تزن تريليون طن وهذا ما سيحدث لها.. عالم هولندي ينشر أحدث صورة للكتلة الجليدية الهائلة التي انفصلت عن القارة الجنوبية

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/21 الساعة 04:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/21 الساعة 04:40 بتوقيت غرينتش

شهدت القارة القطبية الجنوبية في شهر يوليو/تموز من عام 2017 انفصال كتلة جليدية ضخمة تزن تريليون طن "بطريقة طبيعية"، قدّر الخبراء حجمها بـ 4 أضعاف حجم العاصمة البريطانية لندن.

آخر أخبار الكتلة جاءت عن طريق أكاديمي هولندي نشر صورة التقطت بالأقمار الصناعية عن مسارها، متكهنًا حسب تقرير موقع 9 News بانه سيتفتت تدريجيًا دون إحداث أذى.



وبعدما تناقلت وكالات الأنباء وقتها الخبر، انقسمت الآراء بشأن سبب هذا الانفصال، فهل كان السبب الاحتباس الحراري، وما تأثير هذه الظواهر الطبيعية على البشر؟

1. تغيير مناخي أم حركة طبيعية


موقع CNN أفرد تقريراً عن أسباب حدوث مثل هذا الانفصال، ذاكراً أنه لا يوجد خلاف بين علماء المناخ في أن البشر يتسببون في ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية وذلك من خلال حرق الوقود الحفري بأشكاله والتسبب في تلوث الغلاف الجوي عن طريق الغازات الدفيئة. ولكن يوجد بعض الخلاف حول ما إذا كانت هناك أدلة كافية تربط بين انفصال هذه القطعة المحددة من صفيحة لارسن C ، أحد أكبر الجبال الجليدية بالعالم، ومساحتها تقدر بـ 6000 كيلومتر مربع، وبين الاحتباس الحراري العالمي.



وفي بيان جرى تداوله بشكل واسع، ذكر عالم الكتل الجليدية بجامعة سوانسي، مارتن أوليري، أن انفصال الجبل الجليدي يعتبر "ظاهرة طبيعية" وأننا "لا ندري ما هي علاقة البشر بهذا التغير المناخي".

ومع ذلك، لا يتفق الجميع مع هذا التقييم.

وصرح أحد العلماء الكبار بالمركز الوطني الأميركي لأبحاث الغلاف الجوي كيفن ترينبيرث "إنهم ينظرون إلى الأمر من عدسة ميكروسكوب بدلاً من التطلع إلى الاتجاهات الكلية، بما في ذلك الحقيقة القائلة بأن المحيطات حول القارة القطبية الجنوبية تحترُّ مما يساعد على تضاؤل حجم الجليد".

وقال إريك ريجنوت، عالم الكتل الجليدية بمختبر الدفع النفاث التابع لوكالة ناسا وجامعة كاليفورنيا: "بالنسبة لي، يعد ذلك توقيعاً لا لبس فيه مرتبط بتأثير التغير المناخي على لارسن C. ولا يقع هذا ضمن الدورة الطبيعية. وإنما هي استجابة للنظام الأكثر حرارة من القمة ومن القاع. ولا يمكن لشيء آخر أن يتسبب في ذلك".

وصرح ريجنوت بأن الزملاء الذين يقولون غير ذلك يدفنون رؤوسهم "في الجليد".

2. أمر معقد



يظهر بعض الخلاف في وجهات النظر، نقصاً ملحوظاً في البيانات المطلوبة لفهم ما يحدث، كما تعتبر القارة القطبية الجنوبية باردة وغريبة ونائية ومن الصعب دراستها.

ويقول بعض العلماء أنهم لا يمتلكون مجاميع البيانات طويلة الأمد الخارقة التي يمكن أن يحتاجوها لإثبات أن الاحترار الذي يتسبب به البشر أثّر على هذه الصفيحة الجليدية المحددة.

وفي المقابل، لا يمكنهم نفي إسهامات الاحتباس الحراري العالمي أيضاً.

وصرح عالم بحثي بمركز جودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا وجامعة ماريلاند، مقاطعة بالتيمور، كريستوفر شومان "لا أرى دليلاً واضحاً يقنعني بأن هذا له علاقة بالتغير المناخي" وأضاف "إذا استمرت كتلة لارسن C الجليدية في الانهيار، فسنعرف حينها أن التغير المناخي مرتبط بأحداث هذا الأسبوع". وإذا لم تستمر، فستثبت نظريته، ما يعني أن الجبل الجليدي جزء من دورة طبيعية تتعلق بالانفصال الجليدي والتجدد.

وأضاف شومان أن الصفائح الجليدية المجاورة التي تتمتع بأسماء مماثلة – لارسن A وB – انفصلت لأسباب مرتبطة بالتغير المناخي. وقال إن السبب في انفصال لارسن C هذا الأسبوع غير واضح بعد لأننا في فصل الشتاء في القارة القطبية الجنوبية حالياً؛ ولم يكن هنالك دليل على أن المياه الذائبة على السطح تعود إلى الجبل الجليدي، ولا توجد أدلة كافية تتعلق باتجاهات درجات الحرارة في هذه المنطقة، سواء في المياه أو في الهواء.

