فجرت ابنة أديب نوبل نجيب محفوظ مفاجأة كبيرة بإعلانها أن قلادة النيل -أعلى الأوسمة بمصر- والتي منحها له الرئيس الأسبق حسني مبارك عام 1988 بعد حصوله على جائزة نوبل في الأدب في العام نفسه -مزيفة.
القلادة التي من المفترض أن تكون ذهباً خالصاً، قالت أم كلثوم نجلة نجيب محفوظ أنها كانت من الفضة ومطلية بالذهب، وأن والدتها اكتشفت الأمر بمجرد رؤيتها لكونها مطفية ولا تشبه الذهب، موضحة فى لقاء تليفزيوني لها، الخميس 24 أغسطس/آب 2017، أن والدها رفض الحديث نهائياً في هذا الأمر وهي أول من تحدث عنه.
وهو الأمر الذى أثار الجدل في مصر خاصة أن القلادة هي أرفع وسام مصري على الإطلاق وتمنح للأشخاص الذين قدموا إسهاماً مميزاً يؤثر على حياة المصريين، كما يمنح لرؤساء الدول والمصريين فائقي التميز، وطرح هذا الأمر تساؤل هل يمكن أن يكون حصل آخرون على قلادة مزيفة؟
قلادات عبدالناصر سليمة
قال نائب البرلمان المصري مصطفى كمال الدين حسين إن قلادة النيل التي منحها الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر لوالده ولمجموعة مجلس قيادة ثورة 23 يوليو/تموز من الذهب الخالص، موضحاً أنه لم يخطر ببال أحد الكشف عنها ولكن ختم الدمغة الخاص بالذهب واضح عليها.
ووصف النائب المصري إعلان زيف قلادة نجيب محفوظ في تصريحات لـ"عربي بوست" بالكارثة، مؤكداً على ضرورة فتح تحقيق على أعلى مستوى في هذا الأمر من جانب رئاسة الجمهورية لأنها المنوط بها هذا الأمر، لأنه يعد إساءة لسمعة مصر.
خاصةً أن القلادة تعد أعلى الأوسمة في مصر ولا يقدم إلا للزعماء والرؤساء وأصحاب الجهود العلمية الكبيرة مثل الحاصلين على نوبل، ويعتبر إعلان تزيف أحدها أمر مؤسف وخطير.
كما يحق لرئيس الجمهورية إهداء قلادة النيل لنفسه، وقد استخدم الرئيس جمال عبد الناصر هذا الحق أثناء الاحتفال الرابع بعيد ثورة 23 يوليو/تموز سنة 1956، ومنحها لأعضاء مجلس قيادة الثورة الثمانية الباقين، وهم عبد اللطيف البغدادي وأنور السادات وجمال سالم وحسن إبراهيم وزكريا محيي الدين وكمال الدين حسين وعبد الحكيم عامر وحسين الشافعي.
طلب إحاطة بالبرلمان
هذا، وأعلن عضو البرلمان في حديثه مع "عربي بوست" أنه خلال أيام إذا لم تعلن رئاسة الجمهورية تحقيقاً موسعاً في قلادة محفوظ سيتقدم بطلب إحاطة بمجلس النواب لمعرفة المسئولين عن تلك الكارثة المهينة للدولة المصرية، مستبعداً ما تردد عن تورط الرئيس الأسبق حسني مبارك في ذلك الأمر، وقال الأرجح أنه تم بمعرفة المنوط بهم داخل رئاسة الجمهورية أو الصائغ.
واعتبر مصطفى أن سكوت أديب نوبل وعدم إعلانه لذلك الأمر كان خطأً، وقال: "كان يجب الإعلان عنه فوراً لأنه سمعة مصر وليس سمعة نجيب محفوظ".
