حسم مفتي جمهورية مصر العربية الجدل الدائر حول موعد صلاة الفجر في مصر.
إذ قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إنه "لا صحة لتشكيك بعض الناس على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإخبارية في صحة توقيت الفجر في مصر، بدعوى أن الأذان في مكة المكرمة يحين في بعض الأوقات بعد القاهرة".
هو بأي منطق أذان الفجر في مصر يسبق فجر مكة بدقيقة
بينما أذان المغرب في مكة قبل مصر بساعة تقريباً!!— Othman Ebrahim ?? (@OsmanPharmacy) May 28, 2018
وأكد علام، في بيان نقلته بوابة "الأهرام" المصرية، أن توقيت الفجر المعمول به حالياً في مصر عند زاوية انخفاض الشمس تحت الأفق الشرقي بمقدار 19.5°، مشدداً على أنه التوقيت الصحيح، وجرى عليه العمل بالديار المصرية منذ القرون الإسلامية الأولى حتى الآن.
وشدد البيان على أن ما يثار من التشكيك في ذلك بدعوى أن توقيت الفجر في القاهرة يسبق أحياناً توقيتَه في مكة المكرمة، مع أن القاهرة تقع غرب مكة، ليس اعتراضاً علميّاً؛ إذ من المقرر في علوم الفلك والجغرافيا أن تحديد المواقيت مبنيٌّ على خطوط الطول ودوائر العرض معاً، ولا استقلال لأحدهما عن الآخر في ذلك.
وأكد أن "خطوط الطول تدل على فوارق التوقيت، ومعدل الفرق بين كل خطَّي طول متتاليين، 4 دقائق، بينما تدل دوائر العرض على طول النهار؛ فكلما اتجهنا شمال خط الاستواء: ازداد طول النهار صيفاً عن نصف يوم، وازدادت الحرارة لزيادة مباشرة الشمس، وفي الشتاء يزداد طول الليل وتنقص درجة الحرارة كلما اتجهنا شمالاً؛ وهذا بسبب طبيعة حركة الأرض حول الشمس".
وجاء نص البيان كالتالي:
"الحق الذي يجب المصير إليه والعمل عليه، ولا يجوز العدول عنه: هو أن توقيت الفجر المعمول به حاليّاً في مصر (وهو عند زاوية انخفاض الشمس تحت الأفق الشرقي بمقدار 19.5°) هو التوقيت الصحيح قطعاً، وأنه الذي جرى عليه العمل بالديار المصرية منذ القرون الإسلامية الأولى إلى يومنا هذا، وهو الذي استقر عليه عمل دار الإفتاء المصرية في كل عهودها، وهو ما كانت عليه مصلحة عموم المساحة المصرية منذ إنشائها سنة 1898، ثم استمرت على ذلك بعد إنشاء الهيئة المصرية العامة للمساحة سنة 1971، وهي المؤسسة المصرية الرسمية المختصة بإصدار التقاويم الفلكية المتضمنة لمواقيت الصلاة؛ طبقاً للقرار الجمهوري رقم 827 لسنة 1975، والمعدل بالقرار الجمهوري رقم 328 لسنة 1983، وهو ما استقر عليه الموقِّتون وعلماء الفلك المسلمون عبر الأعصار والأمصار، ودلت عليه الأرصاد الصحيحة المبنيَّة على الفهم الصحيح للفجر الصادق في النصوص الشرعية، وأن ما بين درجتي: 18°، و19.5° من انخفاض الشمس تحت الأفق الشرقي هو التوقيت الصحيح للفجر الصادق المتفق على اعتماده والعمل به في كل بلدان العالم العربي والإسلامي بلا استثناء.
على ذلك، أجمع المتخصصون من علماء الفلك والهيئة والموقِّتين المسلمين عبر القرون المتطاولة من غير خلاف؛ فاتفقوا على حساب زاوية انخفاض الشمس تحت أفقه الشرقي فيه: ما بين درجتي 18°، و20°؛ حيث حرروا ذلك بمراصدهم العظيمة؛ جماعات وفرادى، من غير زيادة على هذا المدى أو نقص عنه، وقد استقر راصدوهم ومحققوهم في القرن الثامن الهجري وما بعده على اعتماد درجة 19° ونقلوا الاتفاق على ذلك، ونصوصهم على ذلك أكثر من أن تُحصر، ونصُّوا على اعتماد علماء الفلك العرب والمسلمين هذه الدرجة، أما علماء الفلك الأوروبيون فقد اعتمدوا درجة 18°.