وأردف ريجنوت، أن حدوث هذا الانهيار أثناء ذروة فصل الشتاء في نصف الكرة الجنوبي يجعل الأمر محيراً للغاية.

3. إعادة تشكيل القارة القطبية


وقال مدير العلوم بمركز المسح البريطاني للقارة القطبية الجنوبية، ديفيد فوجان، أن الاعتقاد بأن التغير المناخي يعيد تشكيل القارة الموجودة في أقصى جنوب الكرة الأرضية من الأمور الأكثر تعقيداً. وأضاف أن درجة حرارة المحيطات على مستوى العالم ارتفعت، بما في ذلك المحيطات القريبة من القارة القطبية الجنوبية.

ويساعد ذلك على ذوبان بعض الجليد من القمة والقاع. ويُعتقد الجليد الذي يلامس المياه على وجه التحديد عُرضة لتأثيرات الاحتباس الحراري العالمي. ولكن، مرة أخرى، تعد القارة القطبية الجنوبية كبيرة وباردة وغريبة. فالجليد لا يذوب بنفس سرعة الجليد في القارة القطبية الشمالية، حيث ترتفع درجات الحرارة بسرعة تعادل ضعفي المعدل العالمي.

4. نوعية الجليد



يطلق العلماء على هذا النوع من الثلج، الذي يطفو في المياه، مصطلح "الجرف الجليدي". وعلى عكس الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية التي توجد على اليابسة، فإن الجروف الجليدية لا ترفع المستويات العالمية للبحار وخاصة عندما تنفصل وتذوب في المحيطات.

وصرح ترينبيرث، عالم المناخ بالمركز الوطني الأميركي لأبحاث الغلاف الجوي، أن هذه الجروف الجليدية الطافية غالباً ما تتمتع بتأثير مكثف على الكتل الجليدية الموجودة على اليابسة، والتي سترفع منسوب البحار في العالم إذا ذابت. وبالشكل الذي تبدو عليه حافة الجليد هذه، فإن ذلك من شأنه أن يساعد على البدء في زعزعة استقرار المنتصف".

فإذا كان العلماء على حق في قولهم أن جبل لارسن C الجليدي لن يغير مستويات البحار في العالم بالمعنى الحرفي الذي يتبادر للذهن، فقد تبدو الصورة الأكبر أقل تفاؤلاً وسطحية.

وأضاف ترينبيرث "إن الجليد الطافي لا يغير مستوى البحر على الإطلاق، ولكن ربما تؤول الأمور في النهاية إلى ارتفاع مستوى البحار على المدى الطويل". وأوضح أن مستويات البحار ارتفعت بالفعل بنسبة تقارب 8 سنتيمترات منذ عام 1992، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى الاحتباس الحراري العالمي. وهي ترتفع بمعدل يصل إلى 3.4 ملليمترات في كل عام.

5. قنبلة موقوتة


تبدو تلك الأرقام صغيرة. وغير خطيرة ولكنها تؤثر في عملية المد والجزر.

فهناك مدن ساحلية مثل نيويورك، وميامي، وشنغهاي، والتي يهددها ارتفاع منسوب البحار. ولكن يجب علينا أيضاً أن نضع الأجيال المستقبلية في الحسبان. ما هو العالم الذي نسوقه إليهم؟

يعتقد العالم ريجنوت أنه خلال عدة عقود أو قرون، يمكن أن يرفع الجزء الأكثر ضعفاً من الصفيحة الموجودة غرب القارة القطبية الجنوبية الجليدية منسوب البحار على مستوى العالم أكثر من 3 أمتار. وأضاف قائلاً إنه على المدى الطويل للغاية، يمكن للصفيحة الموجودة شرق القارة القطبية الجنوبية الجليدية أن تتسبب في ارتفاع المد والجزر بمعدل 19 متراً.

وصرح تيرنبيرث "إن الإجراءات التي نتخذها في الوقت الحالي تؤدي في الواقع إلى عواقب بعد مرور 50 عاماً من الآن".

الجدير بالذكر أن رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترامب، يعتبر من أشد المعترضين على فكرة وجود الاحتباس الحراري، وكان إلغاء التزام بلاده باتفاقية باريس لحماية المناخ أحد أول قراراته.

اتفاق باريس أو كما يطلق عليه "كوب 21" هو أول اتفاق عالمي يتعلق بالمناخ، يسعى إلى وضع حد للانبعاث الحراري بهدف حماية الأرض من الأثار المدمرة الناجمة عن زيادة معدلات الانبعاث الناجم عن الثورة الصناعية والإفراط في استخدام أدواتها دون مراعاة البعد البيئي.

علامات:
تحميل المزيد