يقوم الأطفال بالبكاء لعدة أسباب، من بينها الجوع، والبكاء بسبب الألم، أو بكاء الأطفال المفرط عند الخوف أو الشعور بالتوتر وغيرها من المشاعر الثقيلة والمُربكة عليهم في مراحلهم العمرية المبكرة.
لكن بالإضافة إلى تلك الأنواع المفهومة والمعروفة، هناك فئة أخرى غير مفهومة بالنسبة للكثير من الآباء والأمهات، والتي تُعرف باسم بكاء الأطفال الزائف، وهو يحدث عندما لا يكون هناك خطب ما واقع في الحقيقة، ولكن مع ذلك، ينخرط الطفل في بكاء طويل بكل قوته، ما قد يسبب الارتباك والتوتر للأهل دون أن يفهموا لماذا يقوم صغيرهم بمثل هذا السلوك.
ما هو بكاء الأطفال الزائف ومتى يبدأ؟
يمكن تعريف بكاء الطفل الزائف ببساطة على أنه بكاء بدون احتياجات حيوية تضطر الطفل إلى البكاء فعلاً. إذ يُعد البكاء شكلاً من أشكال التواصل للتعبير عن الألم والجوع والتعب والنوم.
ومع ذلك، قد يبكي بعض الأطفال دون أسباب واضحة لمجرد جذب اهتمام الوالدين أو مقدمي الرعاية. وهو ما لا يكون مرتبطاً بعوامل مثل الرغبة في الطعام أو النوم أو تغيير الحفاضات أو عند الشعور بالألم.
كذلك لا يشعر الأطفال الذين يتظاهرون بالبكاء بأي انزعاج حقيقي بسبب المرض أو الإصابة أو المشكلات العاطفية، مثل الخوف.
يمكن تمييز بكاء الأطفال الوهمي عندما يكونون في صحة جيدة، وقد تمت تلبية جميع احتياجاتهم المتوقعة لمرحلتهم العمرية.
قد يتوقف الطفل الذي يبكي بشكل مزيف أيضاً للتحقق من رد فعل والديه وقد يزحف أو يمشي بالقرب من والديه لجعل بكائه ملحوظاً ويحرص على رفع صوته والتحرك أمام عيني والديه.
وهو عادة ما يشير إلى أن الطفل يدرك أن سلوكه سيؤدي إلى استقبال ردود فعل معينة من الوالدين، وبالتالي فهو يبكي لحين الحصول على رد الفعل المُنتظر.
وبشكل عام، لا يوجد عمر محدد قد يبدأ فيه الطفل في ممارسة سلوك البكاء الزائف، لكن عادة ما يتعلم الأطفال العديد من مهارات الاتصال الجديدة عندما تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و12 شهراً.
لذلك، قد يبدأ الطفل في البكاء الوهمي بداية من تلك المرحلة، وصولاً إلى مراحل الطفولة المتوسطة في سن تتراوح بين 3 إلى 5 أعوام.
ومن بين الأسباب الأكثر شيوعاً للبكاء الزائف عند الأطفال ما يلي:
1- عدم القدرة على التعبير عن النفس
قد يكون التعبير عن النفس من أصعب الأشياء التي يمر بها الأطفال في مراحلهم العمرية المبكرة، فهم يمرون بهذه المحنة على أساس يومي، لذلك يختارون أحياناً البكاء المزيف كإحدى الطرق للتعبير عن مشاعرهم.
2- لجذب الانتباه وكسب اهتمام الوالدين
كيف يمكن للطفل أن يخبر أمه أنه جائع أو مبلل أو نعسان أو متعب؟ حسناً، قد يبدأ ببساطة في البكاء لأن هذه هي الطريقة التي يمكنه بها التعبير عن أن شيئاً ما يضايقه.
لذلك يُعتبر بكاء الطفل المزيف ظاهرة شائعة جداً، خاصة في السنوات الأولى من الطفولة، لأنه أحد الطرق التي يتمكن من خلالها بنجاح من جذب انتباه والديه.
كذلك يستمتع الأطفال بصحبة الوالدين. فيصبح الطفل مبتهجاً بمجرد أن يقترب الأب والأم ويبدأ في البكاء في اللحظة التي يغادران فيها مجال رؤيته.
3- عند رغبة الطفل في شيء ما
إذا أراد الطفل شيئاً، فمن المرجح جداً أن يبدأ في البكاء لحين الحصول عليه، سواء كان ذلك لعبة بعيدة عن متناول يديه، أو عند زيارة المتاجر ورؤية الألعاب أو الأطعمة الممنوعة.