وأما ما يثار من التشكيك في ذلك بدعوى أن توقيت الفجر في القاهرة يسبق أحياناً توقيتَه في مكة المكرمة، مع أن القاهرة تقع غرب مكة، فأكد مفتي الجمهورية أن هذا ليس اعتراضاً علميّاً؛ إذ من المقرر في علوم الفلك والجغرافيا أن تحديد المواقيت مبني على خطوط الطول ودوائر العرض معاً، ولا استقلال لأحدهما عن الآخر في ذلك.
خطوط الطول تدل على فوارق التوقيت، ومعدل الفرق بين كل خطَّي طول متتاليين: 4 دقائق، بينما دوائر العرض تدل على طول النهار؛ فكلما اتجهنا شمال خط الاستواء ازداد طول النهار صيفاً عن نصف يوم، وازدادت الحرارة لزيادة مباشرة الشمس، وفي الشتاء يزداد طول الليل وتنقص درجة الحرارة كلما اتجهنا شمالاً؛ وهذا بسبب طبيعة حركة الأرض حول الشمس؛ فإن محور دوران الأرض يميل بنحو 23.5 درجة عموديّاً عن المستوى المداري، فيتغير بذلك طول النهار بتغيُّر فصول السنة، حسب دوائر العرض، وهذا يقتضي أن مقارنة خطوط الطول إنما تكون بين المدن الواقعة على خط عرض واحد لتساوي طول النهار فيها.
مكة المكرمة وإن كانت على خط طول 39.9° تقريباً، ومدينة القاهرة على خط طول 31° تقريباً، إلا أنه لا يصلح أن تكون المقارنة بينهما مبنيَّة على خطوط الطول وحدها دون اتحاد دائرة العرض، التي هي مختلفة هنا؛ فمكة المكرمة على خط عرض: 21.4° تقريباً، أما القاهرة فهي على خط عرض: 30°، وهذا يجعل نهار القاهرة أطول من نهار مكة المكرمة في فصل الصيف؛ كما هو حاصل في يوم الإثنين الماضي 28 مايو/أيار 2018، حيث بلغ طولُ النهار في مكة المكرمة، بحسب أهل الاختصاص، أربعَ عشرةَ ساعةً وخمساً وأربعين دقيقة (14:45)، في حين أن طولَ النهار في القاهرة قد بلغ: خمسَ عشرةَ ساعةً وسبعاً وثلاثين دقيقة (15:37)، ونسبة وقت صلاة الفجر إلى جميع النهار في كل منهما هي عُشر النهار تقريباً؛ بما يقتضي زيادة وقت الفجر في القاهرة عنه في مكة بنسبة زيادة طول النهار.
إن هذا التفاوت يحصل أيضاً بين المدن في البلد الواحد؛ كما في مقارنة توقيت المدينة المنورة بمكة المكرمة؛ فرغم أن المدينة المنورة تقع على خط طول 39.6°؛ أي غربي مكة المكرمة بنحو ثلث درجة طولية، فكان ينبغي لهذا الاعتراض أن يكون الفجر في المدينة بعد مكة بأكثر من دقيقة، لكن الحاصل أنه في هذا اليوم (الإثنين) حان أذان الفجر في المدينة قبل مكة بـ9 دقائق حسب تقويم أُمّ القرى؛ وذلك لأن المدينتين ليستا على دائرة عرض واحدة؛ إذ مكة على دائرة عرض 21.4° تقريباً، والمدينة على دائرة عرض 24.47°.
المقارنة إنما تصح بين المدن الكائنة على دوائر العرض المتساوية؛ كمدينة السادس من أكتوبر في مصر مع مدينة سكاكا في السعودية؛ فإنهما تقعان على دائرة عرض واحدة 29.9° تقريباً، وتوقيت الفجر في سكاكا يسبق مدينة 6 أكتوبر بنحو نصف ساعة، وأقرب مدينة مصرية يمكن مقارنتها بمكة المكرمة هي مدينة حلايب؛ فإنها تقع على دائرة عرض 22.2° تقريباً، وتسبقها مكة المكرمة بنحو 5 دقائق.
لو استعرضنا مثلاً كل المدن السعودية التي تشترك في دوائر عرض واحدة شرقي البحر الأحمر مع مثيلاتها من المدن المصرية غَرْبِيَّهُ: لَمَا وجدنا أبداً مدينة سعودية على جانب البحر الأحمر الشرقي تسبق مدينة مصرية مشتركة معها في دائرة العرض على جانبه الغربي؛ كضبا مع الغردقة، والوجه مع القصير، وأملج مع مَرسى علم، والأبواء مع شلاتين، وثول مع حلايب، وهكذا.. فكل مدينتين تقعان على دائرة عرض واحدة، فالشرقية منهما يحين وقت الصلاة فيها قبل الغربية ولا بد.
