أعلن علماء آثار مصريون وأجانب عن اكتشاف "فراغٍ" بحجم طائرة ركاب وسط الهرم الأكبر في مصر، والذي بقي سراً ولم يُمَس طوال 4500 عام.
ويأتي ذلك بعد يوم واحد من الكشف عن فتح مقبرة توصف بالـ"ملعونة" تحوي بقايا جثث بعض العمال الذين بنوا الأهرام، رغم أنها اكتشفت قبل 30 عاماً لكنها فتحت حديثاّ!
ويعد الفراغ واحداً من بين أربعة تجاويف أخرى بالإضافة إلى غرفتي الملك والملكة و"البهو الكبير"، بات الآن معروفاً أنَّها موجودة داخل الهرم العملاق ومبنيّة أسفل غرفة الملك خوفو، أحد ملوك مصر القديمة، حسب تقرير لصحيفة Daily Mail البريطانية.
عضو فريق الاستكشاف في مشروع مسح الأهرامات "ScanPyramids" العالم مهدي الطيوبي، وصف الفراغ المكتشف حديثاً: "إنَّه كبير".
وقال الطيوبي الذي ظل يستكشف هرم خوفو منذ أكتوبر/تشرين الأول 2015 باستخدام تقنية لمسح الجزيئات دون الذرية التي لا تستلزم الحفر، مُتحدِّثاً عن الاكتشاف الجديد، الذي نُشِر في مجلة Nature العلمية أيضَا: "يعادل حجم الفراغ حجم طائرة ركاب ذات 200 مقعد، وهو موجود وسط الهرم".
وهرم خوفو أو الهرم الأكبر، المبنيّ فوق هضبة الجيزة بضواحي القاهرة يعد إلى جانب هرمي الملكين منقرع وخفرع وتمثال أبوالهول الأقل ارتفاعاً، هو أقدم مبنى أثري متبقي من عجائب العالم القديم السبع وواحداً من أكبر المباني التي شُيِّدت على ظهر الأرض على الإطلاق.
وقال فريق البحث إنَّ هذا التجويف يُعد أول هيكل كبير يُعثَر عليه داخل الهرم الأكبر منذ القرن التاسع عشر.
وأضاف الطيوبي: "كان هناك العديد من النظريات عن وجود غرف سرية داخل الهرم الأكبر. لكن لم يتنبأ أحد بشيءٍ بهذا الحجم".
ويُثير شكل وحجم الفراغ المُكتشف حيرك العلماء، إذ لا يزال الغرض منه وما كان يحتويه لغزاً.
لكن يُعتقد أنَّ طول التجويف يبلغ 98 قدماً (30 متراً) على الأقل، ويقع فوق "البهو الكبير"، والبهو الكبير هو ممر منحدر، يصل طوله إلى 50 متراً وارتفاعه 9 أمتار ويربط غرفة دفن الملك خوفو في وسط الهرم بنفقٍ يؤدي إلى الخارج.
لم يمسسه أحد منذ 4500 عام
بُني الهرم الأكبر، الذي يبلغ ارتفاعه حالياً 139 متراً وعرضه 230 متراً، كمقبرةٍ للملك خوفو، والذي يُعرف أيضاً باسم خوبوس أو شوبوس. ولا يعرف أحد كيف بُني الهرم تحديداً حتى يومنا هذا.
وقال كونيهيرو موريشيما، أحد أعضاء فريق البحث من جامعة ناغويا اليابانية: "منذ بناء الهرم قبل 4500 عام، لم يعرف أحد بوجود الفراغ حتى الآن".
وتابع: "الفراغ الكبير مغلقٌ تماماً"، ما يعني أنَّ أي شيء داخله "لم يُمَسّ بعد بناء الهرم".