وقد يتفاقم السلوك لدى الأطفال الذين عادة ما تتم الاستجابة لمتطلباتهم من قبل الوالدين أو مقدمي الرعاية له، لأنه بذلك يتعلم أنه من خلال البكاء يستطيع الحصول على ما يريد.
4- عند حدوث أي تغيير في الروتين
في بعض الأحيان يمكن إجراء بعض التغييرات في جدول يوم الطفل، وقد لا يرحب بها. وبالتالي يبدأ الانخراط في بكاء مزيف للتعبير عن استيائه أو عدم ارتياحه.
وقد تجعل التغييرات في مواقيت الرضاعة والنوم، أو مواقيت الراحة واللعب والوجبات بالنسبة للأطفال الأكبر سناً، أكثر عرضة للدخول في نوبات طويلة من البكاء الوهمي للتعبير عن الانزعاج.
5- الانفجارات العاطفية
ما قد لا يصدقه بعض الآباء والأمهات هو أن البكاء المزيف قد يكون وسيلة يعبر بها الطفل عن نفسه عاطفياً. وعادة ما يختار الأطفال مثل هذا النوع من البكاء للتعامل مع المواقف غير السارة أو المؤثرة عاطفياً عليهم.
طرق التعامل الصحية مع بكاء الأطفال الزائف
البكاء المزيف لا يعتبر عادة سمة سلوكية سيئة أو إشكالية. من الشائع أن يقوم الأطفال بتزييف البكاء لجذب الانتباه والبحث عن صحبة الوالدين. عادةً ما يتظاهر الأطفال الأكبر سناً والأطفال الصغار بالبكاء لتلقي رد الفعل.
وعادة ما يمكن التحكم في البكاء المزيف بسبب نوبات الغضب من خلال ملاحظة مسببات وأنواع نوبات الغضب، مثل نوبات الغضب قبل النوم. ثم عندما يكبر الطفل، يتعلم استخدام الكلمات والجمل البسيطة لتوصيل المشاعر بدلاً من البكاء المزيف.
عادة لا يوجد حاجة لتدخل الوالدين في مسألة بكاء الطفل المزيف، لأنه يتوقف مع تقدم الطفل في السن. ومع ذلك، إذا كانت هناك مخاوف تتعلق بالسلوك، يمكن التحدث إلى طبيب الأطفال الخاص للتأكد من أنه سلوك طبيعي.
كما يمكن تجربة الطرق التالية لإدارة سلوك بكاء الأطفال الزائف:
1- إلهاء الطفل:
يعمل الإلهاء والتشتيت بشكل رائع مع الأطفال الذين يتظاهرون بالبكاء للتعبير عن استيائهم.
2- تغيير رد الفعل
إذا قمت برفع الطفل واحتضانه في كل مرة يتظاهر فيها بالبكاء، فإن استجابتك ستصبح متوقعة. عند تغيير الطريقة التي تستجيب بها يمكن تعويد الطفل على عدم الاعتماد على البكاء المزيف.
وبدلاً من حمل الطفل بين ذراعيك، يمكنك السماح له بالبقاء في السرير أثناء جلوسك في مكان قريب. وعندما تظهر استجابات غير متوقعة، يقل احتمال أن يستخدم الطفل البكاء المزيف كوسيلة للتواصل.
3- التحدث إلى الطفل
يتعلم الأطفال الاستجابة للأصوات عن طريق إصدار الأصوات في عمر 6 أشهر، ويمكنهم فهم كلمة "لا" عند بلوغهم 9 أشهر.
لذلك يُنصح بتشجيع الطفل على استخدام أصوات وكلمات بسيطة للتعبير عن مشاعره بدلاً من البكاء المزيف.
4- وضع قواعد
يمكن تنظيم سلوك البكاء المزيف بسبب نوبات الغضب بين الأطفال الصغار، من خلال وضع حدود وقواعد محددة. على سبيل المثال، وضع قواعد للأنشطة اليومية المختلفة، مثل حد زمني للعب.
يمكن أيضاً تحديد جدول يومي للمساعدة في جعل الروتين متوقعاً بالنسبة للطفل الصغير.
5- التجاهل
قد يبدو الأمر صعباً، لكن إذا كنت تعلم أن الطفل مرتاح وشبعان ونام بما يكفي وفي صحة جيدة، فلا بأس أحياناً من الابتعاد عن الموقف طالما أن الطفل في مكان آمن، وذلك بالطبع عندما يكون عمر الطفل مناسباً.