"الكلاب فقط تأكل من السُّلطانية"، قالها في عام 2016 خبير قواعد السلوك البريطاني ويليام هانسون.
لكن وبعدما كشفت الصحف مؤخراً أن الأمير هاري وخطيبته سيقدّمان طعام الفطور في سلطانية، تراجع الرجل وقال إن "للزوجين حرية اختيار ما يناسبهما، فهذا حفل زفافهما في نهاية المطاف".
موقف هانسون، المُعادي لتقديم الطعام الرائج في السنوات الأخيرة داخل سلطانية (وعاء مقعر)، يعكس موقف الطبقة الأرستقراطية البريطانية.
وخلال مداخلته، أفاد هانسون بأن "فكرة تقديم طعام السلطانيات التي أعلن عنها الثنائي ليست أمراً رائعاً؛ لأن هذه الأواني ليست ذات طابع أرستقراطي أو ملكي، حيث يكون الطعام المقدَّم كله في الأطباق".
وتعليقاً على الأمر، سارعت وسائل إعلام بريطانية متسائلةً عن فواتير التنظيف الجاف الخاصة بالضيوف (عددهم 600) ومن سيدفعها، في تلميح إلى أن تناول الطعام من سلطانية سيؤدي إلى اتساخ ملابسهم!
الخبر الذي نشرته صحيفة Daily Mail البريطانية (بأن طعام الفطور سيكوناً وقوفاً وداخل سلطانيات) دفع صحفاً بريطانية أخرى إلى المطالبة بتوضيح ذلك لعامة الشعب.
نشرت صحيفة The Gaurdian تقريراً مطولاً عن الموضة التي انتشرت منذ 2016 في الأوساط البريطانية باستخدام السلطانية، بعدما كانت حصراً للحساء ووجبة حبوب الإفطار مع الحليب صباحاً.
طبقات الطعام داخل السلطانية تقدِّم خياراتٍ صحية
بعيداً عن الأوساط الملكية، كان طعام السلطانيات يكتسي أهمية كبرى لفترة طويلة من الزمن، وقد امتدت هذه الأهمية إلى آلاف السنين إن صح التعبير.
ومع ذلك، يمكن أن نلاحظ على نطاق واسع أن طفرة استعمال السلطانيات في أثناء تناول الطعام كانت مدفوعة بتوجُّه جديد، يقوم على التركيز على الطعام الصحي.
وفي الكثير من الأحيان، يكون الطعام المقدَّم في هذه السلطانيات عبارة عن طبقات من الحبوب والبقول والخضراوات، فضلاً عن الصلصات والبروتين، والتي تؤدي وظيفتها وتعمل معاً، فقط في حال وُضعت بالوعاء المناسب.
نتيجة لذلك، صدرت العديد من كتب الطبخ، على غرار "Bowl" و"The Sprouted Kitchen Bowl + Spoon"، وغيرهما. وفي كتاب "Simply Nigella"، قالت مؤلفته الطباخة الشهيرة نايجيلا لاوسون، من على متن عربة تابعة لفرقة موسيقية: "إذا استطعت، فسآكل كل شيء من السلطانية".
1- السلطانية نفسها تعطي إحساساً بالراحة والفائدة
يُقال إن سلطانيات البوريتو والسوشي، فضلاً عن سلطانيات وجبة بوذا الرائعة، تمتلك عوامل مشتركة قليلة فيما يتعلق بمذاقها، ويبدو أن السلطانية نفسها تنقل إحساساً بالتغذية المريحة.
وفي هذا الصدد، صرحت الطاهية آنا جونز سنة 2015 بأنها تحب الإحساس اللطيف والمنفعة الغذائية التي يعود بها استخدام السلطانية.
وفي السنة ذاتها، نشرت مجلة "Bon Appétit" مزحة، مفادها أن الطعام الذي يقدَّم في السلطانية صحي أكثر بنسبة 10% على الأقل مقارنة بالطعام الذي يُقدَّم في الصحون.
2- علم النفس يؤكد قدرتها على كبح الشهية!
في الواقع، هناك بعض الدعم الأكاديمي للفرضيات المتعلقة بالشعور الحدسي الذي يفيد بأن تناول الطعام في السلطانية مفيد لنا.
