وسط سباق محموم للمحطات التلفزيونية في تونس، لنيل أكبر نسبة مشاهدة في شهر رمضان من خلال المنافسة الشرسة على تقديم برامج تجلب المشاهد بأي وسيلة وبأي ثمن، أثار برنامج المقالب "الكلينيك" الذي تعرضه شاشة حنبعل التونسية الخاصة جدلاً في تونس، وصل مداه لتهديد صاحب العمل والقناة بمقاضاتها من قبل بعض الضحايا، الذين قيل إنهم سقطوا في فخ هذه الكاميرا الخفية، وسط دعوات لمنع بثِّها بسبب حجم مشاهد العنف والرعب الذي تحتويه الحلقات.
وتعتمد فكرة البرنامج على الاتصال بشخصية فنية أو سياسية أو رياضية معروفة، وإيهامها بأن أحداً من معارفهم تعرَّض لحادث أليم، ثم يطلب منه بعد قدومه للمصحة ورؤية المريض وهو بحالة صحية حرجة التبرع له بالدم، ليتم بعدها تخدير الضحية، ثم القيام بعملية تشويه "مصطنع" لجزء من جسده، ليصحو بعدها من غيبوبته ويفاجأ بما حصل له.
معد العمل وصاحب الفكرة بلال الباجي أعرب في تصريح لـ"عربي بوست" عن مدى استغرابه لحجم الحملة التي تُشن ضد البرنامج، وضد القناة بشكل عام، لكنه اعتبر في المقابل أن البرنامج وصل للمدى الأقصى للهزل "غير المقبول"، وهو ما يطلبه المشاهدون وفق قوله.
وحول اتهام البرنامج بالفبركة، و"باستِبْلاه" المشاهدين في سبيل تحقيق أكبر نسب مشاهدة نفى الباجي الأمر بشكل قطعي، وأكد أن عملية التنويم حدثت بالفعل، لكنه في المقابل أكد أن العديد من الشخصيات التي ظهرت تلقت أموالاً من البرنامج، كشرط لتمرير حلقاتهم.
نقابة الأطباء تحتج وتكشف
من جانبها أكدت الدكتورة لمياء قلال، الممثلة للمجلس الجهوي لعمادة الأطباء بتونس، في تصريح لـ"عربي بوست"، أن "العمادة فتحت تحقيقاً في الغرض مباشرة، بعد بثِّ الحلقات الأولى من برنامج "الكلينيك"، في إطار الحرص على تنوير الرأي العام، وعدم زعزعة الثقة بين المواطن التونسي ومهني الصحة، بعد أن تأكد أن البرنامج أساء بشكل أو بآخر لمهنة الطب بشكل عام، ولضوابطها الأخلاقية والقانونية في ممارسة المهنة، لعل أبرزها القيام بتخدير أشخاص دون علمهم".
وأضافت: "تأكدنا فعلياً بعد فتح تحقيق والتواصل مع المصحة التي صُورت داخلها كل حلقات هذا البرنامج، أن الأمر كله لا يعدو أن يكون مقلباً جاهزاً ومعداً مسبقاً بعلم كافة الضحايا، ولم يتم تنويم أو تخدير أي منهم".
وفي السياق ذاته نشر ناشطون عبر شبكات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، قيل إنه مسرب من قاعة مونتاج العمل (مخرج العمل لم ينف الأمر) يُظهر إحدى الممثلات التي يفترض أنها وقعت ضحية هذا المقلب، وهي تضحك رفقة معد العمل، وتقول: "لقد خدعنا المشاهدين في رمضان".
وكان عرض الحلقات الأولى من البرنامج قد خلَّف موجة استنكار وتنديد شديدين من قبل التونسيين، الذين أدانوا التلاعب بمشاعر الناس بشكل مبالغ فيه، وباستخدام أساليب وُصفت بـ"المنحطّة"، في سبيل تحقيق أكبر نسب مشاهدة، ونشروا تدوينات معترضة على فكرة المقلب والطريقة المعتمدة التي بالغت في العنف النفسي والجسدي>