- جرى تعديل هذا التقرير بتاريخ 20 سبتمبر/أيلول 2020 بعدما تبين اختلاق الطبيب البيطري المصري القصة والاستعانة بصور من حساب طبيب بيطري برازيلي لتوثيق قصته.
ليكسي هو اسم "أشهر فرخة في مصر"، وهي أول دجاجة تجري عملية جراحية، وأثارت قصتها اهتمام رواد الشبكات الاجتماعية بعدما أجرى طبيبان مصريان جراحة كلفت أكثر من 400 دولار أمريكي لدجاجة كسرت ساقها، ولفتت الأنظار أيضاً إلى صاحبها السويسري المحب للطيور والذي يربيها بفيلا يملكها بإحدى المدن الساحلية في ظروف مرفهة.
لكن بعد أكثر من 48 ساعة على انتشار القصة عبر مختلف وسائل الإعلام المصرية سواء المقروءة والمشاهدة، بالإضافة لوسائل التواصل الاجتماعي، تبين أن الصور نُشرت عبر حساب طبيب بيطري برازيلي قبل يومين من انتشار القصة في مصر بالأساس، ما يعني اختلاق القصة.
اقرأ أيضاً
نبدأ من النهاية غير السعيدة
نشر طبيب بيطري مصري يدعى كامل العروسي منشوراً عبر حسابه على فيسبوك أبدى فيه استغراباً من سعر العملية، وقال إن شريحتي مايكرو و6 مسامير تكلف في الحقيقة 12 ألف جنيه مصري (670 دولاراً) دون حساب أي أتعاب للطبيب أو تكلفة أدوات أخرى مستخدمة، وهو أغلى كثيراً من السعر المعلن للعملية.
أشار أيضاً بالإضافة لحسابات متخصصة في توضيح حقيقة الأخبار، إلى أن الصور منشورة قبل يومين من انتشار القصة في مصر، وذلك عبر حساب الطبيب البيطري البرازيلي Julio Arruda على إنستغرام، حيث تحدث الطبيب عن إجراء الجراحة للدجاجة بعد كسر ساقها في "طقوس دينية" وتركها لتواجه مصيرها بالموت.
وقال الطبيب البرازيلي الذي نشر الصور يوم 14 سبتمبر/أيلول 2020 إنه أجرى جراحتين للدجاجة، وهو ما شرحته العيادة البيطرية البرازيلية في منشور عبر حسابها بإنستغرام في صباح يوم 16 سبتمبر/أيلول أيضاً، أي قبل ساعات من انتشار الصور برواية أخرى في مصر.
صحيفة "المصري اليوم" التي كانت إحدى وسائل الإعلام التي تواصلت مع الطبيب المصري محمد أحمد حسن ونقلت القصة على لسانه، قالت إنه أغلق هاتفه وعيادته بعد تبين أن قصته مختلفة، وأشارت أيضاً إلى قرار مدير مديرية الطب البيطري بمحافظة البحر الأحمر، فتحي سلمي صهبي، بالتحقيق في الواقعة للحفاظ على المهنة من الادعاءات الكاذبة والمضللة، كما أمر بتشكيل لجنة طبية لزيارة العيادة للتأكد من وجود تراخيص عمل لها، رغم أنه أكد في تصريحاته الإعلامية السابقة عن الدجاجة ليكسي أن العيادة مرخصة.
اقرأ أيضاً
هكذا بدأت قصة "أشهر فرخة في مصر"
حسب رواية الطبيب محمد أحمد حسن، فإن قصة الدجاجة ليكسي بدأت عندما سقطت من سطح أحد المنازل وكسرت ساقها، فأخذها صاحبها وهي في حالة إعياء وغير قادرة على الحركة، إلى إحدى العيادات البيطرية في مدينة سفاجا بالبحر الأحمر (منتجع يقع في محافظة جنوب سيناء يطل على البحر الأحمر).
نصح الطبيب البيطري مالكها السويسري بأن يذبحها، لكن صاحبها أصر على علاجها بأي تكلفة ممكنة، واتفق مع الطبيب على التكفل بمصاريفها التي بلغت 7 آلاف جنيه مصري (444 دولاراً أمريكياً)، حسب ما قاله في مداخلة هاتفية مع برنامج "التاسعة" الذي يقدمه الإعلامي وائل الإبراشي عبر فضائية "الأولى"، مساء الخميس 17 سبتمبر/أيلول 2020.
ليكسي نالت لقب أول دجاجة تجري عملية جراحية في مصر
رواية الطبيب المصري تقول إنه على مدى ساعتين متواصلتين، أجرى هو والطبيبة إيمان أبوالمجد العملية بعد تعقيم الدجاجة وركّبا لها شريحتين و6 مسامير وجبيرة فوق ساقها المكسورة، وأجريا لها أيضاً بعض التحاليل الأخرى للتأكد من سلامة أعضائها الحيوية.
قال الطبيب إن متابعات ليكسي العلاجية لن تقتصر على إجراء العملية، ففي الأسبوع الأول ستتناول مضاداً حيوياً ومسكناً ومضاد التهاب، وسيأخذها صاحبها بشكل أسبوعي للمتابعة في العيادة البيطرية للتأكد من نجاح العملية الجراحية.
