في بعض الأحيان، يؤدي التعرض للعنف المنزلي المكثف والمستمر باضطراب عقلي يسمى متلازمة المرأة المُعنَّفة ، وهو أحد أنواع اضطراب ما بعد الصدمة PTSD.
يزداد أعداد الإناث من ضحايا العنف المنزلي اللاتي يعشِن في هذا النوع من العلاقات المسيئة والمرعبة، وعادة ما يخفين ما يتعرضن له من ضرب وتعنيف.
ظهرت متلازمة المرأة المُعنَّفة كنظرية في السبعينيات، فقد كان عالم النفس البارز لينور ووكر أول مَن درس هذه الحالة بشكل موسَّع حيث استخدم نظرية العجز المكتسب لمارتن سليجمان، في تفسير سبب استمرار النساء اللاتي يتعرضن للعنف في مثل تلك العلاقات الزوجية المدمرة.
ما هي متلازمة المرأة المُعنَّفة ؟
العلماء يصفون هذه الحالة بأنها "عجز مكتسب" أو "شلل نفسي".
تصبح الضحية المعرضة لهذا العنف مكتئبة للغاية ومقهورة وسلبية لدرجة أنها تعتقد أنها غير قادرة على ترك زوجها الذي يعتدي عليها.
يجتاح الضحية شعور حقيقي بالخوف والضعف، وربما التمسك بالأمل في أن يتوقف زوجها عن إيذائها. فتظل الضحية في موقف سيئ.
دورة العنف المنزلي التي لابدَّ من كسرها
في المرحلة الأولى، يتصاعد التوتر بين الزوج المعتدي والضحية، في المرحلة الثانية تحدث مشاحنة أو مواجهة عندما تكون المرأة ضحية للضرب ويمكن أن تصاب بجروح خطيرة.
في المرحلة الثالثة يبدو المعتدي الزوج هادئاً ومحباً ويطلب من زوجته المغفرة ويقسم بأنه لن يكرر الإساءة للفوز بحب الضحية وعطفها مجدداً.. وهذا ما يسمى "مرحلة شهر العسل".
ولكن من جديد، يبدأ في ممارسة سلوكه العنيف وتتكرر السلسلة أو الحلقة من جديد تجاه المرأة المُعنَّفة.
الضحية تعتقد أنها مسؤولة عما يحدث!
تشترك النساء اللاتي يعانين من هذه المتلازمة في بعض الخصائص الملحوظة. فهن يتحملن المسؤولية الكاملة عن الإساءة، ويجدن صعوبة بالغة في إلقاء اللوم على المعتدي نفسه. أيضاً هي تخشى على سلامتها وسلامة أسرتها.
إنها تعتقد بشكل غير عقلاني أن المعتدي له قوة كبيرة، وأنه في كل مكان ويرى ما تفعله، وأنه سيؤذيها إذا اتصلت بالسلطات وطلبت المساعدة.
ستظهر علامات الاكتئاب بشكل متكرر على الضحية، كما ستكون أقل حماساً للقيام بالأنشطة التي كانت تسمتع بها. أحياناً يصل الأمر إلى تعاطي المخدرات والكحول.
لكن بمجرد التعرف على علامات متلازمة المرأة المُعنَّفة، من المهم الحصول على المساعدة
ما الذي يدفع الضحية للسكوت عن الإساءة؟
تتجنب الضحية البوح لعائلتها أو أصدقائها عن حقيقة ما تتعرض له، وتكذب بشأن الكدمات أو الجروح في جسدها ولا تعطي سبباً واضحاً لما يحدث لها حتى إنها قد ترتدي ملابس ذات أكمام طويلة لإخفاء الكدمات.
هناك عدة أسباب لعدم مغادرتها، فهي قلقة من عدم وجود وسيلة لإعالة نفسها أو أطفالها إذا غادرت.
تتذكر المرأة التي تعرضت للضرب سبب حبها لشريكها، وتعتقد أنه سيعود كما كان في البداية، فهي لا يمكنها تصديق أن شريك حياتها معتدٍ بالفعل.
من المحتمل أيضاً أن تكون هذه الضحية لا تثق بنفسها ولا تحترم ذاتها بما يكفي، فهي رغم كل ذلك تعتقد أنها مَن تسببت في الإساءة.
قد تخشى المرأة المُعنَّفة أيضاً من أنه إذا علم شريكها أنها ترغب في المغادرة، فإن ذلك سيزيد من سوء المعاملة.
أعراض متلازمة المرأة المعنَّفة
بأي جانب سيظهر المعتدي، هل سيكون حنوناً أم قاسياً؟ يسبب هذا السؤال التوتر الشديد للضحية وما ينتج عنه من ارتفاع ضغط الدم ومشاكل القلب والاكتئاب وضعف المناعة.
وعلى المدى الطويل تظهر أعراض مشابهة لأعراض اضطراب ما بعد الصدمة PTSD، وتشمل أعراض متلازمة المرأة المُعنَّفة استحضار ذكريات قديمة مؤذية لا إرادياً وحالات الفصام ونوبات عنيفة ضد المعتدي.
تظهر أيضاً مشاكل صحية بسبب التعنيف الجسدي مثل تلف المفاصل أو التهاب المفاصل، والصداع أو آلام الظهر المزمنة.
علاج متلازمة المرأة المعنَّفة
الخطوة الأولى والأهم في علاج متلازمة المرأة المعنَّفة هي وضع خطة آمنة للانتقال إلى مكان آمن بعيداً عن المعتدي. ولا يمكن للعلاج أن يتم دون اتخاذ تلك الخطوة. كما يجب فحص إصابات الضحية الناتجة عن تعنيفها طبياً.
الخطوة التالية هي استشارة أطباء نفسيين مختصين في حالات العنف المنزلي واضطراب ما بعد الصدمة PTSD، وذلك لتقييم حالة الضحية الذهنية ومساعدتها في التخلي عن فكرة كونها السبب في تعنيفها ومحاولة إعادة زرع الثقة والقوة فيها.
يجب على الاختصاصي النفسي معرفة إذا كانت هناك مشاكل نفسية سابقة أدت إلى عدم قدرة الضحية على إدراك العلاقة التعسفية في مراحلها الأولى.
تنشأ عن متلازمة المرأة المعنَّفة أمراض نفسية خطيرة، مثل القلق والاكتئاب، لذلك يصف الطبيب المعالج مجموعة من الأدوية، مثل مضادات الاكتئاب ومضادات القلق والعلاج بالتحدث لمساعدة المرأة على استعادة السيطرة على حياتها.
الحصول على مساعدة لضحايا متلازمة المرأة التي تعرضت للضرب.