تبرعت تامي غريفين، التي تبلغ من العمر 53 عاماً، بقلبها لمريضة أخرى، ثم ذهبت للقائها بعد العملية الجراحية.
وقد وافقت هذه المرأة المريضة على التبرع بقلبها السليم لشخص آخر بهدف الحصول على رئتين جديدتين، في عملية جراحية نادرة يطلق عليها اسم "عملية الدومينو"، حسب صحيفة The Daily Mail البريطانية.
كيف حدث ذلك؟
تبلغ ليندا كار من العمر 55 سنة، وهي تُعاني حالة قلبية حرجة. وأكد الأطباء أنها بحاجة لعملية زراعة قلب. في الأثناء، أصيبت تامي غريفين، البالغة من العمر 53 عاماً والتي تقطن في مدينة هابي فالي من ولاية أوريغون، بتليّف كيسيّ سبّب لها صعوبة في التنفس وجعلها بحاجة إلى رئتين جديدتين. وقد اقترح عليهما أطباء مستشفى جامعة ستانفورد في ولاية كاليفورنيا الخضوع لعملية جراحية نادرة، تسمى "عملية الدومينو".
تحصل على رئتين وقلب من متبرع ميت
ونتيجة لتلك العملية، ستحصل غريفين على رئتين جديدتين وقلب آخر من أحد المتوفين المتبرعين، بينما سيذهب قلب غريفين السليم إلى ليندا كار. وبعد 6 أسابيع من إجراء العملية، تمكنت غريفين من الذهاب لزيارة كار والاستماع لنبضات قلبها القديم بين أضلعها. وكان لقاؤهما بمثابة لوحة فنية بعنوان "تامي وليندا"، التي كُشف عنها النقاب يوم الجمعة 3 أغسطس/آب 2018.
وتتبرع بقلبها للمريضة الأخرى التي تحتاج زراعة قلب حي
كانت ليندا كار في وضع سيئ للغاية، حيث سبّب لها العيب الوراثي تدهوراً في حالة القلب. فلم تكن كار قادرة على إكمال طريقها في ممر المستشفى دون التوقف لالتقاط أنفاسها. لذلك، أخبرها الأطباء بأنها في حاجة إلى عملية زراعة قلب. وقد بحثت كار عن قلب مناسب لها خلال مدة لا تقل عن 30 شهراً، حتى تلقت مكالمة هاتفية من مستشفى جامعة ستانفورد في ولاية كاليفورنيا، اقترح خلالها الأطباء عليها الخضوع لمبادلة غير معتادة، كانوا يدرسونها خلال الفترة الماضية.
مبادلة الدومينو النادرة
وقد أخبرها أطباء مستشفى جامعة ستانفورد بأن المريضة تامي غريفين بحاجة لزراعة رئتين جديدتين، وكانت تبحث طوال الفترة الماضية عن رئتين مناسبتين. وفي الوقت ذاته، ما زال قلب غريفين في حالة صحية جيدة. فقد طلب الأطباء من كار الحصول على موافقتها من أجل الخضوع لعملية الدومينو، حيث تحصل غريفين على قلب ورئتين من أحد المتوفين المتبرعين مقابل حصول كار على قلب غريفين السليم.
وذهبت لتسمع نبض قلبها القديم في صدر المريضة الثانية
وفي تغيّر نادر للأحداث، استطاعت غريفين بعد شهر من العملية الذهاب إلى لقاء ليندا كار، والاستماع إلى نبضات قلبها القديم، وهي تدق داخل صدر كار. كانت تامي غريفين تعاني مرضاً وراثياً، يدعى "التليّف الكيسي". ويسبب التليّف الكيسي انسداد الممرات الهوائية للرئتين، نتيجة تراكم المخاط فيها. ونتيجة لذلك، تتراكم البكتيريا داخل الرئتين؛ ما قد يؤدي إما إلى إصابة الرئتين وإما لتدميرهما كلياً.
