يصاب الأهل بالصدمة عند معرفة أن أطفالهم تعرضوا للإيذاء الجنسي، ويتساءلون: لماذا لم تخبرنا من أول مرة؟
لا تصرحي بمثل هذه التساؤلات لطفلك؛ فقد تتسببين في تعاظم إحساسه بالذنب. هناك أسباب متعددة تجعل الأطفال يتراجعون عن إخبار ذويهم بتعرُّضهم للأذى، من بينها الخوف من تدمير الأسرة، إن كان المعتدي من الأقارب. كما أنه قد يهدده بإيذاء أحد أفراد عائلته.
وإذا كان طفلك لا يمكنه التعرف على الأشخاص المعتدين، فأنت يمكنك ذلك، خاصة أن هؤلاء المعتدين هم في الغالب من النوع الذي ينجح في كسب ثقة الأطفال والتقرب منهم قبل تنفيذ رغبتهم.
أولاً، يُنصح بأن تبدئي الحديث مع الطفل بمجرد أن يكون قادراً على الفهم، أي بعمر الثالثة تقريباً؛ قبل أن يتأثر بالهرمونات، أو الخجل، أو سلوكيات أقرانه، وألا يكون الحديث لمرة واحدة فقط؛ بل عملية تربوية مستمرة طوال الوقت.
ويفضل أن تسمي أعضاء الطفل الحميمة بأسمائها الحقيقية، لكن إن لم تكوني مرتاحة لهذا؛ فعلى الأقل تأكدي من وجود أسماء واضحة لكل جزء، تعرفونها ويعرفها طفلك جيداً، لعدم حدوث أي لبس.
اشرحي لطفلك ما الأشياء المقبولة وغير المقبولة. بعد ذلك، ما يجب القيام به هو معرفة صفات هذا المعتدي المحتمل، علماً بأنه لا توجد سمات جسمانية محددة لهؤلاء الأشخاص، إذ يمكن أن ينتمي إلى كلا الجنسين ولأي دين أو عرق.
وحددت مجلة Mejor Con Salud الإسبانية صفات المعتدي المحتمل، في أنه:
يصبح صديقاً للعائلة
يحاول هذا الشخص التقرب من العائلة حتى يصبح فرداً منها ويُظهر قدراً كبيراً من الطيبة والمهارة الاجتماعية، كما يعتني بالأطفال ويأخذهم في جولة أو يصحبهم للتسوق، ويعمل على التقرب منهم بشكل كبير؛ لمصادقتهم ونيل ثقتهم.
أغلب المعتدين معروفون لدى الأطفال
حسب دراسات أجرتها الجمعية الأميركية للطب النفسي، فإن 30% من الأطفال ضحايا الاعتداءات الجنسية قد تعرضوا لهذا الأمر على يد فرد من العائلة، و60% على يد شخص بالغ معروف لديهم، و10% منهم هم أطفال تعرضوا للاعتداء على يد غرباء.
خلفية المعتدين على الأطفال
غالباً ما يحمل هؤلاء سجلاً حافلاً بالاعتداءات الجسدية أو الجنسية. كما أن البعض منهم يعانون مشاكل نفسية واضطرابات في الشخصية.
يعملون في وظائف تجعلهم قريبين من الأطفال
يقضي هؤلاء الأشخاص ساعات طويلة مع الأطفال في أثناء عملهم مدربين أو جلساء أطفال أو مدرسين. ويدّعي هؤلاء أنهم يحبون الأطفال ويكرسون حياتهم لهم.
يتصفون بالخبث والدهاء
يستعمل هؤلاء خدعاً وأنشطة وألعاباً من أجل كسب ثقة الطفل، ويلعبون دور حافظ أسراره، ثم لاحقاً، يستغلون تلك الأسرار كمصدر للقوة والابتزاز.
وتتضمن الألعاب التي يعلِّمونها للأطفال إيحاءات جنسية أو الكثير من العاطفة والتقبيل، أو التلامس في أماكن غير مناسبة، إضافة إلى تعريض الطفل لمحتويات خادشة للحياء، والابتزاز، إلا أنهم يقومون بكل هذا مع إظهار العاطفة؛ من أجل إرباك الطفل وعزله عن عائلته عبر هذا التكتيك.
المعتدي، حسب تعريف العلماء، هو شخص يكبر الضحية بـ5 سنوات على الأقل، وله علاقة ثقة وقرب بالضحية، وقد دلت الدراسات على أن أكثر من 75% من المعتدين هم ممن لهم علاقة قرابة مثل: أب وأخ وعم وخال وجد أو من المعروفين للضحية.
وتشير الدراسات إلى أن الجاني عادة ما يتعامل مع الطفل الضحية بإحدى طريقتين: الأولى: تعتمد على الإغراء والترغيب، والثانية: تقوم على العنف والخشونة.
