هل نحن أمام كشف جديد؟ أم أن وهم العلماء يقودهم إلى اعتقاد أننا أمام كوكب تاسع في المجموعة الشمسية التي نعيش فيها؟
منذ أن تم اقتراح وجوده للمرة الأولى، بدأت الأدلة حول الكوكب التاسع تتراكم، ولكن بطبيعة الحال، لم تكن تلك الأدلة مباشرة، حيث كانت في معظمها تتألف من دراسات تبين أن مدارات الأجسام العابرة لمدار نبتون (TNOs) تتفق مع وجود كائن كبير يعبر الطريق. ومؤخراً، ظهرت أدلة جديدة من قلب النظام الشمسي ذاته تؤكد وجوده.
كشف هذه الأدلة معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، بدراسة من إليزابيث بيلي والعالِميْن كونستانتين باتيجين ومايكل إي براون، اللذين كانا أول من اقترح وجود الكوكب التاسع. وأرجعت الدراسة الجديدة ميلان المحور الشمسي لـ6 درجات إلى وجود كوكب تاسع، أي نتيجة جاذبية كوكب كبير يمتلك مداراً ضخماً للغاية.
وأُثيرت مسألة وجود كوكب تاسع لأول مرة عام 2014 من قِبل عالِمي الفلك سكوت شيبار وتشادويك تروخيو؛ إذ أشارا إلى أوجه التشابه في مدارات الأجسام البعيدة العابرة لمدار نبتون (TNOs)، وافترضا أن هناك جسماً هائلاً قد يؤثر عليها. أعقب ذلك في عام 2016 تصريح من قبل كونستانتين باتيجين ومايكل إي براون بأن كوكباً لم يتم اكتشافه بعد هو السبب وراء ذلك.
بعد أن سمى الباحثون هذا الجسم الكوكب التاسع، بدأت محاولات توقع صفاته، وأشاروا إلى أن كتلته يجب أن تكون أكبر بـ10 مرات من كتلة الأرض، وأنه يستغرق 20.000 سنة لإكمال دورة واحدة حول شمسنا. كما أنهم توقعوا ميلان مداره نسبياً بالمقارنة مع الكواكب الأخرى من النظام الشمسي، وأنه غريب للغاية. وشيئاً فشيئاً، أظهرت الدراسات حول الأجسام الشمسية الأخرى أن الكوكب التاسع موجود في نظامنا الشمسي على الأرجح.
ومن أجل دراستهم، "الاعوجاج الشمسي الناتج عن الكوكب التاسع"، التي تمت الموافقة على نشرها في مجلة الفيزياء الفلكية، نظر فريق البحث بقيادة بيلي إلى ميلان المحور الشمسي. وكما ذكروا في بحثهم، فإن ذلك الميلان، الذي يساوي 6 درجات، لا يمكن تفسيره إلا من خلال احتمالين:
إما أن يكون ذلك نتيجة عدم التناسق الذي كان حاضراً في أثناء تشكيل النظام الشمسي، وإما بسبب وجود مصدر خارجي للجاذبية.
ولاختبار هذه الفرضية، استخدم كل من بيلي وباتيجين وبراون نموذجاً تحليلياً لاختبار كيفية تأثير التفاعل بين الكوكب التاسع وبقية النظام الشمسي على مدارات الشمس نفسها خلال الـ4.5 مليار سنة الماضية.
وكما أشارت إليزابيث بيلي، طالبة الدراسات العليا في قسم معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا ومؤلفة الدراسة: "قمنا بمحاكاة الحركة في النظام الشمسي، وتبين أن الكوكب التاسع يجبر النظام الشمسي على الميل ببطء، فإذا كان الكوكب التاسع هناك، فنحن وسط عملية تذبذب في الوقت الراهن، ولكنها تحدث ببطء شديد، حيث إن أثرها لا يتجاوز بضع درجات في المليار سنة، وفي الوقت نفسه فإن الشمس لا تتذبذب كثيراً، لذلك يبدو كأن محور الشمس يميل".
في النهاية، خلص الباحثون إلى أن ميلان الشمس لا يمكن تفسيره إلا من خلال تأثير كل من الكواكب العملاقة -المشتري، وزحل، وأورانوس ونبتون– بالإضافة إلى كوكب عملاق آخر. وبعبارة أخرى، فإن وجود الكوكب التاسع يقدم تفسيراً لسلوك الشمس الغريب، الذي كان لغزاً حتى الآن.
وبحسب (بيلي)، تم افتراض وجود الكوكب التاسع؛ لأن مدارات الأجسام في المدى الخارجي للنظام الشمسي تبدو كأنها محبوسة في الفضاء المادي، وهذه المدارات كانت ستكون منتشرة في كل مكان إن لم يكن هناك شيء يمنعها من ذلك، والتفسير الوحيد لذلك حتى الآن هو وجود كوكب تاسع.
وكان موضوع الكوكب التاسع أُثير في الاجتماع الـ48 للجمعية الفلكية الأميركية لعلوم الكواكب من قبل فريق من الباحثين من جامعة ولاية أريزونا بقيادة (رينو مالهوترا)، وهو أستاذ علوم الكواكب في الجامعة.
ومن أجل إجراء دراستهم، فحصوا الأنماط المدارية لـ4 أجسام متطرفة من حزام كويبر (KBOs)، والتي تمتلك مدارات أطول من أي أجسام معروفة أخرى.
وفقاً لحساباتهم، فإن وجود كوكب هائل يكمل دورة حول الشمس كل 17117 سنة، وعلى مسافة متوسطة تبلغ 665 وحدة فلكية، قد يفسر النمط المداري لهذه الأجسام الفضائية الأربعة. واتفقت هذه النتائج مع التقديرات حول الفترة المدارية للكوكب التاسع ومساره وكتلته.
وأخيراً، يمكن القول بأن أيام اختباء الكوكب التاسع عن أعيننا باتت معدودة!