لا تنظر السياسية التونسية مية الجريبي إلى يوم المرأة العالمي على أنه مناسبة عابرة، فهو يشكل خصوصية كبيرة بالنسبة لها، باعتباره احتفاءً بالنساء التونسيات الصامدات، وتكريماً للأمهات اللواتي فقدن أبناءهن في مواجهة الإرهاب، ومحاولةً لإشاعة ثقافة الحوار والتسامح، والتعريف بالقيم الإسلامية السمحة التي تقدر وتحترم دور المرأة.
وفي حوار خاص لـ"الأناضول"، في اليوم العالمي للمرأة، تحدثت الجريبي (56 عاماً) عن نظرتها للمرأة التونسية التي ترى فيها "دافعاً أساسياً للشعب في حراكه المؤسس لثقافة منفتحة تواجه ثقافة القتل والتجريم والتكفير".
ويحتفل العالم في الثامن من مارس/آذار من كل عام بيوم المرأة العالمي، عبر تسليط الضوء على الإنجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للنساء.
حالة استثنائية
وتعتقد التونسية الجريبي، التي تشكل حالة استثنائية على الساحة التونسية كونها أول امرأة تقود حزباً سياسياً في تونس عام 2006، أن المجتمعات بحاجة ملحة إلى عمل مشترك بين الرجال والنساء لتعبئة الطاقات لمواجهة الإرهاب والتطرف.
وترى أيضاً أن "وجود المرأة في مراكز القرار السياسي في تونس أو بقية دول العالم لا يعكس حيويتها وموقعها في نبض المجتمع، ولابد من تطوير التشريعات والقوانين في كل الدول حتى تواكب تطور المرأة والمجتمع".
وتوضح أن "المطلوب اليوم عدم الاكتفاء برفع شعار مشاركة المرأة في الحياة العامة، ولكن يجب النضال من أجل تحقيق هذا المطلب".
من جانب آخر، تشدد السياسية التونسية على أن العمليات الإرهابية في الجنوب التونسي تستوجب المواجهة بوضوح وجلاء، معتبرة أن تلك التفجيرات تشكل خطراً كبيراً على تونس، وتأتي كردة فعل على نجاحات الأمن والجيش الوطني.
وعلى صعيد ثانٍ، لا تزال الجريبي، إحدى المساهمات في تأسيس "جبهة 18 أكتوبر للحقوق والحريات" (ائتلاف يساري إسلامي قومي ليبرالي)، وأبرز المعارضات للنظام التونسي السابق، ترى أن أهداف الثورة التونسية لم تتحقق على الأرض، رغم مرور أكثر من 5 أعوام على اندلاع شرارتها، ورحيل الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
وتقول إن "أهداف الثورة التي جاءت من أجل مواجهة السرقة والفساد وغياب المحسوبية لم تتحقق بعد، ولكن على الرغم من ذلك فالمواطن التونسي يعيش اليوم هامشاً مهماً من الحرية، وهو من مكاسب الثورة فضلاً عن المؤسسات الدستورية".
ويوم 14 يناير/كانون الثاني 2011، كانت ميّة الجريبي في مقدمة المتظاهرين أمام وزارة الداخلية التونسية، رافعة شعار "ارحل" ضد بن علي.
كما كانت نائبة في المجلس الوطني التأسيسي (برلمان مؤقت من أكتوبر/تشرين الأول 2011 إلى ديسمبر/كانون الأول 2014)، الذي أقر دستور "الجمهورية الثانية" في تونس.
وفي سياق متصل، تؤكد الجريبي أنها منفتحة على ماضيها وتعتز بحضارتها، وتتطلع نحو الأفضل وتنهل من كل الثقافات.
وتؤكد أنها تشعر بكثير من المسؤولية لمواصلة مسيرتها، فقد كانت ضمن فريق سياسي وفي "تربة مقاومة ومناضلة" لها تاريخ تعتز به.
أول امرأة تقود حزباً سياسياً
وتحتفظ الجريبي بلقب أول امرأة تونسية تقود حزباً سياسياً، منذ أن اختارها أعضاء الحزب "الديمقراطي التقدمي" (الجمهوري حالياً) لأن تكون أمينة عامة للحزب، خلال مؤتمر ديسمبر/كانون الأول عام 2006.
وعن حزبها تقول السياسية التونسية إن "الحزب الجمهوري عريق ثابت على مبادئه، وله مكانته سياسياً رغم نتائجه الضعيفة في انتخابات 2014″، مشيرة إلى أن حزبها يعمل في 3 سياقات منها الوطني، باعتبار أن مقاومة الإرهاب تمر عبر التنمية والكرامة، فهو يعد مقترحات عمليّة تتعلق بذلك، إضافة إلى الاستعداد للانتخابات المحلية المقبلة".
وتضيف أن "الحزب يستعد لعقد مؤتمره خلال هذا العام، ولا يجب أن يكون مجرّد لحظة تنظيمية وإنما استحقاقاً للتغيير داخل الحزب وطريقة التسيير".
كما أنها تعتبر أن "للحزب الجمهوري بصماته في تحريك الأوضاع على الساحة التونسية، سواء في الوقوف في مواجهة الإرهاب، ودوره في الحوار الوطني، فضلاً عن دوره في المسائل المتعلقة بالتنمية والتشغيل".