في بعض الأحيان، قد يكون عامل انضمام طفل جديد إلى الزوجين حديثي الإنجاب بمثابة اختبار قوي للعلاقة بين الطرفين، ودافعاً لظهور مشاكل في الزواج لا يمكن تجنبها.
وتقول الرواية الشائعة للعديد من الآباء الجدد إن الزوجين كانا يستمتعان بصحبة بعضهما البعض في شهر عسل ممتد من العلاقة الرومانسية الرائعة، ثم بدأ المنحنى في الهبوط بعد إنجاب الطفل، وبات الإرهاق والاستياء والغضب السمات الطاغية على العلاقة بين الطرفين.
وبالرغم من دور قرار إنجاب الأطفال في تقريب الزوجين من بعضهما البعض والتمهيد لهما في تأسيس أسرة كبيرة مبنية على الحب، لكن الأمر لا يمر دوماً وفقاً للتوقعات الرومانسية، لأن رعاية طفل رضيع يتطلب الكثير من الوقت والطاقة، وهي العوامل التي قد لا تكون متوفرة لدى الطرفين في تلك الفترة.
المهام المنزلية ستتضاعف.. وكذلك الجدال بينكما!
أوضح موقع Parenting التربوي في موضوع حول مشكلات الزواج بعد إنجاب الطفل الأول، أن أحد أبرز المسائل التي ستواجه الزوجين هي تضاعف المهام المنزلية اليومية، وكذلك تضاعف المشاحنات والجدال.
بالطبع، قبل أن يكون هناك طفل، كان هناك بالفعل عدد من المهام المنزلية السخيفة، مثل جلي الصحون وغسل الملابس وطهي الوجبات وعمليات الترتيب المختلفة.
وستتضاعف كمية المهام بعد الإنجاب بسبب التسويف والانشغال الشديد بالطفل ووضع أولوية الوقت في العناية به ورعايته.
ومن أجل علاج هذه المشكلة، يقول الموقع إنه لا يمكن التسويف بشأن الأعمال المنزلية بمجرد إنجاب طفل، لأن ذلك في حد ذاته سيضاعف مشكلات المنزل وإحساس الفوضى وعدم الراحة.
ويتم ذلك من خلال تقسيم المهام بين الطرفين بصورة عادلة لكي لا يشعر طرف أنه يبذل جهداً أكبر من الآخر، ويتم الاستعانة بالمساعدات الخارجية إذا ما لزم الأمر أو توفر ذلك.
وبمجرد تحديد المهام اليومية في قائمة واضحة أمام الزوجين وتعليقها في المنزل، وتوضيح كيفية إنهاء كل منها، ستقل نسبة الإحباط والغضب بين الطرفين والإرهاق البالغ على طرف واحد، وبالتالي ستقل نسبة المشاحنات والاستياء بينهما مما سيساعد في التواصل بحميمية وبشكل داعم أثناء المرحلة.
إمضاء وقت خاص أو متبادل بنسبة أقل
بسبب العناية المكثفة المطلوبة وحقيقة أن أي وقت يمضيه الطفل مستيقظاً يستلزم رعاية الوالدين، فإن الأزواج يجدون أنفسهم بشكل طبيعي يمضون وقتاً أقل مع بعضهما البعض بشكل منفرد. وبالإضافة لذلك، عادة ما سيكونان مرهقين لتكريس أي وقت إضافي لبعضهم البعض عندما يجدون الوقت وبالتالي سيكون أي وقت إضافي إما للنوم والراحة أو لإنهاء مهام أخرى.
ووفقاً لموقع Very Well Mind المعرفي، عندما ينجب الأزواج طفلاً جديداً، غالباً ما يفاجأون بحجم العمل الذي يتطلبه الأمر لتربية طفل ورعايته، كما أن سنوات الطفل الصغير تتطلب عملاً كثيفاً.
ويمكن أن يؤثر ذلك سلباً على طريقة التواصل التي يشعران بها نظراً لأنهما أصبحا أقل حرية في الاستمتاع بوقتها أو الخروج في نزهات وإمضاء وقت لطيف في ممارسة الهوايات والأنشطة المحببة.