ووفقاً لأستاذ سيكولوجية الطعام في جامعة أكسفورد، تشارلز سبينس، فإن وجود سلطانية دافئة بين يديك يبعث في النفس شعوراً بالسعادة، في حين أن وزن السلطانية وشكلها الذي يجعلنا نرى أنها تحتوي كمية أكبر من الطعام مقارنة بما في الواقع، قد يشجعاننا على أكل كمية أقل.
حيال هذا الشأن، صرح تشارلز سبينس لموقع "كوارتزي"، بأنه "من المرجح أن يدفع هذا الوزن عقلك للتفكير في أن الطعام أكثر مما هو عليه، كما أنك قد تعتقد أن الطعام الذي تحويه السلطانية عطري بدرجة أكثر تركيزاً من الطعام نفسه الذي يقدَّم في الصحون".
إن هذه "العقيدة المقعرة" (في إشارة إلى شكل السلطانية) راسخة في أذهان الكثيرين. ففي متاجر "جون لويس"، حيث تُعتبر السلطانيات أكثر شعبية من الصحون عند اعتمادها كهدية، سجلت مبيعات السلطانيات زيادة بنحو 14% خلال الأشهر الستة الماضية.
وتبرز هيمنة السلطانيات في موقع إنستغرام ومدونات الطعام، باعتبارها الأواني الفخارية المفضلة لدى الكثيرين. ويعزى ذلك إلى أن السلطانيات تمثل وسطاً فوتوغرافياً طبيعياً، وهو ما يعتبر أمراً مفيداً بالنسبة لهواة التصوير.
3- شكلها مناسب أكثر لصور إنستغرام
في شأن ذي صلة، قالت كاتي جرينوود، وهي مصممة طعام تعمل لحسابها الخاص، إن "الكثير من السلطانيات تحتوي على رسومات لأعشاب وحبوب، كما هو ملاحظٌ على السلطانيات المخصصة للمرطبات في كل مكان، وهو ما يجعل الأشياء تبدو جميلة على نحو فوري".
وأضافت جرينوود أنه "عند وجود الصحون في الصورة، هناك أشياء يجب التفكير فيها، فهل من الأجدر أن تتجه نحو الحافة أو أن تبقي الطعام داخلها؟ وهل أنا بحاجة إلى إظهار الجزء السفلي من الصحن؟ أما في حال وجود سلطانية، فستكتفي بالتقاط صورة للطبقة العليا فقط".
4- الطباخ الملكي ينوي تقديم طعام بريطاني كلاسيكي
قد يكون من الغريب للوهلة الأولى أن يتحدث الطباخ الملكي مارك فلاناغان عن الأطباق البريطانية الكلاسيكية في السلطانيات، لكن خلال العقد الماضي، كان كبار الطهاة يخفقون المكونات ويحولونها إلى هلام، بالإضافة إلى هرسها وتقطيعها، لتكوين أطباق شديدة الكثافة يمكن تناولها بواسطة الملعقة.
ويجد البعض أن عدم وجود قِطع داخل السلطانية، أو عدم اضطرارهم إلى المضغ أمر طفولي، إلا أن الطهاة الطموحين تبنّوا هذه الطريقة في تقديم الطعام، قبل وقت طويل من ظهور الأشخاص الذين ينادون بتناول الأكل الصحي.
5- العروس حريصة جداً على الطعام الصحي
إنها نزعة جديدة يتبعها عشاق الطعام، والتي لا شك في أن ميركل على علم بها. فقد أوردت ميركل لمجلة "ماري كلير" سنة 2013: "كما تعلمون، أنا فتاة من كاليفورنيا، لقد ترعرعت في عائلة اعتادت تناول الطعام مباشرة من المزرعة إلى الطاولة، قبل أن يجتاح هذا الاتجاه العالم".
6- أشهر الطهاة يرون فيها إلهاماً لابتكار المقبّلات الصعبة
لطالما تضمنت قائمات التذوق التي تعدها المطاعم الحائزة نجوم ميشلين، وجبات خفيفة تمثلت في الكانابي (مقبلات صغيرة).
لكن دان كوكس، رئيس الطهاة السابق بمطعم "سيمون روغان فيرا" في نزل كلاريدج، قال إن "تحضير الكانابي يعتبر أمراً صعباً، حيث إنك تحتاج دائماً إلى قاعدة جافة، ثم وضع عدة طبقات فوقها. إنه عمل صعب ويتطلب دقة عالية؛ لأن كل شيء يمكن أن ينهار بسهولة. لكن مع استعمال السلطانيات، يمكنك تفادي هذه المشاكل".
