هناك أكثر من 600 نوعٍ من النباتات تتغذى على الفرائس الحيوانية، وفي المقام الأول الحشرات والعناكب والمفصليات الأخرى، وحتى الفقاريات الصغيرة بما في ذلك الضفادع والسحالي والفئران والطيور، لماذا تفعل ذلك؟ تنمو هذه الفطريات والنباتات في بيئات لا توفر سوى القليل من المواد الغذائية التي تحتاج إليها، وخاصة النيتروجين، وهو عنصر ضروري لاكتمال نمو النبات، أدى ذلك إلى تطور هذه النباتات في الأماكن الفقيرة فأصبحت آكلة للحوم من أجل البقاء، إذ تقوم بجذب الفريسة بطرقٍ مختلفة، ثم إذابتها لكي تستمد ما تحتاج إليه من العناصر الغذائية، ونتعرف هنا على بعض أنواع هذه النباتات:
نبات "المرحاض"
ينتمي هذا النبات إلى جنس "جرة النباتات الاستوائية" الذي يضم أكثر من 150 نوعاً، ويتواجد غالباً في جنوب شرق آسيا والفلبين وسومطرة وبورنيو وغينيا الجديدة وسريلانكا وشرق مدغشقر. يشبه النبات الإبريق، وبعض النباتات تكون كبيرة جداً، إذ يحتفظ بمياه الأمطار بداخله فضلاً عن الأحماض والإنزيمات، ويقوم بمحاصرة واصطياد الحيوانات من مختلف الأنواع بما في ذلك الفقاريات الصغيرة من الفئران والضفادع، ثم امتصاص المواد الغذائية التي يحتاج إليها من خلال الإفرازات الغزيرة التي ينتجها.
فطر "المشروم"
يعتبر فطر "المشروم" من الفطريات الصالحة للأكل، وينمو على جذوع الأشجار الميتة، وكسر الخشب، الذي يحتوي الخشب على الكثير من السليلوز واللجنين، لكن وجود القليل جداً من النيتروجين، جعل هذه الفطريات ماكرة في جذب فرائسها من الديدان الخيطية عند زحفها لامتصاص ما تحتاج من النيتروجين، حيث تقوم بإفراز مادة لزجة تحتوي على سموم تصيب الديدان بالشلل، ومن ثم تقوم بإرسال خيوط هضمية أسفل الضحية، تخترق جميع أنحاء جسدها، ثم تهضمها ببطء من الداخل وهي لا تزال على قيد الحياة.
فطر "الفيصول"
يُنتج هذا الفطر شبكة لاصقة معقّدة ثلاثية الأبعاد من الأفخاخ اللزجة، ويشكل سندات غير قابلة للكسر، ومهما كانت قوة مقاومة الدودة فإنها لا تتمكن من كسر هذه السندات أو الهرب منها، يعيش الفيصول في التربة وبراز الحيوانات، وفي المياه العذبة ومياه البحر، حيث يتغذى على تدهور الغطاء النباتي، وهو يُنتج الشباك اللزجة فقط عندما تظهر الديدان الخيطية، حيث يمكنه تحديد موقعها والكشف عنها عن طريق رائحتها، فالديدان تقوم بإفراز فيرمونات كيميائية تستخدمها للتواصل مع بعضها البعض.
حامول الماء
يقع "حامول الماء" ضمن فصائل آكلات اللّحوم من النباتات، وتنمو معظم هذه النباتات في الماء في مستنقعات ينتشر وجودها في الكثير من المناطق حول العالم بخلاف القارة القطبية الجنوبية، وتتميّز هذه النباتات باحتوائها على أكياس تستخدمها في الإيقاع بفرائسها، وتعتبر من أنواع الفخاخ الفريدة من نوعها.
تعيش نباتات حامول الماء في المياه العذبة في البرك والمستنقعات وقد تم العثور على حوالي 200 نوع من هذه النباتات، كما تستطيع العيش في التربة الطينية، وتستخدم هذه الأكياس في الإمساك بضحيتها وذلك عن طريق شرك يبدأ مفعوله عندما تقترب الحشرات من فوهة الدورق أو الكيس فتشعر بها النبتة من خلال الشعيرات الحسية الموجودة عند فم الزهرة وتبدأ في سحب الحشرة بسرعة إلى داخل الكيس الذي يصعب خروج الحشرة منه، يتم ذلك في أقل من 0.001 من الثانية، ويبدأ الكيس بهضم الحشرات التي استطاعت النبتة جذبها بواسطة الإنزيمات، ويتكرر الأمر مرات عديدة.
نبات "ندى الشمس"
ينتمي هذا النبات إلى جنس "الدروسيرا" الذي يضم 180 نوعاً على الأقل، تنتشر على نطاق واسع في جميع القارات، تقوم الغدد بإفراز الرحيق لاجتذاب الحشرات، فضلاً عن الصمغ اللزج، حيث تهبط الحشرات والذباب عليها لامتصاص الرحيق فتعلق في النبات بسبب الصمغ، ولا تستطيع الهرب، ويقوم النبات بالقبض من خلال التحرك والانحناء في اتجاه الحشرة، يحدث كل هذا في حركة بطيئة قد تستغرق عدة ساعات، ثم يتم إفراز الإنزيمات لامتصاص المواد الغذائية من الفريسة.
نباتات "آكلة الحشرات"
تشّكل أوراقها فخاخاً طويلة، تشبه الأحواض الجوفاء مثل البوق، تحتوي على خليط من المياه الحمضية، أوراقها تشبه الزهور على شكل الجرة، يتحول لونها تدريجياً إلى الأحمر الأرجواني بسبب تراكم الصبغات المعروفة باسم "الأنثوسيانين" نفس الصبغات المسئولة عن الألوان الرائعة التي نراها عندما تتحول الأوراق في الخريف، وهي تنتج الرحيق الحلو لجذب الذباب والنمل والخنافس، بالإضافة إلى الشمع اللزج الذي يتسبب في انزلاق الحشرات في بركة من المياه في الأسفل بحيث يمنعها من الهرب، ويقوم النبات بهضمها ببطء عن طريق السائل الحمضي، وقد تم العثور على حوالي اثنى عشر نوعاً من جنس النباتات البوقية في المستنقعات الحمضية في شرق أمريكا الشمالية.
نبات "فينوس"
يُعرف باسم "فينوس صائد الذباب" ويُعتبر الأكثر شهرة بين النباتات آكلة اللحوم، يتواجد في السواحل الشرقية من الولايات المتحدة الأميركية، يتغذى في الأساس على الحشرات، ويحتوي على أوراق في شكل شفرتين تنمو من خلال ساق جوفية صغيرة، تحتوي الأسطح الداخلية للأوراق على الصبغة الحمراء، ويوجد على أطرافه نتوءات تشبه الأشواك القاسية لمنع الفريسة من الهرب، فما أن تقف الفريسة داخلها حتى تقوم بإغلاق الشفرتين على الفور في حوالي 0.1 ثانية للقبض عليها بعد تحفّز الشعيرات الحسية الخاصة بها، وتقوم بامتصاص المواد الغذائية من الفريسة، ويستغرق هذا النبات حوالي عشرة أيام ليستهلك الفريسة تماماً.