كذلك غالباً ما يعني إنجاب الأطفال أن الآباء أصبح لديهم وقت أقل يقضونه في العناية والاهتمام بأنفسهم. ويمكن أن يعني غياب الوقت المخصص للسفر أو ممارسة الرياضة أو الاهتمام بالذات والاسترخاء.
كل هذا الشعور بالعجلة وضيق الوقت والتقصير الذاتي في الاهتمام الشخصي قد يعد عاملاً مُربكاً للعلاقة بين الطرفين، ويسبب الضيق والجدال والمشاحنات بسبب الإرهاق والاستياء العام.
وهناك جزءان للحل هنا وفقاً لـParenting، وهما الاستعانة بمساعدات خارجية لإمضاء ولو ساعتين فقط أسبوعياً في موعد رومانسي بين الزوجين.
وبالاستعانة بأحد أفراد العائلة، أو بجليسة أطفال متخصصة، يمكن أن يحظى الزوجان بموعد بسيط للخروج والاستمتاع بوجبة لذيذة في مكان لطيف، أو ممارسة نشاط محبب مثل الذهاب في نزهة. ويجب أن يُراعى عدم إمضاء النقاش المتبادل أثناء الموعد بالحديث عن المهام والمشكلات المنزلية المؤجلة.
الاختلاف في طريقة رعاية الطفل وتربيته
من الجيد أن يتشارك الزوجان ويتفقا على منهج تربية الأطفال، ولكن غالباً ما يكون من الصعب التنبؤ بما ستشعر به حيال النوم والطعام والانضباط وما إلى ذلك إلا حينما يستيقظ الزوج والزوجة في منتصف الليل بسبب معاناة الطفل من المغص.
لذلك يعد من الأصوب التفاهم في كيفية التعامل مع مثل تلك المواقف بشكل مسبق، مثلاً إذ كان الزوج يفضل منهج ترك الطفل يبكي لحين خلوده إلى النوم، والأم على العكس لا تحتمل رؤية طفلها يبكي دون أن تهدهده وتحاول تهدئته، يجب التفاهم بشكل مسبق حول طرق التعامل وكيفية موازنة رؤية كل منهما في العناية بالطفل ومراعاته وتربيته.
قد يجد الزوجان أيضاً أن أساليب الأبوة والأمومة الخاصة بهما تتعارضان، مثل قرار استخدام اللاهية من عدمه، أو الإرضاع الطبيعي أو الاصطناعي، أو في قرارات أقلمة الطفل على النوم في مواعيد معينة.
كذلك قد يختلفان حول قرارات لاحقة عند بلوغ الطفل سناً أكبر، مثل قرارات تدريب الطفل على نوم قيلولة نهارية أو اللعب قبل تناول الغداء مع الأسرة على طاولة الطعام.
الحل الأمثل هنا وفقاً لـParenting، هو منح كل منهما الحرية للطرف الآخر في اتخاذ القرارات، مع مراعاة أن يتم تحمُّل تبعات القرار من قِبَل الشخص المسؤول. أما بالنسبة للقضايا الأكثر خطورة، مثل النوم أو الرضاعة، هناك طرق للتنازل أيضاً.
وبالنسبة لأشياء معينة – مثل وقت بدء تناول الأطعمة الصلبة – تحتاج إلى اتباع الإرشادات المحددة من قبل المختصين، ويجب التحدث إلى طبيب الأطفال الخاص حول ما هو موصى به فيما يتعلق بصحة الطفل.
أما في حال قضايا مثل النوم المشترك مع الوالدين مقابل تدريب الطفل على النوم بمفرده، يجب الاستعانة بكتب التربية والأمومة ومناقشة تبعات كل خيار معاً للاتفاق على قرار معين قبل البدء بتنفيذه منعاً للاختلاف.
