تتراوح أحجام الكائنات الحية في عالمنا بين أحجام البكتيريا والفيروسات التي تقاس بأقل من ميكرون (0.000001 متر) إلى أطول الأشجار المعروفة لدينا، والتي تصل لـ 100 متر تقريباً.
ويوجد كائنات أضخم، مثل فطر العسل الذي يعيش تحت الجبال الزرقاء في ولاية أوريغون الأميركية، وهو كائن يقدر طوله بأربعة كيلومترات، وهذا المدى من الفيروس لفطر العسل يمثل الأحجام المعروفة لدينا، لكن ربما تكون هناك أحجام أصغر بكثير جداً، أو أكبر بكثير جداً من أن نعرف عنها شيئاً بأدوات الرصد والملاحظة والحواس المعروفة لدينا.
كل الحياة التي نعرفها حالياً يمكن أن تعود لكائن وحيد الخلية، وُجد قبل أربعة مليارات سنة، ونحن الآن نتشارك كوكب الأرض مع الفيلة والحيتان وأكثر من 8 ملايين من الأنواع الحية الأخرى، ومن الواضح أننا جميعاً مترابطون بشكل أو بآخر، فهل نكون جزءاً من كائن حي واحد مشترك كبير بحجم الكون؟ وهل نعد نحن أنسجة وخلايا وجسيمات تحت خلوية ضمن الكائن الهائل الحجم ذاته؟
لا يوجد دليل على ذلك، ولا يوجد دليل أيضاً على خطأ هذا الافتراض، فالكثير من الكائنات الحية التي تموت وتولد غيرها كائنات أخرى ربما تكون خلايا تتجدد في الكائن الهائل المفترض.
الماتركس الحيوي
التفكير في الكون كأنه "دماغ عملاق" ليس جديداً، فقد اقترحه علماء وكتاب خيال علمي على مدى عقود، لكن الفيزيائيين وجدوا أن هناك شواهد حقيقية حالياً على هذا الافتراض، فحسب تقرير نشرته النسخة الأميركية لموقع "هاف بوست"، نقلاً عن دراسة نشرت في مجلة Nature العلمية، خلصت إلى أن الكون قد ينمو بالفعل بنفس الطريقة التي يتطور بها الدماغ العملاق، بالنظر لأن انتقال الإشارة الكهربية بين خلايا الدماغ يشبه في المرآة توسع المجرات المستمر.
وتفترض الدراسة التي نشرت في العام 2012 أن هناك قانوناً أساسياً واحداً للطبيعة يمكن أن يحكم الشبكات المختلفة كما قال الفيزيائي كيفن باسلر، فشبكات الدماغ تشبه الإنترنت وتشبه الكون المتسارع والمتسع باستمرار.
هذا، وقال ديميتري كريوكوف، وهو مؤلف مشارك في الدراسة من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، إن التشابه الغريب بين نمط التوسع في الشبكات الكبيرة والصغيرة، الإنترنتية والكونية والحيوية لا يمكن أن يكون مصادفة، وإنهم يرجحون أن بعض القوانين غير المعروفة تفسر الطريقة التي تنمو بها الشبكات، من أصغر خلايا المخ إلى نمو المجرات الضخمة واتساعها.
وأضاف أنه في حين تبدو هذه الأنظمة مختلفة جداً، إلا أنها تطورت بطرق مماثلة جداً، والنتيجة أن الكون ينمو حقاً مثل الدماغ.
التشابه بين النظام الحيوي والنظام الكوني
لدينا مستويات هائلة من المقارنة بالتكبير والتصغير لأبعاد الحياة من الفيروسات والميكروبات، التي لا ترى حتى بالميكرسكوب للمجرات الهائلة، فإذا أخذنا نمط الدوران على سبيل المثال يمكن أن نقارن بين دوران الإلكترونات حول النواة ودوران الكواكب حول النجم أو الشمس، فهل يمكن أن تكون الإلكترونات (التي لا نستطيع رؤيتها حتى الآن بالميكرسكوب لصغر حجمها) هي كواكب كاملة في مستوى آخر من الحياة لا نعرف عنه شيئاً.
ربما أحد هذه الإلكترونات هو كرة أرضية كاملة بمحتوياتها من محيطات وقارات وكائنات حية تعتبر غير مرئية بالنسبة لنا، وربما كذلك يكون العكس بأن تكون كرتنا الأرضية هي مجرد إلكترون يدور حول نواة هي شمسنا، في عالم آخر من الاتساع، لدرجة لا نستطيع رصدها ولا حتى تخيلها.
شاهد هذا الفيديو الذي يعطيك لمحة عن مقارنة الأحجام من دون الذرة، وحتى الكون المعروف لدينا
ليس لدينا إجابة علمية عن هذه الأسئلة، وربما يكون المستقبل مفتوحاً على هذه الأسئلة، وربما لا نستطيع أيضاً إحداث تقدم في الإجابة عنها، لأن قدراتنا التكنولوجية محكومة بعالمنا فقط، لكنها افتراضات قد تكون صحيحةً.
وتظل المقارنة ممكنة ومثيرة بين المستويات الحيوية والكونية المختلفة، ويعطيك هذا الفيديو لمحة أخرى عن التشابه بين الكون والخلايا العصبية، فتشكل الكون يشبه الأعصاب تحت الميكروسكوب، وموت النجم أو الانفجار النجمي الهائل يشبه لحد مثير ميلاد وانقسام الخلية الحيوية البشرية، وصورة العين البشرية تشبه سديم الحلزون، الذي يقع ضمن كوكب الدلو، ويحدث اللون الأزرق المخضر في مركز الحلزون نتيجة الغاز الساخن وذرات الأكسجين، التي تتوهج تحت تأثير الإشعاع فوق البنفسجي الشديد القادم من النجم المركزي المتوهج.
فهل ترى أنه ربما يكون كوكبنا بالفعل خلية أو ربما نواة خلية أو جسيم أصغر من النواة في خلية حية عملاقة لكائن حي أو كون حي لا نستطيع أن نراه؟