ونجت من فشل الجهاز التنفسي
ويؤدي التليّف الكيسي في بعض الحالات إلى فشل تام في الجهاز التنفسي. وقد جعل ذلك المرض غريفين تدخل في حالات متكررة من صعوبة التنفس في أثناء قيامها ببعض المهام البسيطة على غرار الاستحمام، حيث يسبب ذلك لها تمدداً غير اعتيادي في إحدى الرئتين، وانكماشاً في الرئة الأخرى. وبمجرد أن أصبحت رئتا غريفين غير قادرتين على استقبال الأكسجين طوال اليوم، أخبرها الأطباء بأنها في حاجة ماسة لزراعة رئتين جديدتين، حسب الصحيفة البريطانية
وقلبها الجديد يعمل بشكل جيد أيضاً
وقد صرح الدكتور جوزيف وو، وهو جراح قلب في مستشفى Stanford Health Care، الذي أشرف على هذا الإجراء، لمركز Stanford Medicine News، يأن قلب غريفين يعمل بشكل جيد، ولكنه قد أزيح عن مكانه. وأضاف دكتور وو قائلاً: "لقد تحرك قلبها من مكانه الطبيعي وسط الرئتين عندما تقلصت رئتها اليمنى وتوسعت الرئة اليسرى".
والقصة بدأت من عقدين
لهذا السبب، كانت غريفين مرشحة مؤهلة للخضوع لعملية زرع قلب ورئة. ومنذ 20 سنة تم تشخيص كار، البالغة من العمر 55 سنة، والتي تقطن في مدينة بيركلي من ولاية كاليفورنيا، بخلل في نسيج البطين الأيمن المحدث لاضطراب نظم القلب. ووفقاً لجمعية القلب الأميركية، يصاب الشخص بهذا المرض عندما تموت أنسجة البطين الأيمن في القلب والتي يمكن استبدالها بنسيج ندبي، كما تتعطل الذبذبات الكهربائية المتجهة نحو القلب ويضطرب الإيقاع الطبيعي.
وتم إجراء عملية "الدومينو"
وقد أخبرت كار Stanford News بأنها كانت تواجه صعوبة حتى في المشي بالممر أو عندما تقوم بالتنزه مع كلبها. كما أفادت كار بأن الأطباء كانوا قد أبلغوها أنها بحاجة إلى قلب جديد. ولمدة 30 شهراً، أي من خلال الفترة الممتدة من سبتمبر/أيلول سنة 2013 إلى يناير/كانون الثاني سنة 2016، بقيت كار في قائمة الانتظار؛ نظراً إلى عدم كونها مرشحة ذات أولوية؛ لتقدّمها في السن. وأخيراً، في 30 يناير/كانون الثاني، اتصل الأطباء بكار وأخبروها بفكرة إجراء عملية الدومينو. وفور موافقتها على إجراء هذه العملية، تحديداً بعد مرور سويعات قليلة، تم إجراء بعض الفحوصات على كار في مستشفى Stanford Hospital.
3 فرق لإجراء 3 عمليات صعبة
وتجدر الإشارة إلى أن عملية الدومينو كانت قد أُجريت في الثاني من فبراير/شباط 2018، وقد تألفت من 3 فرق؛ فريق لإزالة القلب والرئتين من المتبرع المتوفى، وفريق ثانٍ لزرع الأعضاء الجديدة في جسم غريفين، وفريق ثالث لزرع قلب غريفين داخل كار.
واجتمعت المرأتان للمرة الأولى
وبعد مرور 6 أسابيع، وتحديداً يوم 17 مارس/آذار 2018، اجتمعت المرأتان لأول مرة، حيث استمعت غريفين إلى نبض قلبها القديم داخل صدر كار. وأخبرت غريفين صحيفة Deseret News قائلة: "من الغريب جداً أنني تبرّعت بقلبي بينما لا أزال على قيد الحياة، لم أسمع بهذا الأمر من قبل". وأضافت غريفين قائلة: "لقد أنقذت حياة شخص ما بينما قام شخص آخر بإنقاذي، كما أنني تمكنت من مقابلة الشخص الذي أنقذني. إنه لمن الغريب والمثير المرور بكل دفعة واحدة!".
ولحسن الحظ كانت فصيلة دمهما متطابقة
تضيف كار: "لقد شعرت بأنني محظوظة؛ لأن هذا الأمر كان بمثابة معجزة مرتبطة بحياة 3 أشخاص في الوقت نفسه". لم تخمن كلتاهما أن قصتهما ستكون موضوعاً لعمل فني. ولم تكن صديقة كار، آن روث إيساكسون، وهي الرسامة، على علم بسوء حالة صديقتها إلا قبل خضوعها لعملية الزرع بأيام.
