بينما يصف البعض عصرنا بالمتدهور والاستهلاكي، نجد مجموعة من الباحثين يكرسون حياتهم لخدمة البشرية وتطوير العلم واستكشاف الفضاء الشاسع والمحيطات العميقة.
ومن بين هذه المؤسسات، نذكر وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) التي يسهر علماؤها وباحثوها على محاولة فهم أسرار الفضاء الخارجي واستغلاله لمصلحة البشرية.
إلا أن أبحاث هذه الوكالة لا تقف عند اكتشاف كواكب جديدة أو اختراع مركبات فضائية متطورة؛ بل تتجاوزها لتجارب أخرى، نتطرق إليها في هذا التقرير.
1- إطلاق العناكب للفضاء
في مبادرة لطيفة، قررت وكالة ناسا عام 2008 إرسال عنكبوتين خارج الكرة الأرضية، وتحديداً للمحطة الفضائية الدولية، حيث تم إطلاقهما داخلها.
كان الهدف وراء هذه التجربة، التي قد تبدو غريبة وعديمة الفائدة، هو تحفيز الأطفال والتلاميذ بشكل عام على الاهتمام بالعلم والبحث العلمي عامة، وذلك عن طريق إظهار العلم كشيء ممتع وطريف بدل الفكرة التي يترعرعون عليها والتي تقضي بأن المجالات العلمية صعبة ومملة. أما اختيار العناكب دون غيرها من المخلوقات، فيعود لرواية الأطفال الأميركية الشهيرة Charlotte's Web.
جاءت نتائج هذه التجربة مفاجئة جداً، فبعد أن كانت هذه العناكب تائهة للغاية في البداية، وهو الأمر الذي ظهر من خلال شباكها المنسوجة بشكل فوضوي، استطاعت في غضون أيام فقط التكيف مع ظروف الفضاء ونسج شباك متقْنة الصنع على الرغم من غياب الجاذبية، بشكل مطابق لتلك المنسوجة على كوكب الأرض، والأهم أنها تمكنت من العيش خارج كوكبنا!
2- إجراء تجارب على البشر
ما رأيك في تقاضي 18 ألف دولار من وكالة ناسا دون فعل أي شيء سوى المكوث في الفراش؟ عرضٌ مغرٍ قدمته ناسا لإجراء التجارب على المتطوعين شرط المكوث في الفراش لمدة 70 يوماً. قد تبدو مدة قصيرة بالفعل، نظراً للمقابل المالي المعروض، إلا أن الرأي يختلف إذا علمنا أنه غير مسموح للمتطوعين بمغادرة الفراش أبداً طيلة هذه المدة.
أي إنهم ممنوعون حتى من الذهاب إلى دورة المياه، أو الجلوس، فهم مطالبون بالبقاء على وضعية واحدة طيلة 70 يوماً، علماً أن رأسهم سيكون مائلاً إلى الوراء بـ6 درجات ليحاكي ظروف تنقُّل رواد الفضاء. وفي المقابل، وعدت ناسا بتوفير عدة وسائل للاستمتاع وقتل الملل كألعاب الفيديو والإنترنت والتحدث إلى العائلة والأصدقاء عن طريق الفيديو أو قراءة الكتب.
وتهدف هذه التجربة إلى مراقبة الأثر الذي يخلفه السفر لمسافات طويلة على أجسام رواد الفضاء، بالإضافة إلى دراسة الضرر الذي تتعرض إليه عظام وعضلات الجسم من جراء الحفاظ على وضعية واحدة لمدة طويلة.
3- تحويل الشحوم إلى وقود
على عكس الشائع، لا تتمحور جميع تجارب وأبحاث وكالة ناسا حول الفضاء؛ بل تهدف أيضاً إلى تمويل الأبحاث الكبرى التي تهمُّ كوكب الأرض نفسه. وفي عام 2011، أطلقت الوكالة مشروع بحث للتوصل إلى بديل للوقود المتعارف عليه، وبما أن الموارد الأرضية ستنضب عاجلاً أم آجلاً، بالإضافة إلى الكوارث البيئية التي سببها البترول ومشتقاته، أرادت "ناسا" التوصل لإنتاج وقود "متجدد" من ناحية، و"نظيف" أو "صديق للبيئة" من ناحية أخرى.
وأخيراً، تم التوصل إلى حل يتمثل في صنع وقود حيوي من شحوم الحيوانات، وتحديداً من شحوم الدجاج والبقر. إلا أن الحديث عن هذه التجارب توقف منذ ذلك الحين، ولم يُعرف ما إذا نجحت التجربة أم فشلت.
4- استعمال الجثث
تلجأ ناسا أحياناً إلى جثث الأموات من أجل اختبار مركباتها الفضائية، فقد استعملت الوكالة هذه الطريقة في عدَّة أبحاث لمراقبة الخطر الذي يواجه الإنسان في حالة هبوط المركبات الفضائية على كلٍ من اليابسة أو المياه، وهو الأمر الذي يتم تبريره باستحالة تجريب أمر مماثل على أشخاص أحياء.
بالإضافة إلى ذلك، فإن اللجوء إلى الدمى أو الوسائل المحاكية للإنسان غير كافٍ للتوصل إلى معلومات مهمة كالآثار التي يخلفها الاصطدام على أعضاء الجسم الحيوية.