وجه التحديد كيف بدأ المهرجان، إلا أنه كان في عام 1945، فهناك من يقول إنه بدأ كشجار بين مجموعة من الأصدقاء، وهناك من يؤيد أن بدايته كانت في مسيرة ضد الجنرال فرانسيسكو فرانكو، رئيس إسبانيا من 1936 إلى 1975.
تذهب أغلب الأقاويل إلى أن مهرجان التراشق بالطماطم بدأ في بيونول بالأربعاء الأخير من أغسطس/آب عام 1945، وكان ذلك حينما حضر مجموعة من الشباب إلى ساحة البلدة لحضور موكب Giants and Big-Heads "Gigantes y cabezudos". قرر البعض الدخول وسط الموسيقيين والشخصيات الهامة، وهناك سقط أحد المشاركين.
حينما سقط ذاك الشخص استشاط غضباً، وبدأ يضرب كل شيء يجده في طريقه وضمن ذلك كشك للخضراوات، وبدأ الجميع يتراشقون بالطماطم. في العام التالي، أجرى مجموعة من الشباب شجاراً متفقاً عليه، وجلبوا معهم الطماطم من منازلهم للتراشق.
في السنوات التالية، تمكنت الشرطة من فض المشاجرات، وحُظر الاحتفال ببداية الخمسينيات. في عام 1957، صنع الجماهير جنازة تمثيلية حينما وضعوا الطماطم في تابوت ضخم، وشارك في العرض الجنائزي فرقة موسيقية، وأصبح الاحتفال رسمياً بعد نجاح العرض. ازداد عدد المشاركين في المهرجان عاماً بعد عام، بعدما أصبح معروفاً في جميع أنحاء إسبانيا إثر تحدّث برنامج التقرير الأسبوعي Informe Semanal عنه، وهو أحد البرامج التلفزيونية الأسبوعية الشهيرة في إسبانيا.
اقرأ أيضاً
يمارسونها وسط المناطق المدمرة لعدم وجود أماكن تدريب.. رياضة الباركور بين أنقاض حلب