تضرب موجة من الحر الشديد العالم بأسره، ففي منطقة الشرق الأوسط سجلت مدينة الأهواز الإيرانية يوم 29 يونيو/حزيران 2017، رقماً قياسياً عالمياً يتعلق بأعلى درجة حرارة يتم تسجيلها في العالم كله، بوصول درجة الحرارة إلى 54.2 درجة مئوية.
وسبق ذلك في الكويت، عند وصول درجة الحرارة إلى 54.2 درجة مئوية في مدينة مطربة، يوم 21 يوليو/تموز 2016، وفي الصليبية إلى 53.6 درجة مئوية، يوم 31 يوليو/تموز 2012، واقتراب درجة حرارة مدينة البصرة العراقية لنحو 53.9 درجة مئوية، يوم 20 يوليو/تموز 2016.
وتقول الأبحاث إن ذلك مجرد نقطة في بحر سيغمرنا، وإن درجات الحرارة الشديدة نتيجة ثانوية للتغير المناخي، بحسب تقرير نشره موقع The Verge الأميركي.
ويتفق الخبراء على أنَّه مع ارتفاع درجات الحرارة، ستصبح هذه الموجات أكثر تكراراً، وتستمر لوقتٍ أطول، كما سيشعر الناس بأثرها على نحوٍ أشد، وسيكون لها أثر على الطريقة التي نستخدم بها الطائرات، إذ عادةً ما يتم إلغاء بعض الرحلات مع موجة الحر الشديدة.
ففي موجة حر شديدة ضربت مدينة فينكس بولاية أريزونا الأميركية، الشهر الماضي، اضطرت الخطوط الجوية الأميركية إلى إلغاء 50 رحلة جوية، مع وصول درجة الحرارة إلى 84.9 درجة مئوية، ويرجع هذا إلى تأثير درجات الحرارة الشديدة على قدرة الطائرات -لا سيما الصغيرة- على الإقلاع.
والأساس العلمي لذلك بسيط، إذ إن الهواء الساخن أقل كثافة من الهواء البارد، وبالتالي، كلما زادت درجات الحرارة، زادت السرعة المطلوبة كي تستطيع الطائرة الارتفاع. ولا تشتمل الكثير من المطارات على مدرجات طويلة كفاية للسماح للطائرات بتحقيق هذه السرعة المطلوبة في أثناء درجات الحرارة المرتفعة.
وبسبب هذا الارتفاع في درجات الحرارة الناتج عن التغير المناخي، ستتأثر كلٌّ من الطائرات التجارية متوسطة الحجم والكبيرة، والمطارات ذات المدرجات القصيرة، والأخرى الواقعة على ارتفاعات كبيرة بشدة، فضلًا عن إلغاء الرحلات وتأجيلها.
وسيكون الأمر مكلفاً على الجميع؛ إذ ستحتاج المطارات إلى إنفاق رأس المال على بناء مدرجاتٍ أطول، بينما ستحتاج شركات الطيران إلى إنفاق الكثير من المال على تحسين تكنولوجيا أداء المحركات وكفاءة هيكل الطائرة.
وفي غضون ذلك، سيكون مراقبو الحركة الجوية بحاجةٍ إلى ضغط الجداول حتى تستطيع الطائرات الأثقل وزناً الطيران في الأوقات الأقل حرارة في اليوم، وهذه الممارسة تستخدمها الطائرات بالفعل في المدن التي يشيع فيها ارتفاع درجة الحرارة. ففي مطار دبي الدولي مثلاً، تصل بعض الطائرات ليلاً أو في الساعات الأولى من اليوم لتجنب مشكلة درجات الحرارة الشديدة.
هذا، وقد بدأ فريق من الباحثين بجامعة كولومبيا في تحديد الطريقة التي سيؤثر بها ارتفاع درجات الحرارة على أداء الطائرات حال إقلاعها وهبوطها، ونُشِرت نتائج الأبحاث، في 13 يوليو/تموز في مجلة Climatic Change أو التغير المناخي.
وبنى الباحثون نموذج أداء لخمس طائراتٍ تجارية رائجة، تُحلِّق من 19 من أكبر المطارات في العالم، وصمَّمت زيادات يومية في درجات الحرارة اعتماداً على نماذج البرنامج العالمي للبحوث المناخية. وخلص الباحثون إلى أنَّ حوالي 10- 30% من الطائرات التي ستقلع في أشد الأيام حرارةً ستحتاج لأن تكون أخف في الوزن حتى تستطيع الارتفاع عن سطح الأرض.
فيما كتب الباحثون: "وحتى مع التكيف، والتبني المحتمل لتصميمات جديدة للطائرات، فمن المرجح أن يظل أداء إقلاع الطائرات أقل مما لو لم يكن ثمة تغير مناخي، وذلك بسبب كلٍّ من تأثيرات انخفاض كثافة الهواء، وتدهور أداء المحرك، وتعرُّضه لدرجات حرارة أعلى. وتنسحب تلك الحقيقة على كل التأثيرات الأخرى للمناخ، حتى لو أصبح بالإمكان التكيُّف معها؛ إذ ستظل هناك تكلفة لذلك".