أطلقت فنزويلا المثقلة بالأزمات، عملتها المشفرة المدعومة بالنفط، أملاً بأن يساعدها ذلك على مناورة العقوبات الاقتصادية الأميركية، وأملاً في بث الحياة من جديد في اقتصاد البلاد الذي يحتضر.
بدأ الطرح الأولي، أمس الأول الثلاثاء، لمبيعات الـ"بيترو" التي ستمثل برميلاً من الخام، من قسم محدد من الحزام النفطي Orinoco بالبلاد. وقد عرضت على المستثمرين قسائم رمزية بقيمة 60 دولاراً بأسعار مخفضة، يمكنهم مقايضتها على عملة الـ"بترو"، أثناء ما يسمى "طرح العملة الأولي" الذي سيكون في شهر مارس/آذار المقبل، بحسب صحيفة Washington Post.
وفي بثٍّ تلفزيوني ليلة الثلاثاء، لحدث الإطلاق الذي أقيم بالقصر الرئاسي بحضور المستثمرين ووسائل الإعلام، قال الرئيس نيكولاس مادورو "اليوم يوم مولد البترو. إننا في مصاف مقدمة الاقتصاد العالمي، ونرد على المشكلات الكبرى بحلول كبرى وبالنوايا الحسنة".
كذلك جهزت بمناسبة الحدث غرفةٌ على طراز الشركات الناشئة، بها شاشات تظهر عليها نصوص متحركة وعلى وقع أنغام موسيقى خلفية احتفالية، ومن تلك الغرفة قال الرئيس مادورو إن المشروع جمع 735 مليون دولار من أول يوم، مضيفاً "لقد انطلقت اللعبة بنجاح".
شكوك حول جدواها
لكن المتشككين عبروا عن شكوكهم بأن تشهد العملة ازدهاراً، نظراً بالدرجة الأولى لغياب الثقة بحكومة لديها ديون تتم إعادة مناقشتها، ولسياسات الحكومة التي جرَّت على البلاد تضخماً صارخاً. كذلك فإن شركة نفط البلاد Petróleos de Venezuela S.A. (PDVSA) التي كانت مزدهرة فيما مضى، هي اليوم في أدنى مستوى إنتاجي لها منذ عقود.
يقول بعض النقاد أيضاً إن المشروع غير منطقي من ناحية تقنية، لأن الحكومة ستتمتع بمساحة كبيرة للتحكم بالعملة. غير أن أنصار المشروع يقولون إن العملة قد تروق للمشترين، لأنها مدعومة بسلعة وبإدارة مع حوافز لإنجاح المشروع.
وكانت عملات مشفرة أخرى قد شهدت تقلبات كثيرة وعدم استقرار، فمثلاً قيمة البيتكوين قفزت إلى أكثر من 300% بين أغسطس/آب وديسمبر/كانون الأول 2017، لتهبط أكثر من 50% إلى مستواها الحالي.
يعد البترو العملة المشفرة الأولى التي تصدرها رسمياً حكومة دولة، وهي تهدف إلى توفير خيار أكثر استقراراً، وقد تتخذ دولٌ كروسيا تجربة منه. فموسكو هي الأخرى تواجه عقوبات أميركية اقتصادية، ما حدا بالمسؤولين الروس مؤخراً إلى البدء في التفكير بصنع "روبل مشفر".
لكن كثيراً من المحللين يشككون أن يكتب للتجربة النجاح. يقول أليكس فان دي ساند، المطور في مؤسسة Ethereum Foundation ومقرها البرازيل، في مكالمة هاتفية مع صحيفة Washinton Post "بصراحة يبدو كأنهم حقاً لا يفهمون كيفية أي شيء من الأمر".
وتابع "لسوء الحظ أن هذا لا يعني أنه لن يجمع مالاً، فقد رأينا كيف أن أفكاراً مريعة غير منطقية البتة تمكنت من جمع مال كثير. لو أردت أن أتفادى العقوبات الدولية وأخلق الأموال في بلدي مع التستر على المصدر، إذاً أظن أن هذا البترو سيكون وسيلة مفيدة".