كيف تحوَّل زعيم كوريا الشمالية من فتىً خجول إلى دكتاتور يهابه العالم؟

عربي بوست
تم النشر: 2017/12/28 الساعة 14:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/12/28 الساعة 14:11 بتوقيت غرينتش

لعل المتابع للنهج الكوري الشمالي يجد أن وجود شخص لديه طموحات لتهديد أمن المنطقة، ليس بالشيء الغريب، لكن الغريب أن هذا الشخص الذي بات يرعب المنظومة الدولية، وهو لم يزل بعدُ شاباً لم يتجاوز 35 عاماً، كان فتى خجولاً ثم أصبح هكذا.

فالأعوام الخمسون الماضية شهدت تهديداتٍ جنونية فارغة من كوريا الشمالية، ازدادت سوءاً تحت حكم كيم جونغ-أون، الذي أعلن الأربعاء الماضي 27 ديسمبر/كانون الأول، نجاح تفجير قنبلة هيدروجينية مصغّرة.

صحيفة الإندبندنت البريطانية رصدت في تقرير الخميس 28 ديسمبر/كانون الأول 2017، أهم المحطات في حياة الزعيم الكوري حتى أصبح دكتاتوراً يهابه الجميع.

وفيما يلي العوامل التي ساهمت في أن يصبح كيم جونغ-أون أحد القادة الذين يهابهم العالم.

وُلد كيم جونغ أون في 8 يناير/كانون الثاني 1982 أو 1983 أو ربما 1984

وكان أبواه هما الدكتاتور المستقبلي آنذاك كيم جونغ-إيل وقرينته كو يونغ-هي، وكان له شقيقٌ أكبر هو كيم جونغ تشول. وله أيضاً أختٌ صُغرى تدعى كيم يو-جونغ.

تذكر الوثائق الرسمية أنَّ كيم جونغ-أون وُلد عام 1982، وإن كانت هناك تقارير مختلفة تشير إلى أنَّ سنة مولده قد تغيرت لأسبابٍ رمزية، من بينها تغييرها كي تكون بعد مولد مؤسس دولة كوريا الشمالية كيم إيل سونغ بـ70 عاماً، وبعد مولد كيم جونغ إيل بـ40 عاماً.

عاش كيم جونغ أون طفولةً هادئة في المنزل

إذ إنَّ كوريا الشمالية آنذاك كانت لا تزال تحت حكم "القائد العظيم" كيم إيل سونغ، وكان كيم جونغ-إيل ولي عهده، بينما لم يكن مسار كيم جونغ-أون إلى الزعامة واضحاً بعد.

الالتحاق بالمدرسة الداخلية في سويسرا

درس كيم -حسب التقارير- بمدرسةٍ دولية للدراسة باللغة الإنكليزية بالقرب من عاصمة سويسرا الإدارية بيرن، دون أن يعلم أحدٌ بهويته الحقيقية؛ إذ التحق بها تحت اسم باك أون بصفته ابن أحد موظفي سفارة كوريا الشمالية هناك.

ووفقاً لوصف زملائه السابقين في المدرسة، فقد كان كيم جونغ-أون طالباً هادئ الطباع يتحلى بروح الدعابة ويحب المكوث في المنزل.

وقال زميله السابق ماركو إمهوف، في تصريحٍ لصحيفة "ديلي ميرور" البريطانية، إنَّه: "كان ظريفاً ودائم الضحك والابتسام، وكان يتحلى بروح الدعابة؛ وعلى علاقةٍ طيبة بالجميع، حتى التلاميذ الذين ينتمون إلى بلادٍ معادية لكوريا الشمالية"، في حين قال زميلٌ آخر له للصحيفة الألمانية "فيلت أم سونتاغ": "كان الحديث عن السياسة محظوراً في مدرستنا… فكانت شجاراتنا عن كرة القدم، وليس السياسة".

بعدها عاد لكوريا الشمالية لينال تعليماً عسكرياً

عاد كيم ليدرس في جامعة كيم إيل سونغ العسكرية. ويقال إنَّه بدأ يرافق والده في جولاته التفتيشية الميدانية على الجيش في عام 2007 تقريباً.

وسرعان ما ارتقى سلسلة القيادة في المجالين السياسي والعسكري، مع قلة خبرته فيهما، ليصبح جنرالاً برتبة 4 نجوم، ثم نائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية لحزب العمال، ثم عضواً باللجنة المركزية المذكورة، وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".

العديد من الكوريين الشماليين يعتبرونه نسخةً شابة من "القائد العظيم" كيم إيل سونغ

يرجع ذلك إلى الشبه الشديد بينه وبين جده كيم إيل سونغ في المظهر وتصفيفة الشعر وطريقته المميزة. لدرجة أنَّه انتشرت شائعاتٌ تفيد بخضوعه لعملية تجميل خصيصاً ليزيد من شبهه بجده، وإن كانت كوريا الشمالية قد ردَّت أخيراً على تلك الادعاءات، واصفةً إياها بأنَّها "مجرد كتابات صحفية دنيئة من وسائل إعلام قذرة".

ومن جانبها، قالت وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية: "ذلك الخبر الكاذب، الذي نشره أعداؤنا، عمل إجرامي شنيع، لا يمكن للحزب ولا الدولة ولا الجيش ولا الشعب التغاضي عنه مطلقاً".

سرعان ما أصبح "القائد العظيم" لكوريا الشمالية بعد وفاة والده

بعد وفاة كيم جونغ-إيل إثر أزمة قلبية في 17 ديسمبر/كانون الأول 2011، ورث ابنه الشاب كيم رابع أكبر جيش في العالم وترسانة من الأسلحة النووية والسيطرة الكاملة على كوريا الشمالية.

