قام علماء أميركيون بصناعة "ثقبهم الأسود" باستخدام ليزر لأقوى جهاز للأشعة السينية في العالم. واستخدم الباحثون في الماضي شعاعاً أقل كثافة على جزيئات صغيرة فنجح في تحرير الإلكترونات من ذرات اليود الجزيئية، ولكن في تجربة حديثة استخدم فريق العلماء شعاعاً عالي الكثافة بدلاً من ذلك وجاءت النتائج كمفاجأة كبيرة غير متوقعة.
إذ قام العلماء بتوجيه نبضة ليزر لجزيء اليوم، فقامت بتجريد قليل من الإلكترونات في جزيء أكبر ذرة في الجزيء من الداخل للخارج، ونتج عن ذلك فراغ أدى إلى جذب الإلكترونات من باقي الجزيء، وهو ما يشبه ثقباً أسود في الفضاء يلتهم النجوم المجاورة ويبتلعها ولكن على مستوى صغير جداً، حسب الورقة التي نُشرت في مجلة Natureالأربعاء 31 مايو/أيار 2017.
وبهذا، تكون هذه الذرة نوعاً من "ثقب أسود" كهرومغناطيسي يقوم بابتلاع ما حوله، لكن خلافاً للثقب الأسود في الفضاء فإن ذرة الأشعة السينية لا تعتمد على قوة الجاذبية، وإنما الشحنات الكهربية؛ ما يؤدي في النهاية إلى تفجّر الجزيء في أصغر جزيء من الثانية.
"من المؤكد أننا لم نتوقع ذلك من قياسات التجارب السابقة"، هكذا علق سيباستيان بوتيت، وهو مؤلف مشارك في الدراسة وعالم في مختبر مسرّع الجسيمات المعروف باسم سلاك الوطني، والذي يضم ليزر الأشعة السينية الخالي من الإلكترونات.
وقد قاد دانيال رولز وأرتيم رودينكو، من جامعة ولاية كانساس، هذه التجربة، التي جرت في مكتب ليناك لأبحاث الضوء بمختبر سلاك في مينلو بارك، في ولاية كاليفورنيا الأميركية.
بين "ثقب" المعمل والفضاء
الثقب الأسود المجهري الذي أوجده العلماء في المعمل، لم يدم فترة طويلة، ومع ذلك ففي خلال 30 فيمتو ثانية (مليون من مليار من الثانية) فقدَ الجزء أكثر من 50 إلكتروناً ثم انفجر، مع درجات حرارة ليرز تبلغ آلاف الدرجات الحرارية، ولم يأخذ الجزيء فرصة ليعود كما كان.
والثُقب الأَسود الفضائي هوَ مكان غير مرئي في الفضاء، حيث يكون للجاذبية الهائلة فيه قُوة شَد كبيرة لا يستطيع حتى الضوء الهُروب منه، وتحدث عادةً بضغط كتلة هائلة في مساحة صغيرة تنتج عن موت نجم مثلاً. ولتتحول الكرة الأرضية لثقب أسود مثلاً، يتطلب ذلك أن تنضغط وتتحول لكرة صغيرة، نصف قطرها أقل من واحد سم بكتلتها الحالية نفسها فتكون بلا فراغات بينية تماماً.
بِمَ يفيدنا ذلك؟
استخدم العلماء الأميركيون والدوليون على حد سواء، الليزر القوي لمحاولة تصوير الكائنات البيولوجية الفردية، مثل البكتيريا والفيروسات، بدقة عالية، كما يقومون بتجارب لمعرفة كيف تتصرف المادة تحت ظروف قاسية، وكيف نفهم بشكل أفضل ديناميات الجزيئات المعقدة.
لكن الباحثين لا يزالون يدرسون كيف حدث ذلك وكيف يستفيدون من القياسات والنتائج التي حصلوا عليها.
فباستخدام الليزر يمكن جمع البيانات من العينات الجزيئية في أقل من غمضة عين، ولكن العينات حتماً تكون قد تضررت ودُمرت بشدة.
هذا، وقال رولز: "إن تجربة الليزر عالية الكثافة يمكن أن تساعد العلماء في تخطيط وتفسير أفضل للعمل المستقبلي باستخدام نبض الأشعة السينية"، وهذه التقنية تساعد في تحقيق أعلى دقة لصور الجزيئات البيولوجية، ويمكن أن يساعدنا ذلك أكثر في فهم الكيمياء الحيوية وتطوير أدوية أفضل.