يتلاشى خوف الأطفال المرضى في مستشفى "عبدالعزيز الرنتيسي" بمدينة غزة من الحُقن الطبية، ولا تفارق الابتسامة وجوههم كلما زارهم الشاب الفلسطيني ماجد كلّوب بزيّ "المهرّج".
يحاول كلّوب (24 عاماً)، وفريق مكون من 4 شبان يطلق على نفسه اسم "الطبيب المهرج"، عبر ألعاب متنوعة، إدخال الفرح إلى قلوب الأطفال المرضى في مستشفيات غزة، ومساعدتهم على كسر حاجز الخوف من الأطباء.
الشاب الفلسطيني، صاحب القبعة الأرجوانية والأنف الأحمر والوجنتين الورديتين والمعطف الأبيض، يزور برفقة أعضاء فريقه أقسام الأطفال في مستشفيات قطاع غزة كل صباح، "لمساعدتهم في تجاوز أوجاعهم".
ويضم فريق "الطبيب المهرّج" 4 شبان وشابتين، معظمهم طلبة جامعيون، بدأوا العمل منذ نحو عامين، بدعم من مؤسسة الرؤية العالمية الأسترالية.
يقول كلّوب: "نحاول تغيير الروتين العام في المستشفيات نريد أن نقدم الدعم النفسي والفرح للأطفال، لنساعدهم على كسر حاجز الخوف من الأطباء والأدوات والأجهزة الطبية والعلاجية".
ويضيف: "غالباً الأطفال المرضى يبكون ويشعرون بالألم، ونحن نهدف إلى رسم البسمة على وجوهم، لينسوا أوجاعهم".
وأوضح أن فريقه يتواجد إلى جانب الصغار في مواعيد إجراء الفحوص الطبية لهم، وعند أخذ عينات من دمائهم، أو خلال عملية "غسيل الكُلى" للأطفال المصابين بـ"الفشل الكلوي"، وذلك لخوفهم الشديد من هذه الإجراءات.
فريق "الطبيب المهرج" ينفذ أمام الأطفال عروض سيرك مختلفة ومضحكة، منها قذف الكرات والحلقات البلاستيكية في الهواء، ومبارزتهم ببالونات طويلة تشبه السيوف.
وفي قسم غسيل الكلى في أحد مستشفيات الأطفال بمدينة غزة، كان الفريق يوزّع باقة بالونات بألوان زاهية على المرضى.
ويشير المهرج كلّوب إلى أنه تلقى مع زملائه بعض التدريبات في مؤسسات دولية مختصة، يتواجد لها مقرات فرعية في القطاع.
ويطمح لتأسيس فريق كبير يتمكن من زيارات كافة أقسام الأطفال يومياً في مستشفيات القطاع.
ويعتبر عمل أعضاء فريق "الطبيب المهرج" في مجال السيرك مصدر دخلهم الأساسي لهم، بسبب عدم حصولهم على عمل في مجال دراستهم الجامعية، لارتفاع نسب البطالة في قطاع غزة.
وفي ساحة مستشفى "عبدالعزيز الرنتيسي" كانت الشابة بيسان السردي، تصنع فقاعات صابون لمجموعة من الأطفال المرضى، الذين أحاطوا بها.
وتقول السردي، التي تدرس تخصص "الإذاعة والتلفزيون"، إنها التحقت بالفريق قبل نحو شهر؛ لإيمانها بضرورة التخفيف من معاناة الأطفال، ومساعدتهم على تجاوز فترة العلاج.
وتضيف: "شعور رائع جدًا وأنت ترسم البسمة على شفاه الصغار ، نشعر بألم عميق عندما نعلم بوفاة أحدهم، بسبب عدم توافر الأدوية أو القدرة على السفر لتلقي العلاج جراء الحصار الإسرائيلي".
وتغلق السلطات المصرية معبر رفح البري، الواصل بين مصر والقطاع، بشكل شبه كامل، وتفتحه على فترات متباعدة جدًا، ولأيام محدودة، لسفر بعض الحالات الإنسانية، والطلبة والمرضى.
بحسب إحصائية لوزارة الداخلية الفلسطينية في قطاع غزة، فإن 4000 مريض، بينهم 1000، مصابون بأمراض مزمنة، ويحتاجون إلى السفر خارج قطاع غزة، لعدم توافر القدرة الطبية والأدوية في القطاع.
وبعد أن عدّل الشاب مراد مراد، أحد أعضاء الفريق، أنفه الأحمر، وألبس قبعته البرتقالية لأحد الصغار، ي إنه يحب الصغار كثيرًا، ويعمل على إضحاكهم منذ سنوات، قبل تشكيل الفريق، من خلال نشاطات أخرى كان ينفذها في رياض الأطفال.
ويضيف: "أحب عملي كثيرًا، عندما نزور المستشفيات تكون زيارتنا مجانية، ولكن في بعض رياض الأطفال والمراكز والاحتفالات نتقاضى أجراً".
ويبلغ متوسط راتب مراد (28 عامًا) الشهري 1000 شيكل، ما يعادل 300 دولار أميركي.
وفي مايو/أيار الماضي، ذكر البنك الدولي أن اقتصاد غزة ضمن أسوأ الحالات في العالم، إذ سجل أعلى معدل بطالة في العالم بنسبة 43% ترتفع لما يقرب من 70% بين الفئة العمرية من 20 إلى 24 عاماً.