صمت بعض تلاميذ نجيب محفوظ
ومن جانبه رفض الكاتب المصري محمد سلماوي، وأحد تلاميذ نجيب محفوظ التعليق على ما أثارته نجلة الكاتب الكبير، بشأن قلادة النيل التي منحها الرئيس الأسبق حسني مبارك إلى والدها، بعد أن وصفتها بـ"المزيفة"، واكتفى بترديد كلمة "أسف..أسف".
آخرين رأوه تواضعاً
من جانبه، قال زكي رستم تلميذ وصديق أديب نوبل نجيب محفوظ لمدة 30 عاماً، أنه فؤجئ بأمر تزييف قلادة النيل التي تسلمها أديب نوبل المصري، موضحاً في تصريحات لـ"عربي بوست" أن تواضع محفوظ كان يمنعه من الحديث عن هذا الأمر حتى لو كانت الجائزة من أبخس المعادن.
وأضاف أن محفوظ كان يحتفي بتكريمه من جانب الدولة، ويرى أن ذلك شيء يستوجب الشكر، دون أن يلتفت لمن كانوا يرددون دائماً عبارات أن تكريمه حدث فقط لحصوله على نوبل.
وأكد صديق الأديب أنه لا يستبعد حدوث التزوير، معتبره جزءاً من مؤسسة الفساد التي كانت موجودة، ونفي إمكانية أن يكون تزييف القلادة حدث مع أي من ملوك ورؤساء الدول التي حصلوا عليها، قائلاً: "التزييف به اختيار فممكن أن يفعلوها مع نجيب محفوظ وليس أحد آخر".
وقال إن حديث محفوظ في هذا الأمر كان اتهاماً لرئيس الجمهورية ومن حوله بكونهم "حرامية" ولكن هو لا يحب الإساءة لمن كرمه وقدره.
وحاول مراسل "عربي بوست" التواصل مع أسرة الفريق سعد الدين الشاذلي والمستشار الإعلامي للدكتور أحمد زويل لسؤالهم عن قلادتهم ولكن لم يجيبوا.
ما هي قلادة النيل؟
يعود تاريخها إلى عام 1915، في عهد السلطان حسين كامل، وتهدى لرؤساء الدول ولأولياء العهود ولنواب الرؤساء.
والقلادة من الذهب الخالص، وهي عبارة عن سلسلة تتجسد في وحدات متشابكة تمثل رسوماً فرعونية تدل على الخير والنماء اللذين يجلبهما النيل للبلاد، وما بين كل وحدة وأخرى زهرات من الذهب، وجميعها مرصعة بالميناء من فصوص من الياقوت الأحمر والفيروز الأزرق.
وبها ثلاث وحدات مربعة الشكل من الذهب، تحوي رموزاً فرعونية الطراز، الأولى: ترمز إلى حماية البلاد من الشرور، والثانية ترمز إلى الرخاء والسعادة التي يجلبها النيل والثالثة ترمز إلى الخير والدوام ويحق لرئيس الجمهورية منح قلادة النيل العظمى لنفسه.
أشهر الحاصلين عليها
أشهر الحاصلين على قلادة النيل من المصريين أديب نوبل نجيب محفوظ، والعالم الكيميائي أحمد زويل، والدكتور محمد البرادعي وثلاثتهم فازوا بجائزة نوبل إضافة للرئيس الراحل أنور السادات والمشير حسين طنطاوي، ومنحت لاسم الفريق سعد الدين الشاذلي أحد قادة حرب أكتوبر 1973، ورئيس مصر المؤقت في الفترة الانتقالية المستشار عدلي منصور.
ومن غير المصريين فقد حصل عليها كل من الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا، والسلطان قابوس سلطان عمان، وإميل لحود رئيس لبنان الأسبق، والشيخ حمد بن خليفة أمير دولة قطر السابق، ونيلسون مانديلا، الرئيس الأسبق لجمهورية جنوب إفريقيا والإمبراطور أكيهيتو إمبراطور اليابان، وهيلا سيلاسي إمبراطور إثيوبيا، وجوزيف بروز تيتو رئيس يوغسلافيا، والرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، والملك سلمان خادم الحرمين.