هذه الدعاوى التي يروجها البعض بحجة تصحيح المواقيت تنطوي في حقيقتها على الطعن في العبادات والشعائر وأركان الدين التي أَدَّاها المسلمون عبر القرون المتطاولة؛ من صلاة وصيام وغيرهما، فضلاً عما تستلزمه من تجهيل علماء الشريعة والفلك المسلمين عبر العصور، مع تهافت هذه الدعاوى أمام الحقائق العلمية والمقاييس الجغرافية والظواهر الكونية والفلكية؛ ولذلك فلا يجوز الالتفات إليها ولا التعويل عليها.
الفجر يُعرف بعلاماته التي جعلها الشارع أسباباً دالة عليه، وذلك بانتشار ضوئه المستطير في الأفق؛ كما بيَّن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ذلك بسُنته بياناً واضحاً: فرَّق فيه بين الفجر المستطير الصادق الذي يدخل به وقتُ صلاة الفجر والذي ينتشر ضوؤه يميناً وشمالاً، وبين الفجر المستطيل الكاذب الذي هو كهيئة المخروط المقلوب.
علماء الفلك المسلمون والمختصون قد فهموا في المواقيت عبر القرون هذه العلامات والمعايير الشرعية فَهماً دقيقاً، ووضعوها في الاعتبار، وضبطوها بالمعايير الفلكية المعتمدة، ونقلوا ذلك جيلاً عن جيل، بالوسائل العلمية الصحيحة، والقواعد الفقهية الواضحة؛ بحيث صار التشكيك في فعلهم نوعاً من الجهل وضرباً من الهذيان".
ليس الفجر وحسب؛ بل الصيام أيضاً
وكان قد أثير جدل آخر يتعلق بصيام رمضان في مصر بخصوص الخطأ في رؤية هلال رمضان، وقد ردَّت عليه دار الإفتاء المصرية ببيانٍ، الثلاثاء 29 مايو/أيار 2018، بعد أيام من الجدل على الشبكات الاجتماعية.
فقط فى #مصر القمر بدر واحنا لسة في يوم 12 و 13 رمضان ?لا تخرج قبل أن تقول سبحان الله ? حد يبلغ دار الافتاء ?احنا مفروض كنا نصوم الاربعاء مش الخميس.. دار الافتاء فطرت مصر كلها ? صورة القمر فجر يوم 13رمضان
Posted by Mhmed AlShiekh on Monday, May 28, 2018
وفي البيان نفت صحة ما تردد حول خطأ رؤية الهلال، مؤكدة صحة تحديد شهر رمضان المبارك والذي وافق 17 مايو/أيار 2018.
وأوضحت الدار أن لجانها تسير عند استطلاعها للأهلة وَفق خطة من "أرشد" الخطط في هذا الأمر؛ حيث تستعين بالرؤية البصرية سواء كانت بالعين المجردة أو بالعين المسلحة التي تعتمد على استخدام المراصد والآلات، بالإضافة إلى الحساب القطعي.
بيان مهم لكل المسلمينيرجى نشره فى كل مكان***دار الإفتاء تحسم الجدل حول اكتمال القمر في رمضان قبل منتصف الشهردار…
Posted by دار الإفتاء المصرية on Tuesday, May 29, 2018
كما أن هذه المراصد مزوَّدة بأحدث الأجهزة العلمية وخرائط تحدد اتجاه زاوية الهلال، فضلاً عن وجودها في أماكن مختارة من هيئة المساحة المصرية ومن معهد الأرصاد بخبرائه وعلمائه؛ لتتوافر فيها شروط الجفاف وعدم وجود الأتربة والمعوقات لرصد الهلال.
وأكدت الدار أن الرؤية الشرعية لهلال رمضان هذا العام (2018) قد وافقت الحساب الشرعي، ومن المقرر شرعاً أن القطعي مقدَّم على الظني؛ أي إن الحساب القطعي لا يمكن أن يعارض الرؤية الصحيحة؛ ولذلك صدر قرار مجمع البحوث الإسلامية عام 1964، واتفقت المؤتمرات الفقهية كمؤتمر جدة وغيره، على الاستئناس بالحسابات الفلكية القطعية مع الاعتماد على الرؤية البصرية الصحيحة، وهذا يعني أن الحساب ينفي ولا يُثبت، وهو ما تعتمده الدار عند استطلاعها الأهلَّة.