تولى كيم جونغ-أون السلطة قبل شقيقه الأكبر كيم جونغ تشول؛ لأنَّ والدهما كان يرى أن جونغ تشول ضعيف الشخصية و"مخنَّث"، في حين استُبعد شقيقه الآخر يونغ نام؛ لأنَّه أدلى بتصريحاتٍ سلبية عن نظام الحكم في البلاد، وفقاً لما ذكرته صحيفة ذا أستراليان الأسترالية.

وكان كيم جونغ-أون في الثلاثين من عمره تقريباً حين تولى السلطة، أي إنَّه أصغر رئيس دولة في العالم.

في البداية ساد اعتقادٌ بأنَّ عمة كيم وزوجها هما من بيده الحَل والعقد فعلياً في البلاد

كان من بين الناصحين الأمناء لكيم جونغ-أون في بداية حكمه عمته كيم كيونغ-هوي وزوجها جانغ سونغ-تيك، كلاهما يبلغ من العمر 66 عاماً. ويُذكر أن كيم جونغ-إيل كان قد أمر الزوجين بتولي قيادة الجيش في البلاد وتقديم العون لابنه القائد الشاب؛ لتوطيد مكانته كقائد إلى أن يكتسب ما يكفي من الخبرة.

ووفقاً لصحيفة "الديلي تلغراف" البريطانية، ظهرت عمة كيم وزوجها جالسَين جنباً إلى جنب في صورةٍ التُقطت لهما في أثناء حضورهما اجتماعاً لحزب العمال الكوري. وعلى ما يبدو، فقد تمثلت مهمتهما الرئيسية في دعم صورة كيم جونغ-أون كشخصيةٍ قوية لدى بعض جنرالات الجيش ممن كانوا لا يثقون به.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2013، أمر كيم جونغ-أون بإعدام عمه وأسرته كمحاولة لإحباط مخطط للانقلاب على حكمه

بالتحديد في 12 ديسمبر/كانون الأول 2013، انتشرت شائعاتٌ تفيد بأنَّ كيم لم يكتفِ بإعدام عمه فقط؛ بل واصل شن حملته بإعدام بقية أفراد أسرته.

غير أنَّ سفير كوريا الشمالية لدى المملكة المتحدة قد زعم أنَّ جانغ، عم كيم، فقط هو من أُعدِمَ رمياً بالرصاص بعد أن خضع للمحاكمة.

كيم جونغ-أون متزوج بمشجعة سابقة ومن المحتمل أن يكون لديه أطفال

كانت وسائل الإعلام الكورية الشمالية قد كشفت في يوليو/تموز الماضي، عن زواج كيم جونغ-أون بالمشجعة السابقة والمغنية ري سول-جو، وإن كان لا أحد يعرف متى تزوجا بالضبط، وفقاً لما ذكرته شبكة إن بي سي الإخبارية الأميركية.

بيد أنَّ وكالة الاستخبارات الكورية الجنوبية تعتقد أنَّهما تزوجا في عام 2009 على الأرجح، وأنَّ لهما ابناً. غير أنَّ هناك شائعات تفيد بأن ري سول-جو قد أنجبت طفلاً آخر في عام 2012، ويعتقد البعض أنَّ الزوجين قد أنجبا طفلاً ثالثاً في عام 2015.

الأمور لم تكن تسير كما ينبغي في الآونة الأخيرة

ففي عام 2013، ذكرت تقارير أنَّ كيم جونغ-أون كان هدفاً لمحاولة اغتيال. وبحسب وكالة الاستخبارات الكورية الجنوبية، فقد كان الزعيم الشاب مستهدفاً من قِبل "أفراد ساخطين على النظام في كوريا الشمالية" بعد أن أصدر أمراً بتخفيض رتبة جنرال بالجيش، مما تسبب في صراعٍ على السلطة.

وربما كوسيلةٍ لإعادة تأكيد سيطرته، أصبح كيم جونغ-أون مولعاً بالقتال؛ إذ قطع كل الصلات بكوريا الجنوبية، وهدد بشن حربٍ نووية حرارية على الدول المجاورة والولايات المتحدة. وصحيحٌ أنَّ والده وجدّه كانا معتادين إطلاق التهديدات ذاتها طوال الوقت، لكنَّهما لم ينفذاها قط.

لم يتوقف كيم جونغ-أون عن معاداته كوريا الجنوبية والغرب طوال فترة حكمه على أمل أن يساهم ذلك في تعزيز سلطته

واصلت كوريا الشمالية في عهده اختبار الصواريخ الباليستية والأسلحة النووية، حتى في ظل تهديد الغرب بفرض عقوباتٍ عليها.

ففي عام 2013، أجرت كوريا الشمالية اختبارها النووي الثالث، والأول في عهد كيم جونغ-أون. وفي أبريل/نيسان 2015، حذر جنرالٌ أميركي كبير من أنَّ كوريا الشمالية يمكنها تطوير صواريخ نووية قادرة على الوصول إلى السواحل الغربية للولايات المتحدة.

بلغت عدوانية كيم جونغ-أون ذروتها في عام 2016

ففي 5 يناير/كانون الثاني من ذلك العام، أجرت كوريا الشمالية اختبارها النووي الرابع، والثاني في عهد كيم جونغ-أون. وتزعم بيونغ يانغ أنَّ هذا الاختبار كان لقنبلةٍ هيدروجينية مصغّرة.

ورداً على ذلك، أعرب قادة العالم عن استنكارهم الشديد لموقف كوريا الشمالية، بما في ذلك الصين، حليفة كوريا الشمالية الرئيسية. أما الأمم المتحدة، فإنَّها تزمع من جانبها فرض المزيد من العقوبات على كوريا الشمالية.

تحميل المزيد