“الطاقة المظلمة” مجرد أوهام.. بعد 100 عام العلماء يكتشفون أنها ليست سبب اتساع الكون

منذ أواخر التسعينات، أبدى الفيزيائيون تأكيدات بأن الكون يتمدد بنسبة متسارعة الوتيرة، ولكن المعتقدات حول سبب ذلك تغيرت

عربي بوست
تم النشر: 2017/05/27 الساعة 04:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/05/27 الساعة 04:41 بتوقيت غرينتش

منذ أواخر التسعينات، أبدى الفيزيائيون تأكيدات بأن الكون يتمدد بنسبة متسارعة الوتيرة، ولكن المعتقدات حول سبب ذلك تغيرت حالياً بين فريقين: فريق يؤمن أن طاقة غامضة تدعى الطاقة المظلمة هي المسؤولة عن هذا التمدد، وفريق يعتقد أن ما يبدو كطاقة هو مجرد وهم السبب هو بنية الكون المتغيرة أصلا.. فأيهما نصدق؟

من هذا المنطلق يبحث فيزيائيون من جامعة لوراند بالمجر، ومعهد الفلك بجامعة هاواي ما إذا إن كانت التقديرات الموجودة في معادلات أينشتاين تتسبب بتأثير خطير، خلق وهماً لدى العلماء بأن هناك قوة ضخمة غير معروفة تؤدي إلى اتساع الكون.

أولاً: ما الطاقة المظلمة؟


في الواقع لم يجد العلماء تفسيراً نهائياً لما يسمى الطاقة المظلمة، لكن يمكن القول إنها شكل من أشكال الطاقة التي تملأ الفضاء الخارجي، وهي ذات ضغط سلبي تعمل على تمدد الكون.

ولأن لأي نوع من أنواع الطاقة مصدراً، سواء مادة أو أشعة، فإن العلماء يرون أن الكون حين يكون فارغاً تماماً فإن به طاقة متبقية تؤدي إلى توسع الكون.

فالطاقة المظلمة تفسر عند نظريات مثل الشكل الكلي للكون وطبيعة المادة التي نراها تموج عبر الفضاء، لكنها تبقى حتى الآن صندوقاً فارغاً بلا تفسير، ويتم افتراض وجودها كجزء أساسي من الفضاء الفارغ، يُعرف بالثابت الكوني ويُرمز إليها بالحرف اليوناني (لا مبدأ Λ).

متى بدأ الحديث عن الطاقة الكونية؟



بالعودة إلى بواكير القرن العشرين، قدم أينشتاين "الثابت الكوني" كنوع من العوامل المصطنعة لتوضيح سبب عدم قدرة المواد المشتتة في الفضاء على إعادة التجمع بفعل جاذبيتها الخاصة.

ولكن عندما أوضح لاحقاً إدوين هابل، أن الكون في الحقيقة لا يقاوم الانهيار، إنما يتوسع، أُلقي الثابت الكوني لأينشتاين في سلة المهملات.

ولكن حالياً يؤمن العلماء أن الكون كان يتمدد بمعدل أبطأ في أيامه الأولى مقارنة بالفترة المعاصرة، مما يجعل الثابت الكوني مفيداً من جديد، كطريقة لشرح هذه الزيادة في السرعة.

وإذا أضفنا لغزاً جديداً إلى المعادلة، هو المادة المظلمة التي تشكل 27% من الكون المرئي، نحصل على نموذج "لا مبدأ المادة الباردة المظلمة" (ΛCDM) لبيان كيفية تطور الكون.

وبينما كانت نظرية أينشتاين "النسبية العامة" مسؤولة عن تأسيس الجزء الأكبر من أساسيات هذا النموذج، إلا أن حسبتها الرياضية معقدة، ما يدفع الفيزيائيين إلى استخدام بعض الافتراضات المدروسة لتجاوز هذه المعضلة.

إذاً هل يعتبر أينشتاين مخطئ؟


في هذه الدراسة الأخيرة، يجادل الباحثون بأن هذه التقديرات تجاهلت التأثيرات الكبيرة المحتملة للبنى الكونية الضخمة.

ويقول لاتسيو دوبوس من جامعة لوراند: "إن معادلات النسبية العامة التي تصف توسع الكون، بلغت من التعقيد الرياضي درجة أنه حتى بعد 100 عام لم يُتوصل إلى حلول لمسألة تأثير البنى الكونية".

وإذا كان من الممكن أن نقف خارج الكون لدقيقة والنظر إليه من أعلى، سنرى مجموعات من المجرات تسمى "العناقيد الكبرى"، تبطّن على ما يبدو مساحات فارغة.


تفسير التسارع بالمادة المظلمة


يفترض نموذج ΛCDM توسعاً منتظماً يتسارع باضطراد، بفضل الدفع المتزايد من الطاقة المظلمة، التي تتغلب على قوة المادة العادية المنتشرة بتساوٍ عبر الفضاء.

مع ذلك، ووفقاً للفيزيائيين المشاركين في الدراسة الأخيرة، ستخلق البنى الضخمة، التي تبدو كفقاعات من المساحات الخالية تحيطها المجرات، مساحات يحدث فيها التوسع بمعدلات مختلفة كأنها أكوان صغيرة.

وعبر نمذجة تأثير جاذبية ملايين الجزيئات -التي تمثل المادة المظلمة- رياضياً، تمكن الفريق من إعادة تمثيل لتشتت المادة في المراحل الأولى للكون.

الكون لا يزال يتوسع في النموذج الخاص بهم، إلا أن الفروق الفردية في كيفية توسع هذه الفقاعات تؤول في النهاية إلى المتوسط العام للتسارع الكلي في توسع الكون.

يضيف دوبوس قائلاً: "تعتمد اكتشافاتنا على التخمين الرياضي الذي يسمح بحساب التوسع المتفاوت، وهو ما يأتي متسقاً مع نظرية النسبية العامة".

ويخلق هذا النموذج افتراضاته الخاصة، لكن إذا صمد أمام النقد والتدقيق سيكون بإمكانه شرح سبب توسع الكون بوتيرة متسارعة، دون الحاجة إلى طاقة غامضة.

ليس هناك شك أن الطاقة المظلمة تمثل معضلة صعبة التجاوز، لذا قد يتطلب الأمر تفكيراً خارج الصندوق، إذا لم يكن خارج الكون كله للوصول إلى إجابة

علامات:
تحميل المزيد