المشكلات المادية لها دور كبير أيضاً
لا شك أن المال يشكل ضغوطاً كبيرة على الآباء الجدد. فهم يعتقدون على الأغلب أنهم لا يملكون ما يكفي من المال لتنشئة أسرة ورعاية طفل يستلزم الكثير من الإمكانات المادية لتوفير أفضل شيء من أجل رعايته والعناية به، وهو الأمر الذي من السهل جداً أن يصيب الآباء الجدد بالذعر.
ووفقاً لـVery Well Mind، قد يضطر الآباء الجدد لإعادة التفكير في طموحاتهم المادية لمواكبة الوضع الجديد، وإعادة تخطيط الموارد المالية لتحديد الأولويات.
ويجب الجلوس والتفاهم بشكل واضح ومدروس في تبعات الأمور بالنسبة للوضع المادي للأسرة، سواء حول الاتفاق على كيفية توفير المبالغ المالية التي يتم إنفاقها في أمور غير ضرورية في الوقت الراهن، وكذلك الاتفاق حول كيفية تحديد ميزانية محددة للمنزل والطلبات اليومية.
وجدير بالذكر أن المخاوف المادية قد تكون حالة دائمة لا يمكن الخلاص منها عندما يكون لديك طفل جديد، خاصة إذا كان قرار الإنجاب غير مخطط له بشكل مسبق.
ولعلاج ذلك يجب الجلوس والتفاهم في منافذ إنفاق المال واتخاذ بعض الخيارات المصيرية معاً، مثل اتخاذ قرار تغيير المنزل للاقتراب من مدارس تعليمية معينة تكون جيدة المستوى، أو تأجيل خطط السفر أو شراء مقتنيات معينة، وإعادة تخصيص المال المُنفق على النادي الرياضي مثلاً من أجل شراء عربة أطفال جرارة أو أداة مراقبة بكاء الطفل أثناء الليل.
كما يجب على الطرفين وفقاً لـParenting، التذكّر أنهما سينبغي عليهما تقليل النفقات في بعض المجالات التي لطالما أنفقا فيها، مثل الأفلام وتناول الطعام بالخارج والملابس والعطلات والأدوات الترفيهية. وأن ذلك يجب ألا يعني شعورهما بالتعاسة، إذ سيكون لعملية رعاية الطفل ومحبته ورؤيته يكبُر بسلام وصحة أثر هائل في تعزيز شعور الزوجين بالتقدير لبعضها البعض، وفي الشعور بالامتنان والفخر.
رغم ذلك.. سيكون هناك مشاحنات أيضاً!
الأمر لا مفر منه على الأغلب، ومع ذلك هناك طرق صحية في الاختلاف والتشاحن والجدال بين الزوجين، وهي تشمل عدداً من الخطوات وفقاً لـParenting، هي:
1- طلب تغييرات محددة في السلوك بدلاً من إصدار اتهامات شاملة على الشخص بالكامل. بدلاً من قول "أنت لا تفعل أي شيء أبداً"، جربي قول: "من فضلك قم بشراء المزيد من مناديل الأطفال المبللة عندما تلاحظ انتهاءها في المنزل".
2- يجب اعتناق ثقافة الاعتذار الفوري فور الانفعال والتجريح في الآخر، وذلك لمنع تراكم الضيق بين الطرفين وحدوث فجوة نفسية بينهما.
3- محاولة استيعاب الآخر وإعادة صياغة ما يقوله لتسهيل فهمه، على سبيل المثال: "أنتِ غاضبة لأنك تعتقدين أنني لا أرعى الطفل بقدر ما تفعلين أليس كذلك؟"، ثم منح الفرصة لشريكك بالرد وتفسير نفسه وتوضيح طرق تحسين شعوره.
4- بدلاً من محاولة إثبات من على حق ومن على خطأ، يجب التركيز على كيفية علاج المشكلات أولاً بأول عوضاً عن تبديد الطاقة في الاتهامات.
5- لا ينبغي أبداً التوقف عن إبداء المودة والحميمية لبعضكما البعض، لأن لحظات المحبة والتقدير كفيلة بإكساب الزوجين دفعات من الطاقة الإضافية لمواكبة متطلبات المرحلة والشعور بالامتنان المتبادل.