وغالباً، لا يركز هؤلاء المعتدون على طفل واحد؛ بل يستهدفون العديد من الأطفال وقد ينجحون في الاعتداء على أكثر من طفل واحد.
ولخصت مجلة Mejor Con Salud سمات المعتدين على الأطفال في أنهم:
لا يشعرون بالذنب
لا يشعر هؤلاء الأشخاص بالذنب حيال جريمتهم، فهم مختلُّون عقلياً، ويكنُّون العاطفة تجاه الآخرين، ولا يشعرون بالذنب بعد إيذائهم.
في كثير من الأحيان ينظرون إلى الضحية على أنها أداة
يرجح العديد من الخبراء أنهم يقومون بهذا الفعل لأنهم هم أنفسهم كانوا يعانونه في مرحلة الطفولة.
وفي العادة، يكون المعتدون هم أيضاً من ضحايا الاعتداء أو سوء المعاملة في مرحلة الطفولة؛ إذ إن التجارب العنيفة والتجارب الجنسية الغريبة هي التي تُحدث اضطرابات نفسية.
كيف تتعامل مع الواقعة؟
إذا لاحظت أياً من العلامات السابقة، فعليك باتخاذ الإجراءات التالية:
– استيعاب الأزمة والتحلي بالهدوء و الصبر.
– عدم إلقاء اللوم على الطفل.
– منح الطفل الاحترام الكافي والثقة بالنفس.
– لا تغذِّ لديه الشعور بأنه ضحية؛ حتى لا يستسلم للأزمة.
– أشعِر الطفل بالاحتواء والحماية.
– استمع للطفل دون أن تُشعره بالتقصي أو التحقيق، ولا تمارس الضغط عليه لرواية الواقعة، دعه يروي ما يريد من الحادث، وامنحه الثقة ليتحدث معك وقتما يشاء.
– لا بد أن يطمئن الطفل إلى وقوع عقاب على المعتدي عليه، أين ما كانت درجة قرابته أو سلطته على الطفل أو الأسرة.
– سرعة إبلاغ السلطات بشأن الحادث والمعتدي إذا كان معروفاً لديكم.
– زيارة الطبيب فوراً لتجاوز الأزمة وعدم تكرارها.
لتجنُّب تعرُّض الأطفال للاعتداء
لا تتركوا الأطفال بمفردهم
سواء في الطرقات، أو المتنزهات، أو الساحات، أو المسابح، أو ورشات العمل، أو حتى الدروس أو قاعات الرياضة، كونوا حذرين من المدرسين وراقبوا وقت دخول وخروج الأطفال والأشخاص الذين يحتكون بهم.
تحدثوا معهم حول المخاطر
اشرحوا لهم الحدود التي يجب عليهم فرضها على الآخرين، وبينوا لهم أنه لا أحد يحق له ملامسة أعضائهم الحساسة حتى لو كان من المقربين، وأنهم يجب عليهم إخبار الوالدين بكل ما يطلبه منهم الكبار.
راقب تغير مزاج الأطفال
إذا كنت تلاحظ أن الطفل أصبح صامتاً، ومكتئباً، ومنعزلاً أو حزيناً، فإن هذه يمكن أن تكون إشارة على أنه يتعرض للتحرش.
راقب الشبكات الاجتماعية التي يستعملها الأطفال
تأكد من أنهم لا ينشرون صوراً شخصية تثير اهتمام المتحرشين، وأنهم لا ينشرون معلومات شخصية حول أنفسهم وحول العائلة، مثل عنوان المنزل أو اسم المدرسة التي يدرسون فيها، والأماكن التي يترددون عليها. كما يجب على الوالدين مراقبة الرسائل الشخصية التي يتلقاها الأطفال من أصدقائهم؛ لأن المعتدي قد يكون ذكراً أو أنثى.
يجب أن يشعر الطفل بالدعم المعنوي
في الحقيقة، يعتبر الأطفال الذين لا يحظون بالدعم العائلي هم أسهل فريسة للمعتدين. لذلك، يجب عليكم التحدث مع أطفالكم وإنشاء علاقة صداقة وثيقة معهم تجعلهم مستعدين للتحدث معكم حول مشاعرهم ومشاكلهم.
من المهم جداً طلب المساعدة إذا كنتم تشكُّون في أن هناك أمراً مثيراً للريبة. وفي كل البلدان، هناك مؤسسات وجمعيات متخصصة في دعم العائلات التي واجهت هذا المشكل مع أحد أطفالها.
ومن المهم أيضاً جداً كسر حاجز الصمت وطلب المساعدة، والتشهير بالمعتدين وفضحهم؛ لأنه في الغالب يكون هناك أكثر من ضحية واحدة.