وانتظرت كار للحصول على القلب
صرحت إيساكسون لصحيفة Daily Mail Online، قائلة: "في إحدى الليالي، خرجنا لتناول العشاء معاً واعترفت لي بأنه كان من الصعب عليها السير في الشارع. وأخبرتني بأنها كانت على قائمة الانتظار مدة سنتين ونصف سنة للحصول على قلب. لم أكن أعرف تماماً كيف سأجيب. ماذا يمكنني أن أفعل عدا الذهاب إلى البيت والصلاة من أجلها؟".
وكانت مفاجأة هائلة
كشفت إيساكسون أنه بعد العملية الجراحية ذهبت رفقة صديقها لزيارة ليندا كار، حيث سألها صديقها عن الشخص الذي تبرع بقلبه. ونقلت إيساكسون ما جاء على لسان كار، التي أفادت بأن "المتبرع حيّ يرزق، فحتى بعد الجراحة لا يزال المتبرع على قيد الحياة!". وأضافت كار قائلة: "أعتقد أنها كانت معجزة مدهشة؛ لذلك أخبرتها بأنني أريد أن أرسمها هي وتامي".
وتم رسم لوحة
بعد أن وافقت المرأتان على الموضوع، شرعت الرسامة في العمل. في بداية الأمر، بدأت إيساكسون فقط رسم كار وغريفين. وفي وقت لاحق، أضافت الرسامة الأطباء والجراحين الذين كانوا مسؤولين عن نجاح هذه الجراحة النادرة، إلى اللوحة. وفي هذا الصدد، أوضحت إيساكسون قائلة: "أنا لست هنا للترويج للتبرع بالأعضاء، ولكن في نهاية الأمر يتمكن المتبرع المتوفى من إنقاذ 6 أو 7 أشخاص بمجرد التبرع بأعضائهم". وأردفت إيساكسون قائلة: "لم تكن تامي مضطرة إلى التبرّع بقلبها لليندا، لكنها فعلت ذلك، ما غيّر حياة الكثير من الأشخاص".
في شأن ذي صلة، سيتم الكشف عن اللوحة الزيتية، التي يبلغ مقاسها (8*6) والتي تحمل عنوان "تامي وليندا"، للمرة الأولى، في معرض بمدينة سولت ليك، وستكون ليندا كار موجودة على عين المكان خلال الافتتاح. ويتصادفُ عرض اللوحة مع افتتاح ألعاب لزراعة الأعضاء في أميركا Transplant Games of America لدورة 2018. وستشهد هذه الألعاب تنافس الآلاف من المتبرعين بالأعضاء والمنتفعين بها في الأحداث الرياضية، التي تقام بولاية يوتا خلال الفترة الممتدة من الثاني أغسطس/آب إلى السابع من أغسطس/آب.
وتعيش المرأتان حياة جديدة
أخبرت ليندا كار صحيفة Deseret News بأنها ستشارك في عدد من المنافسات، من ضمنها سباق الدراجات لمسافة 20 كيلومتراً، وستكون ضمن المشاركات في فريق كرة السلة المختلط. وقالت كار إن كلاً من غريفين وكار تستمتعان بكونهما أصْبحتا قادرتين على القيام بأنشطة لم يكن بإمكانهما القيام بها في أثناء مرضهما. وتجدر الإشارة إلى أنهما لا تزالان على اتصال بعضهما ببعض إلى اليوم.
وتأملان أن تكون قصتهما ملهمة للآخرين
تأمل كل من كار وغريفين أن تكون قصتهما ملهمة للآخرين فيما يتعلق بالتبرع بالأعضاء. وفي هذا الصدد، قالت غريفين للصحيفة: "آمل أن يختار الناس الذين سيأتون لمشاهدة هذه الألعاب أن يكونوا مانحين للأعضاء وأن يساعدوا شخصاً ما". وأضافت غريفين قائلة: "كنت على قائمة المتبرعين ولم أظن قط أنني سأتمكن من التبرع بأي شيء لأي شخص، لكنني فعلت ذلك. لقد منحت شخصاً آخر فرصة للعيش".
واقرأ أيضاً..
التبرع بالأعضاء.. لماذا لا تنتشر هذه الثقافة لدى العرب مقارنة بالمجتمعات الأوروبية؟