انتشر هاشتاغ "#_مانسوطيش" بسرعة كبيرة على فيسبوك وتويتر بالجزائر، وأصبحت الكلمة تتردد كلما طرحت مسألة المشاركة من عدمها في الانتخابات التشريعية المقررة في الرابع مايو/أيار 2017.
كلمة "مانسوطيش" ظهرت في فيديو مدته 4 دقائق و38 ثانية، من إنتاج وغناء الممثل الشاب شمس الدين العمراني، صاحب قناة على يوتيوب التي تحمل اسم شهرته "Dzjoker Chemsou".
ويقصد شمسو بكلمة "مانسوطيش" المشتقة من كلمة "ne pas sauter" أي (لن أقفز)، أنه لن يدلي بصوته في الانتخابات. وبدل أن يقول "ما نفوطيش" المشتقة من اللغة الفرنسية "ne pas voter"، بمعنى "لن أصوت" استخدم مصطلح "مانسوطيش"، وكأنه يشبه المشاركة في الانتخابات بمن يلقي بنفسه من أعلى البناية.
وحاز الفيديو قرابة مليوني مشاهدة في حوالي 48 ساعة، بدءاً من تاريخ نشره في 27 أبريل/نيسان 2017، ووصفه الكثيرون بالعمل الرائع.
هذا الانتشار الواسع يعود إلى احترافية إنجاز هذا العمل الإبداعي، الذي يشرح أسباب مقاطعة الانتخابات، واستخدامه لغة رمزية، واستعارة بلاغية باللهجة الجزائرية لتلخيص همومه كشاب مع المسؤولين في السلطة.
انتقد الخدمة العسكرية والتعليم والمعيشة
تحول شمسو إلى نجم في الجزائر بعد الفيديو، الذي طرحه بأسلوب مختلف، ووصف العمل بـ"الإبداعي"، بعد اعتماده على نمط تصوير محترف، كما استعان الشاب بموسيقى فيلم "The Gladiator".
ويستهل شمسو الفيديو، بهجوم على كبار المسؤولين "الذين يجبرون أبناء المواطنين العاديين على أداء الخدمة العسكرية، فيما يستثنون أبناءهم".
ويتَّهم الشاب في الفيديو -الذي تم تداوله بشكل كبير على السوشيال ميديا- المسؤولين بـ"الزيادة في الأسعار واستثناء أجور العاملين".
ويحكي شمسو عن واقع الدراسة في بلده قائلاً: "من أفسدوا التعليم حتى يجعلونا جاهلين"، وتجيب فرقته في الأغنية "هم".
واعتبر الشاب الذي يدعو الجزائريين إلى مقاطعة الانتخابات، أن "الدولة لم تمنحه التعليم اللازم، وحتى إن كان التعليم مجانياً فمستواه في الحضيض، بدليل أن أبناء المسؤولين يدرسون في الخارج".
شبَّه المصوتين بـ"الملقين" بأنفسهم من أعلى بناية شاهقة
يقف شمسو في الفيديو على حافة بناية شاهقة، ويشرع في حوار مع سيدة يقصد بها الدولة، بالتساؤل "لماذا عندما تقترب الانتخابات تحبين سماع الصوت.. أُسمعك صوتي؟.. والله ما نسوطي (لن أصوت) أنظري إلى حالتي" ليبدأ في سرد المعاناة.
ويرد الشاب على الحكومة الجزائرية التي اتَّخذت من جملة "سمع صوتك" شعاراً رسمياً للانتخابات البرلمانية.
وتابع الشاب في أغنيته سرد أسباب امتناعه عن المشاركة في التصويت، منتقداً الواقع المعيشي، وضعف الأداء الصحي للمستشفيات، بدليل أن رئيس الجمهورية الذي سمَّاه بـ"رب البيت" عندما يمرض يُعالج في الخارج.
إليسا تأخذ المليارات مقابل "ع بالي حبيبي"
ويقول شمسو في الفيديو "أنا أتحدث باسمي ولن أصوت عليك لترفع يدك وتأخذ أموالي (أموال الشعب)"، وأضاف: "تريديني أن أهاجر وأنا أريد أن أعيش هنا".
انتقادات الممثل الشاب طالت حتى مجال الثقافة في البلد، إذ اعتبر أنه من غير المنصف أن تتم "دعوة الفنانة اللبنانية إليسا إلى الجزائر مقابل المليارات لتغني "ع بالي حبيبي"، فيما الفنان الجزائري يعيش وضعاً صعباً".
يقول العمراني للسيدة التي يتحدث إليها (الدولة)، "لا تخافي هدفي ليس إحداث الفوضى، أتحدث برمز سري لن يفهمه الأجانب"، وأوضح الشاب أنه عبَّر عن رأيه حتى وإن تعرض للاعتقال، وقال إنه لم يقصد الدولة بقدر ما كان يقصد المسؤولين.
وتم إنشاء مجموعة خاصة تحمل اسم "مانسوطيش".
وبعد النجاح السريع للفيديو كتب شمسو على صفحته الرسمية بفيسبوك أنه "تلقى آلاف الرسائل وتأثَّر بذلك"، وقال "إنه كتب النص من القلب ومثَّل من القلب".
وفي آخر منشور له، كتب شمسو، أنه كان متيقناً عند إنجازه للفيديو بأنه "سيتعرض لمشاكل وسيحاول البعض تشويه صورته ومنعه من الكلام".
كيف ردَّت الجهات الرسمية؟
وجاء الرد الرسمي على فيديو "مانسوطيش" سريعاً على لسان وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى، خلال إشرافه على ملتقى بولاية الجلفة (وسط البلاد) حول الزوايا (دور تلاوة القرآن وحفظه) في صيانة الأمن والاستقرار.
وقال عيسى إن بعض الشباب غير مدرك لواجبه السياسي، وإن دعاة المقاطعة لا يمثلون إلا أنفسهم، واعتبر أن هناك حملة شعواء على مواقع التواصل قائلاً: "واحد يقول مانسوطيش والله لاسوطا". واتهم الوزير الداعين إلى مقاطعة الانتخابات بـ"المستهزئين من رسول الله والباثين للكذب والنفاق".