بداية انقراض جماعي.. أنصار البيئة يدقون ناقوس الخطر مع إعلان فقدان نصف أنواع الحشرات خلال 50 سنة مضت

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/11/13 الساعة 18:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/11/13 الساعة 18:33 بتوقيت غرينتش
الكوكب في بداية الانقراض الجماعي السادس بتاريخه، في ظل خسائر فادحة مسجلة بالفعل في حيوانات أكبر حجماً تسهل دراستها

قال أنصار حماية البيئة إن "نهاية عالم الحشرات الذي لا يلاحظه أحد" يجب أن تكون جرس إنذار، وأوضحوا أنه من دون إيقاف ذلك ستكون هناك عواقب وخيمة على البشر وعلى الحياة بالأرض.

حسب تقرير صحيفة The Guardian البريطانية، فإنَّ نصف جميع أنواع الحشرات ربما فُقدت منذ عام 1970 نتيجة لتدمير الطبيعة والاستخدام المكثف للمبيدات الحشرية. وقال التقرير إن 40% من أصل مليون نوع من أنواع الحشرات المعروفة تواجه خطر الانقراض.

ويولي التحليل، الذي كتبه أحد أبرز علماء البيئة في المملكة المتحدة، تركيزاً خاصاً على المملكة المتحدة، التي تعتبر حشراتها هي الأكثر خضوعاً للدراسات في العالم. وقال التحليل إن 23 نوعاً من النحل والدبابير انقرضت خلال القرن الماضي، في حين تضاعف تقريباً استخدام مبيدات الحشرات في الأعوام الـ25 الماضية.

الفراشات تناقص عددها

وذكر التقرير أن فراشات المملكة المتحدة، التي تقتصر على العيش في بيئات معينة، قد انخفض عددها بنسبة 77% منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، في حين انخفض عدد الفراشات عموماً بنسبة 46%. وهناك أيضاً تأثيرات غير مباشرة على الحيوانات الأخرى، مثل طائر صائد الذباب المرقّط، الذي يأكل الحشرات الطائرة فقط، إذ انخفضت أعداده بنسبة 93% منذ عام 1967.

لكنَّ أنصار حماية البيئة قالوا إنه يمكن إنقاذ أعداد الحشرات من خلال وضع أهداف ثابتة، لخفض استخدام المبيدات الحشرية وجعل المتنزهات والحدائق الحضرية أكثر ملاءمة للحياة البرية. وأوضح العلماء أن الحشرات ضرورية لجميع النظم البيئية، فهي تؤدي وظيفة التلقيح، إضافة إلى أنها تعد غذاءً للكائنات الأخرى، وتعيد تدوير المواد المغذية.

قال البروفيسور ديف غولسون، من جامعة ساسكس بالمملكة المتحدة، والذي كتب التقرير لمنظمة Wildlife trust: "لا يمكننا أن نكون على يقين، ولكن بلغة الأرقام ربما نكون قد فقدنا 50% أو أكثر من حشراتنا منذ عام 1970، وقد يكون الرقم أكثر من ذلك بكثير. نحن لا نعرف، وهذا أمر مخيف. وإذا لم نوقف اختفاء حشراتنا، فستكون هناك عواقب وخيمة على جميع أشكال الحياة على الأرض وعلى رفاهية الإنسان".

وأوضح أن الدراسات التي أُجريت على تعداد الحشرات على مدى العقود الماضية، نادرة. وأضاف مستدركاً: "لكن غالبية الأدلة الموجودة تشير إلى أن الانخفاض السريع في الأعداد يمثل ظاهرة حقيقية. ويقلقني حقاً أن أسمع الناس يقولون إننا بحاجة إلى مزيد من الدراسات طويلة الأجل للتأكد. ستكون تلك الدراسات رائعة، لكن لا يمكننا الانتظار 25 عاماً أخرى قبل أن نتحرك لفعل أي شيء، لأنه سيكون قد فات الأوان".

