مجموعة من الشبان والشابات ينثرون الزعتر وخلطات أخرى على أقراص عجين رقيقة، يضعونها في الفرن ثم يخرجونها بعد أن تنضج، ليستمتع الألمان بأكل "المناقيش" وهي ساخنة، دون الحاجة لدفع مبلغ بعينه مقابلها، بل يكفي أن يدفعوا على النحو الذي يشعرون به حيال هذه الأكلة.
هكذا بدا المشهد في مدينة مونستر الألمانية نهاية شهر أبريل/نيسان 2018 في مطعم افتتحه نجل إحدى العوائل السورية القادمة لألمانيا منذ عقود، ضمن مبادرته الهادفة إلى تحقيق التآلف بين قلوب السكان المحليين والقادمين الجدد لألمانيا خلال أجواء إيجابية على موائد الطعام، ولهذا أطلق على المطعم اسم "قلبين".
ادفع حسب إعجابك
عمل نضال غيورغس، والفريق المشارك معه من أفراد عائلته وأصدقائه الطلاب واللاجئين الجدد، على تقديم عرض "الدفع الكيفي" لثمن المأكولات لمدة أسبوع، من 23 – 29 أبريل/نيسان، بغرض ترغيب الألمان بالقدوم ومعايشة هذه التجربة وتذوق الطعام السوري، الأمر الذي يفسح المجال لحصول لقاءات بين اللاجئين السوريين مع الألمان، والتخلص من الأحكام المسبقة التي يرسخها عدم الاختلاط بالآخر.
ووفقاً لموقع المشروع، يرغب القائمون عليه في فتح محال وتسيير سيارة لبيع "المناقيش" التي يمكن تناولها في الشارع، على أن تُعد وتُباع من قبل اللاجئين، آملين في أن يحدث عبر ذلك تبادل ثقافي ومطبخي، يؤدي إلى إزالة الحواجز بينهم، وإحداث التفاعل المرجو، وتعزيز الأفق المستقبلية للتعايش المشترك، وبناء جسور التواصل.
لدى نضال وأصدقائه واللاجئين المشاركين سيارة لبيع الأكلة السورية السريعة، التي يمكن للنباتيين وغير النباتيين أكلها لإمكانية إعدادها مع الخضراوات أو اللحم، تقف في موقعين بمدينة مونستر يوماً واحداً في الأسبوع، إلى جانب مطعم استأجروه منذ الصيف الماضي، ويُفتتح على مدار الأسبوع.
ويضم شعار المشروع، قطعة مناقيش مدورة يتوسطها قلبان متداخلان.
Was heißt eigentlich elbén?Und was waren nochmal Manakish?Hier unser Video um Oma und Opa zu erklären, warum sie in die Scharnhorststraße kommen sollten.Und denkt daran- unseren Food Truck gibt es immer noch!euer Team elbén
Gepostet von elbén am Donnerstag, 24. August 2017
ولا يقتصر الاستمتاع بالأجواء في "قلبين" على تناول الأكلة الشرقية فحسب، بل يوفر المطعم بين الفينة والأخرى عروضاً موسيقية لفرق وفنانين محليين، كما يقوم بعقد مناسبات خاصة على غرار "لقاء الجيران عند قلبين"، ودعوة السكان المقيمين قرب مطعمهم.
ردات فعل زوار المطعم وانطباع اللاجئين عن العمل
واستطلعت قناة "في دي إر" المحلية العامة آراء بعض الزائرين للمطعم، فعبرت شابة عن سعادتها بالقدوم، واعتبر زائر آخر أن تناول هذه الوجبة يعطي المرء شعوراً أفضل، بالكيفية التي يمكن للطعام أن تشكل قيمة بحد ذاته.
ويقول أحد الشبان مازحاً بأنه سيدفع 13 يورو، منوهاً بأنه قد يُسمح للطلاب بدفع هذا المبلغ القليل، فيما تعتقد زائرة أخرى أن الأغلبية سيدفعون أكثر مما كان ينوون في الأصل، معبراً عن إعجابها بالمبادرة الجيدة، والفكرة اللطيفة.
يقول نضال، مدير المشروع، إنه ينبغي إقناع الضيف من البداية حتى النهاية، ومن ثم منحه الفرصة ليقرر بنفسه في النهاية قيمة ذلك، ما يجلب الامتنان.
وتعبر شابة سورية كانت قد جاءت منذ 5 أعوام إلى ألمانيا، ودرست الثانوية فيها، تعمل كمقدمة للطعام في "قلبين"، عن إعجابها بالتمازج بين الجنسيات في المكان، ما يوفر فرصة لمواصلة التحدث باللغتين العربية والألمانية.
Integration durch leckeres Essen: Flüchtlinge haben per Crowdfunding einen Imbiss mit syrischen Köstlichkeiten eröffnet – das "elben" in Münster. Schmeckt super und ist ein echtes Erfolgsmodell!
Gepostet von WDR Lokalzeit Münsterland am Samstag, 28. April 2018
وعبر الكثير من المعلقين على تقرير "في دي إر" على موقع فيسبوك عن إعجابهم بالفكرة، ودعا البعض أصدقاءهم لتجربة ذلك.
التطلع لنقل التجربة لمدن أخرى
ويهدف "قلبين" لفتح آفاق أمام بعض اللاجئين الجدد لألمانيا، للحصول على دعم مالي من إيرادات بيع "المناقيش"، والاعتماد على أنفسهم على نحو مستدام، لا المساعدات الحكومية، إلى جانب مساعدة أهلهم في ألمانيا أو في سوريا مالياً.
ويُمول المشروع في الوقت الحاضر من قبل تبرعات تُجمع من خلال موقع "كراود فندنغ".
ويأمل الشاب الذي أسس "قلبين" أن يتم التبرع في حال ازدهار العمل على المدى البعيد، بجزء من الأرباح للمشاريع التربوية والمرافق الصحية داخل وفي دول جوار سوريا، لتمكين إعادة أعمار فعال هناك.
ويرغب نضال في رؤية المشروع في مدن ألمانية أخرى، لذا يقول إنهم يحاولون تبسيط الأمر بأكمله، والوصول بالهيكلية لشكلها الأمثل، وتقديمه في إطار "امتياز اجتماعي" كمخطط للآخرين وحثهم على تجربته في مدنهم.