منذ فترة بدأت ابنتي ذات العامين ونيّف تعاني من نوبات غضب، وكل من حولي ينصحوني بأن أنظّم لها نومها كحلٍّ للتخفيف من غضبها؛ ورغم إيماني بأهمية تنظيم نومها لكنني لم أعرف من أين أبدأ وكل محاولاتي باءت بالفشل، حتى استشرت خبيرة تربية عندها طفل بعمر ابنتي وأعطتني خطوات بسيطة يجب أن أتّبعها بالترتيب، وبالفعل لم يستغرق الموضوع أكثر من أسبوع، رغم أنه من قبل كان من المحال أن يخطر ببالي هذا الترتيب للخطوات، مع أن بعضها كان حاضراً بذهني وجربته به فعلاً قبل استشارتها لكنه لم يؤدِّ إلى النتيجة التي أريدها!
تشبه هذه القصة بتفاصيلها ما يعاني منه كل طامح أو طامحة لتأسيس مشروعه الخاص أو تعلّم أسرار مهنة ما؛ وخصوصاً هذه الأيام التي تعلو فيها صيحات ضرورة اتّباع الشغف والتخلص من القيود والوصول السريع إلى أعلى هرم النجاح، ربما يكون هذه حقيقيّاً لكن حدوثه من دون خطوات تراتبية يعد أمراً استثنائيّاً بكل تأكيد.
الشغف ومهنة الحلاقة:
يوميّاً ألتقي بفتيات شغوفات بمهنة الحلاقة يتقدمن للتسجيل عندي في دورات الأونلاين بهدف تحسين عملهنَّ أو البداية من الصفر لتأسيس عمل خاصٍّ بهنَّ في مجال الحلاقة، لكن الغلط المتكرر هو رغبتهنَّ الملحّة في البدء بدورات المكياج أو الألوان، ولا ألومهنّ على ذلك، فهذا ما ارتكبته ببداية خطواتي في مجال الحلاقة، لكن لمَ تُعد البداية من المكياج والألوان خطوة خاطئة في طريقة الحلاقة؟
لأنه وببساطة يُعد اللون من أصعب تخصصات الحلاقة عدا عن كونه مبنيّاً على تخصص أساسي قبله لا يمكن أن ينجح اللون من دونه وهو تخصص السشوار!
قد يبدو صادماً أن يكون السشوار الذي ينظر إليه الناس على أنه فعل سهل جدّاً هو فعل أساسي وأوّلي في سلسلة العمل بالحلاقة المترابطة والمرتبة ترتيباً منطقيّاً، ومن دون تعلم فنون وأسرار السشوار لن تكون الحلاقة قادرة على إتقان فن الألوان أو أي فن من فنون الحلاقة الأخرى.
إضافة إلى ذلك، فإن الصالونات الكبيرة والمتخصصة عندما تستقدم موظفات جديدات يكون أول ما تسألهن عنه وتطلب منهن فعله هو السشوار لتقييم مدى الخبرة والقدرة على التطور. وهذا ما أفعله حرفيّاً عند انضمام موظفة جديدة إلى فريقي، فمهما قالت إنها تتقن كل تفاصيل عمل الحلاقة من لون ومكياج وبروتين، فإن أول ما أطلب منها فعله هو السشوار لأعرف مدى قدرتها الفعلية في مجال الحلاقة لا مدى تصوراتها عمّا يمكنها فعله.
ماذا بعد السشوار؟
بعد السشوار يأتي فير الشعر بالدرجة الثانية في سلم أولويات تعلم الحلاقة، ثم القص والألوان وعلاج الشعر (بروتين أو كيراتين)، ثم تأتي خطوة الانتقال إلى تصفيف الشعر (تسريحة أو شنيون)، وهذا الترتيب في الانتقال سيجعل كل خطوة سهلة وسلسة إذا أتقنتِ ما قبلها بشكلٍ كامل.
لا أنكر أنني في البدايات قد وقعت في هذا الخطأ وضيّعت من عمري خمسة أشهرٍ وأهدرت مالي على دورات متعددة في مجال الحلاقة، وعند تقدمي لأول وظيفة طُلب مني أن أقوم بعمل سشوار لكنه لم ينجح! وشعرت أنني تخرجت في المعهد دون أن أتقن أي شيء بشكله الصحيح، حينها بدأت أتدرب على السشوار شهرين كاملين حتى أتقنته ثم انتقلت بعدها إلى فير الشعر ثم القص والألوان وبعدها علاج الشعر والتصفيف والمكياج، وأعطيت كل خطوة من هذه الخطوات حقها الكامل في التدريب والتجربة حتى اشتدّ عودي في المهنة وبدأت فيها طريقي وحققت شغفي بعد سنين طويلة.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.