وبنى ملوك مصر القديمة هذه المقابر الهائلة لأنفسهم، ثم اكتملت ببناء التوابيت الحجرية داخلها للاحتفاظ بمومياواتهم المُحنَّطة، ومُلِئت بكل ما قد يحتاجونه في الحياة الأخرى، مثل الطعام، والملابس، والحلي.
ونُهِبت مقتنيات هرم خوفو منذ وقتٍ طويل قبل اكتشافه من قِبل علماء الآثار في العصر الحديث، ولم يتبق أي آثار في الغرف المعروفة داخل الهرم.
وقال موريشيما إنَّ هذا هو السبب الذي يجعل التجويف المُكتشف حديثاً "مثيراً للغاية"، مع أنَّنا لا ندرى مطلقاً إن كان يحتوي على أي شيء.
كيف اكتشفوه دون حفر؟
استخدم الفريق تقنية تسمى "التصوير باستخدام آشعة الميون الكونية"، والتي تسمح لهم بتصور الفراغات "المعروفة والمحتملة" داخل الهرم دون الحاجة إلى لمس أي حجر.
والميون هو عبارة عن جزيئات ثقيلة مشحونة تكوَّنت من تفاعل الأشعة الكونية مع الذرات في الطبقات العليا من الغلاف الجوي.
وقال فريق البحث إنَّ هذه الجزيئات تعمل بطريقةٍ مشابهة لآشعة إكس التي تستطيع اختراق جسد الإنسان وتصوير العظام؛ إذ تستطيع المرور عبر الأحجار لمئات الأمتار في مسارٍ مستقيم غالباً قبل أن تتحلّل أو تُمتص.
وتستطيع أجهزة اكتشاف الميون التمييز بين التجاويف والأحجار عن طريق تتبُّع موقع واتجاه كل ميون بينما ينتقل عبر الهرم.
وقال موريشيما: "سنواصل استخدام تقنية تصوير الميون للكشف عن تفاصيل التجويف"، بما في ذلك أبعاده، ودرجة ميله، وما إن كان تجويفاً واحداً كبيراً أم تجمُّعاً لعدة تجويفات.
وأضاف: "لا تستطيع تقنية تصوير الميون تأكيد ما إن كانت هناك بعض الآثار داخل التجويف أم لا". فأي شيء داخله سيكون "أصغر من أن تكتشفه تقنية تصوير الميون".
ويحول فريق البحث بالفعل تركيزه إلى تقنية أخرى حديثة من أجل الخطوة القادمة، والتي قد تتمثَّل في إنسانٍ آلي مُصغَّر يستطيع التحرك عبر الفتحات الصغيرة لفحص داخل التجويف دون أن يتسبَّب في أي أضرارٍ للهرم.
وقال أعضاء الفريق البحثي إنَّ الاكتشاف الجديد، والذي يحمل اسم "الفراغ الكبير"، قد تأكَّد باستخدام ثلاث تقنيات ميون مختلفة وثلاثة تحليلات مستقلة، والتي أكدت وجود التجويف "بدرجة ثقةٍ كبيرة".
وكتب أعضاء الفريق البحثي في مجلة Nature: "بينما لا توجد حالياً أية معلومات عن الغرض من هذا الفراغ، تُظهِر هذه الاكتشافات كيف يمكن أن تُسلِّط فيزياء الجزيئات الحديثة ضوءاً جديداً على التراث الأثري للعالم".
فتح المقبرة الملعونة
وكانت مجلة Newsweek الأميركية قد نشرت خبرًا أكدت فيه أن علماء آثار مصريون فتحوا مقبرة تحوي جثثًا لبعض بناة الأهرام، بالقرب من الهرم الأكبر، ومقابر أخرى تضم رفاة "3 موتى مهمين أحدهم المشرف الرئيسي على العمال البناة".
وبحسب تقرير المجلة فإن علماء الآثار الذين أشرفوا على فتح القبور المذكورة قالوا أن المشرف الرئيسي على العمال "ملأ المقبرة باللعنات لحماية الموتى أنفسهم".