إذا سألت أحداً عن أهم اختراعات العصر الحديث، فغالباً ستكون الإجابة: الإنترنت أو الكهرباء، أو شيئاً من الابتكارات الإلكترونية والآلات الضخمة، لكن لا أحد سيُلقي بالاً غالباً إلى واحدٍ من أهم اختراعات العصر الموجود في كل منزل.
إنّه المرحاض، الاختراع الذي نستخدمه يومياً، من دون أن نشعر بمدى أهميته.
المرحاض في العصر القديم
يُرجح أن يكون قدماء المصريين، هم أول من استخدموا المراحيض، وكانت حجرية، واستخدموها بشكل واسع، حتى أنها كانت في بيوت العامة، وكانوا يحفرون أسفلها خزانات لتجميع الفضلات، ويتم التخلص منها لاحقاً.
روما القديمة عرفت أيضاً المراحيض، وقد أُنشئت مراحيض عامة في الشوارع، وقد ساعدت كثيراً في التخلص من الفضلات البشرية.
ورغم أنه يُنسب لروما القديمة، اختراع أول أنظمة مجاري في التاريخ، إلا أنها لم تُحسّن الصحة العامة، إذ إن الفضلات كانت تُصرف في مجاري الأنهار في النهاية، على العكس من قدماء المصريين، الذين منعهم تقديسهم للنيل من فعل ذلك.
المرحاض بشكله الحالي
وفي عام 1596، اخترع السير هارنجتون (شاعر بلاط الملكة إليزابيث)، ما يعرف حالياً بـ"المرحاض الطارد".
بعد ذلك أُضيفت إلى المرحاض آلية لمنع الجرذان والحشرات من الدخول عبر فتحة الطرد.
في النهاية، طُبقت نظرية "السيفون" للفيزيائي الشهير "برنولي"، بتركيب صندوق مياه على مستوى أعلى من مستوى الصرف، للحصول على طاقة كامنة، ما يسمح بالحفاظ على مستوى معين للماء بشكلٍ دائم للحماية من تصاعد الروائح الكريهة.
كيف حافظ المرحاض على الصحة العامة؟
غالباً ما سيغيب عن ذهنك، وذهن غيرك أن المرحاض يُعد واحدًا من أهم الاختراعات الصحية.
الإجابات التقليدية على سؤال: "ما هي أفضل الاختراعات الصحية؟"، ستتضمن أنواعاً مختلفة من الأمصال، أو المضادات الحيوية، أو ربما أجهزة الكشف الطبي الحديثة.
ويغيب عن الذهن أن المرحاض أنقذ البشرية من الفناء بسبب تراكم القاذورات، التي تعد السبب الرئيسي في انتشار الأمراض والأوبئة، والتي أبادت بالفعل ملايين البشر على مر التاريخ.
العالم بحاجة إلى 2.5 مليار مرحاض إضافي
ينقص العالم حوالي 2.5 مليار مرحاض إضافي، إذ إنّ 37% من سُكان العالم لا يملكون مراحيض ، أو لا يمتلكون مراحيض صالحة للاستخدام الآدمي.
وفي عام 2012، تسببت فيضانات سيراليون، في تجريف الفضلات البشرية إلى الشوارع، ما تسبب في انتشار وباء الكوليرا، وإصابة 25 ألف شخصٍ به.
ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن ثلث سكان العالم اليوم، لا يمتلكون نظام صرف صحي.
كما تقول المنظمة إن أكثر من 430 ألف إنسان، يموتون سنويًا، بسبب العدوى الوبائية، وسوء أنظمة المجاري، والتخلص من الفضلات البشرية.
مستقبل المراحيض
ربما لم تتطور فكرة المراحيض كثيرًا منذ اختراعها الأول، حيث كان التطوير غالبًا ما يطال الشكل الخارجي فقط ، أو أنظمة الصرف وترشيد استهلاك المياه في الخزانات.
ولكن المستقبل يعدنا ببعض الأفكار، التي قد تؤدي إلى استخدام الفضلات البشرية في توليد الكهرباء، وتزويد المراحيض بأنظمة ذكية، تساعد في تشخيص الأمراض وتحسين الصحة العامة، وربما تساعدنا التكنولوجيا في رسم صورة للمستقبل أقل قتامة.