وقال أيضاً إنها ستظل ليكسي في الجبيرة لمدة شهرين حتى تتعافى تماماً، لذلك ستظل جالسة خلال هذه المدة على كرسي مثبت في قفص لضمان عدم تحركها. وخلال هذه الفترة ستجري جلسات علاج طبيعي قد تمتد شهر إضافي بعد فك الجبيرة، حتى تتمكن من المشي بصورة طبيعية دون تعرضها لإعاقة حركية، وفقاً لما نقلته صحيفة "أخبار اليوم" عن الدكتور فتحي سلمي صهبي، مدير مديرية الطب البيطري بمحافظة البحر الأحمر.
أشار الطبيب أيضاً ضمن حواراته الإعلامية والصحفية إلى حاجة ليكسي لإجراء جراحة ثانية الشهر المقبل لفك الشريحة والمسامير التي جرى تثبيتها في الجراحة الأولى، كما سيتم إجراء أشعة على قدم الدجاجة للاطمئنان على العملية، وفقاً لما قاله الطبيب البيطري محمد أحمد حسن صاحب العيادة التي أجرت فيها ليكسي الجراحة لصحيفة "المصري اليوم"، و"صدى البلد". (كما نلاحظ فإن تصريحاته الإعلامية كثيرة، فقد أصبح هذا الطبيب أشهر طبيب بيطري في مصر في الـ24 ساعة الماضية).
المالك الذي سافر ساعتين ونصف من أجل دجاجته!
أظهرت رواية الطبيب أن مالك الدجاجة لم ينزعج من عناء السفر بها، فهو -حسب الرواية- يقيم في مدينة مرسى علم، لكن عندما كسرت ليكسي ساقها أخذها إلى عيادة بيطرية في مدينة سفاجا التي تبعد مسافة ساعتين ونصف بالسيارة (226 كيلومتراً).
الطبيب البيطري أكد أيضاً أنه لم يكن لديه خبرة في إجراء جراحة مماثلة لأن في العادة لا تربى الدجاجات كحيوانات أليفة وإذا أصيبت إصابة مماثلة يكون الحل في إراحتها من ألمها، لذلك نصح صاحبها بذبحها أو على الأقل حقنها بحقنة مخدر زائدة، خصوصاً أنها ليست حيواناً غالي الثمن مثل النسور وليست نادرة أيضاً، إلا أن صاحبها أصر على علاجها، وإن لم يكن هناك أمل فسيلجأ للحقنة المخدرة الرحيمة.
لذلك استعان الطبيب بخبرات ونصائح أطباء بيطريين خارج مصر واتبع الخطوات الطبية السليمة لإجراء العملية تحت تخدير كلي بالاستنشاق، وتمثلت الصعوبة الأخرى بالنسبة لطبيب في إيجاد مسامير وشرائح صغيرة على مقاس ساقها، لكنه تمكن في النهاية من علاجها، وتلقى الثناء من صاحب الدجاجة ومن أطباء جراحة عامة، وفقاً لتصريحه لصحيفة "الوطن".
بعيداً عن ليكسي، فإن هوية صاحبها كانت محل تساؤل أيضاً، وقالت صحيفة "الوطن"إن اسمه مارك فبيان، سويسري الجنسية، يعيش في مدينة مرسى علم، ويهوى تربية الدجاج، ونشرت كذلك صورة له وقالت إنه بدأ في تربية دجاجتين داخل فيلته منذ 6 أشهر تقريباً، حيث يوفر لهما مكاناً للنوم واللعب وأيضاً لقضاء حاجتهما، كما يقدم لهما وسائل ترفيه مختلفة، كالمشي في حديقة فيلته واللعب والاستحمام في حوض للمياه، بالإضافة لنظام غذائي صحي، بتناول وجبتين يومياً، وتتنوع الوجبتان بين الخضار الصحي كالخس والجرجير والفاكهة الطازجة والبلح والتفاح والعنب والكمثرى.
لكن بعد تبين اختلاق القصة لم تتحدث صحيفة الوطن عما إذا كانت هوية مارك فبيان حقيقية أم لا، وإن كان مصدر المعلومات هو الطبيب المصري.
أول جراحة لتركيب ساق صناعية لدجاجة في العالم
بعيداً عن ليكسي، ففي صيف عام 2015، انشغل الأطباء البيطريون في أمريكا بساق دجاجة أخرى تدعى سيسيلي، هذه الدجاجة كانت عرجاء وكان الأطباء يسعون لتركيب رجل صناعية لها تتكلف 2500 دولار، وقد تم تصنيع الساق الصناعية بالكامل بالاستعانة بتقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد، واعتبرت هذه أول جراحة من نوعها لتركيب رجل صناعية لدجاجة، وفقاً لتقرير "رويترز".
الدجاجة كان عمرها 3 أشهر، وقد ولدت مع دجاجات أخرى في مزرعة "بلاك ثيسل" بمدينة ماساتشوسيتس، لكن سيسيلي ولدت بعيب خلقي وتمزق في وتر الرجل اليمنى ما يعرقل من حركتها الطبيعية، وكان أمامها خياران لا ثالث لهما: إما تركيب رجل صناعية وإما القتل الرحيم، واختار أصحاب المزرعة مساعدتها بالتعاون مع أطباء كلية كومنجز للطب البيطري بجامعة تافتس.
مزرعة "بلاك ثيسل" -التي تقع بمنطقة كلينتون على بعد 72 كيلومتراً الى الغرب من بوسطن- متخصصة أساساً في إعادة تأهيل الدجاج، وقد أجرت جراحة لاستئصال رحم دجاجة أخرى في العام 2014، وكلفت ثلاثة آلاف دولار.
لذلك فإن مثل هذه الجراحات ليست غريبة على عالم الطب البيطري، وإن كانت غريبة على مسامعنا بعض الشيء.