في عطلة نهاية الأسبوع الماضي شاركت منال رستم في ماراثون برلين وهي ترتدي الحجاب. وتعبر العديد من الفتيات المسلمات عن إعجابهن بنهجها الجريء، فيما يتعلق بتغيير السلوك التقليدي تجاه الحجاب، فيما وجه لها آخرون انتقادات لدفاعها عن قطعة قماش يُنظر إليها بأنَّها رمزٌ لقمع المرأة.
تعترض منال على الفكرة التي تقول إنَّ الحجاب ثوبٌ مهم، وتصف ارتداءه بأنَّه "شكل إلزامي من أشكال العبادة، لكنه شكلٌ لا ينبغي أن يُفرض على أي امرأة". وقالت إن تغطية (جسد المرأة) هو في نهاية المطاف خيارٌ لكل امرأة، ولا ينبغي أن تصدر الأحكام عليها وفقاً لهذا الخيار.
أضافت منال: "لا أفكر فيه من منطلق أنَّه مهمٌ أو غير مهم، بل أنظر إليه فقط على أنَّه امراةٌ اختارت أن تبدو بمظهر محدد وتواصل حياتها بالطريقة التي تريدها، سواء كان ذلك من خلال الركض في ماراثون، أو تسلق جبل، أو الحصول على وظيفة مرموقة… كل ما في الأمر أنَّ ارتداءها الحجاب من عدمه لا ينبغي أن يكون محل اهتمام أو نقاش".
الحجاب حرية شخصية وليس قمعاً
قضت منال رستم سنوات نشأتها الأولى بين الكويت ومصر، وشاهدت باستمرار أفلاماً وثائقية تصوّر النساء العربيات اللائي يغطين رؤوسهن بأنهن مملات أو متزمِّتات أو غير مثقفات. لم تكن الفتاة تريد أن تلتصق بها هذه القوالب النمطية السلبية وهي تكبر، أو أن يُنظر إليها على أنها غير متعلمة. وعقدت العزم على تغيير هذه النظرة.
في عام 2014، أنشأت مجموعة على موقع فيسبوك وأطلقت عليها Surviving Hijab، وتشرح منال دوافعها قائلة: "كي نسبح ضد التيار ونواجه المجتمع وندافع عن أنفسنا. أعلم أنَّ اسم المجموعة يحمل تناقضاً لفظياً، فهو يعني المرأة التي تريد الاستمرار في ارتداء الحجاب، وتقضي حياتها وهي ترتديه دون أن يضعها أحدٌ في قوالب نمطية، أو يقمعها المجتمع، أو يضع في طريقها العراقيل".
وأضافت أن المجموعة توسَّعت بسرعة، وجذبت 40 ألف امرأة خلال شهرين. فأدركت أنَّ أمامها فرصة لكي توصل صوتها على أرض الواقع… وأن تتواصل مع شركة عالمية مثل Nike، وتسألها سؤالاً بسيطاً: لماذا لا تُظهرون مسلمات محجبات في حملاتكم؟
واستطاعت جذب اهتمام الشركة إليها
صرَّحت منال لشبكة DW أنَّ بريدها الإلكتروني لفت انتباه أحد كبار مدربي Nike في الشرق الأوسط، ليطلب إجراء مقابلة معها. وفي عام 2015، صارت منال رستم أول امرأة تظهر مرتدية الحجاب في حملة Nike بالشرق الأوسط، باعتبارها عداءة.
رسالة البريد الإلكتروني التي بعثت بها كان مقدّمة لحوار ملهم مع الشركة حول سبب عدم إرضاء أذواق الرياضيات المسلمات المحجبات القادرات على الاستمرار في الاستمتاع بممارسة رياضتهن وهن مرتديات حجاب مصمم بطريقة ملائمة لرياضتهن، وأدى ذلك إلى تصميم Nike حجاب مخصص للنساء المسلمات.
عندما تشكل الزخم، وشهدت السلوكيات تجاه ارتداء الحجاب في الرياضة تغيّراً ملحوظاً، تشجعت منال 2017 عندما رفع الاتحاد العالمي لكرة السلة الحظر الذي فرضه من قبل على منع الحجاب. ففي الماضي، كانت النساء اللائي يخترن ارتداء الحجاب ممنوعات من ممارسة هذه الرياضة.
ومن خلال تقديم Nike لشيء مؤثر كهذا إلى العالم، فإن لسان حال منال كأنه يقول: أتعرفون؟ هؤلاء النساء مقبولات، والآن لديهن ثياب محددة يمكنهن الظهور بها في البطولات، وقد رفع الاتحاد العالمي لكرة السلة الحظر عن الرياضيات المحجبات، وما زالت تصاب بالقشعريرة في كل مرة تحكي فيها القصة.
قلب الطاولة على "كارهي" الحجاب
فيما يتعلق بمن يتهمون Nike بدعم قمع الحريات الفردية للنساء، تقترح منال قلب الطاولة على "الكارهين".
وتتساءل "لماذا يزعجكم إلى هذا الحد؟ لا أستوعب الأمر!" وتعتبر منال أن المنتقدين ليسوا بالمسلمين ولا يستوعبون الثقافة الإسلامية، فإذا كانت المرأة تريد أن تغطي رأسها، فهي حرة "لماذا يكون من المقبول لأي امرأة أن تركض في ماراثون وهي ترتدي سروالاً قصيراً وصديرية تمرين، ولا يكون من المقبول لأي امرأة ترغب في تغطية (رأسها) لأن ذلك ما يطمئن له قلبها… لماذا لا يكون مقبولاً؟ القمع هنا ليس مصدره الحجاب، وإنما مصدره المجتمع".