وقال غاري مانتل، الرئيس التنفيذي لمؤسسة Wiltshire Wildlife Trust: "إن نهاية العالم هذه التي ننحدر تجاهها دون ملاحظة، يجب أن تتسبب في دق ناقوس الخطر. إذ إن (كائنات) تعد من اللَّبنات الأساسية للحياة، تسببنا في تعريضها للخطر. لكن هذه الحشرات واللافقاريات الأخرى يمكن أن تتعافى بسرعة إذا توقَّفنا عن قتلها واستعدنا المواطن البيئية التي تحتاجها للازدهار. ويتعين علينا جميعاً أن نتخذ الإجراءات اللازمة الآن في حدائقنا ومتنزهاتنا ومزارعنا وأماكن عملنا".

بداية الانقراض الجماعي السادس

وقد أشارت تقارير إلى أن الكوكب في بداية الانقراض الجماعي السادس بتاريخه، في ظل خسائر فادحة مسجلة بالفعل في حيوانات أكبر حجماً تسهل دراستها. لكن الحشرات إلى حد كبيرٍ هي  أكثر الحيوانات تنوعاً ووفرة، وهي تفوق تعداد البشر بـ17 مرة.

وقد سجلت ألمانيا وبورتوريكو حالات لانخفاض أعداد الحشرات، وقالت أولى المراجعات العلمية العالمية، التي نُشرت في فبراير/شباط، إن الانخفاضات واسعة النطاق تهدد بحدوث "انهيار كارثي للنظم البيئية الطبيعية".

وقال غولسون إنه يمكن مساعدة الحشرات في استعادة عافيتها وأعدادها من خلال "استعادة الحالة البيئية الأصلية" للحدائق والمتنزهات الحضرية. وأوضح: "هناك إمكانية لوجود شبكة ضخمة من المَواطن البيئية الصديقة للحشرات في جميع أنحاء البلاد. وبالفعل، اقتنع كثير من الأشخاص بفكرة جعل حدائقهم أكثر ملاءمة للحياة البرية، من خلال التخلي عن فكرة السيطرة عليها قليلاً. وهناك أيضاً كثير من الأماكن التي أصبحت خالية من المبيدات الحشرية".

ولكنه أضاف: "التحدي الأكبر يتمثل في النشاط الزراعي. 70% من بريطانيا أراضٍ زراعية. وبغضّ النظر عن عدد الحدائق التي نجعلها صديقة للحياة البرية، فإذا ظلت 70% من المناطق الريفية معادية للحياة البرية إلى حد كبير، فإننا لن نتمكن من استعادة أعداد الحشرات التي فقدناها".

دعا التقرير إلى وضع أهداف ملزمة، لخفض استخدام المبيدات الحشرية في الزراعة، ودعم المزارعين لتحقيق هذه الأهداف. ويمكن تمويل ذلك عن طريق فرض ضريبة على المواد الكيميائية. فقد فرضت السويد مثل هذه الضريبة منذ عام 1984، والآن أصبحت فرنسا وإيطاليا والدنمارك تفرضها أيضاً.

استطاعت جميع المزارع تقريباً تقليل استخدام مبيدات الحشرات بشكل كبير، مع الاستمرار في إنتاج أكبر قدر من المواد الغذائية، وذلك وفقاً لدراسة أُجريت عام 2017. وأظهر البحث أيضاً أنه يمكن خفض استخدام المواد الكيميائية دون التأثير على الأرباح، في ثلاثة أرباع المزارع.

وقال مات شاردلو، الرئيس التنفيذي لمؤسسة Buglife الخيرية: "تشير أحدث الأبحاث إلى أن المَواطن البيئية المناسبة (في المملكة المتحدة) معزولة، لدرجة أن معظم أنواع اللافقاريات تعجز عن التحرك شمالاً لتتعقب الغلاف المناخي الذي يمكنها البقاء فيه. والآن أصبحت فكرة استعادة شبكات المَواطن البيئية للحشرات من الأولويات القصوى".

وقال غولسون إن خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي يعني إمكانية حدوث تغيير على نطاق واسع. وأوضح قائلاً: "بغضّ النظر عن رأي الناس في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، توجد هذه الفرصة المحتملة لمراجعة نظامنا الزراعي بالكامل". وأضاف أن تمويل مساعي تعزيز الطبيعة وغيرها من المنافع العامة، بدلاً من مجرد امتلاك الأراضي، احتمال مثير حقاً.

علامات:
تحميل المزيد