سيفتتِح كوكس، الذي يعمل أيضاً خزّافاً ويصنع الأواني الفخارية الخاصة به، مطعماً جديداً في مزرعة كروكادون بمقاطعة كورنوال. ويعتبر كوكس معجباً بكيفية تغيُّر تصميم السلطانيات عن السابق، حيث أصبحت للسلطانيات طاقة استيعاب أكثر للسوائل مقارنة بالأطباق، ما ألهم بأفكار جديدة لتقديم العديد من الأطباق مثل حساء النودلز والمرق.
7- تصميمها العميق يعني إخفاء مكونات أقل شهية
وباعتبار أن تقديم الطعام بالسلطانية يتمثل أساساً في وضع المكونات على شكل طبقات (عوضاً عن تحضير طبق يحتوي على كمية كبيرة من البروتينات)، فهي تعتبر حلاً جيداً لإخفاء الأطعمة غير الشهية، على أن توضع 3 طبقات أخرى فوقها!
ويقول كوكس إن الزبون عندما يمرر الملعقة في السلطانية، سيحصل على كل تلك الطبقات المختلفة والمكونات الشهية، كأنه يتناول تحلية. إنها مثل رحلة اكتشاف من خلال الوعاء، ولكن إن حاولت تناول هذا الطعام في صحن أو طبق صغير، فستتسبب في حالة من الفوضى.
8- أصبحت الخيار الأساسي لدى متعهدي الحفلات
يقول ماثيو هاريس، كبير الطباخين في شركة "كوكس" التي حصلت على جوائز في "بافتا" و"أوليفير"، إنه "نظراً إلى العوامل التي تتمثل في سهولة التحضير والتقديم، أصبح طعام الوعاء خياراً أساسياً في قائمة الطعام لدى متعهدي الطعام بالحفلات. وعموماً، يؤكل الطعام بالسلطانية في 4 أو 5 لقمات؛ لذلك ستكون أ4 سلطانيات كثيرة بالنسبة لكل شخص".
وأضاف هاريس أنه "يجب أن تضع كأسك في مكان ما، باعتبار أنه لن يكون هناك طاولات، حيث سيكون هناك العديد من الموظفين الذين يحومون في المكان لجمع الأطباق الفارغة". وقد انتشرت هذه الفكرة على نطاق واسع خلال السنوات الست الماضية.
9- توفر في عدد الأطباق فيقلُّ سعر التكلفة
لا يتطلب الطعام المقدَّم في السلطانيات عدداً كبيراً من الأطباق لخدمة الضيوف على الطاولة، وهذا ما يمكن أن يكون توفيراً بالنسبة للعميل (فسعر الطبق لدى شركة كوكس يبدأ من 7.50 جنيه إسترليني). كما أن كلاً من شكل السلطانية وطريقة تقديمها يقللان من الضغط في المطبخ.
إن تقديم الطعام في السلطانيات خلال المناسبات يضعك أمام خيارات متعددة. فمن جهتها، بيَّنت رئيسة تنظيم الحفلات في "راوترب"، جيما بيكون: "نحن نقدم أكلات من مختلف مطابخ العالم، وهذا ما يبحث عنه عملاؤنا الذين يسافرون بشكل دائم. وغالباً ما يرغبون في خيارات أكل خالية من الغلوتين أو نباتية أو خالية من منتجات الألبان؛ لذلك من الطبيعي أن الطعام المقدَّم في سلطانيات سيساعدك على تلبية المتطلبات الغذائية لعملائك".
10- أخيراً، حملها والتنقل بها يعنيان تحاشي بعض الضيوف!
كما يعكس التغير في حجم السلطانية الرغبة المتزايدة عند الطبقة الغنية بالمجتمع في الخروج من الطابع الرسمي.
قد لا يأكل ضيوف الزفاف الملكي الطعام مثلما يأكل اليابانيون (حيث يكون التهام الرواسب مقبولاً). ولكن على خلاف مائدة العشاء، فإن تناول الطعام في الحفلات يسمح للأشخاص بالاجتماع حول الطاولة، وتحاشي الاحتكاك بالضيوف المزعجين بشكل خاص. لذلك، لا عجب في أن يكون الزوجان الملكيان من المعجبين بهذه الفكرة.