لا يساورك شكٌّ بأنك لست في السعودية، بمجرد أن تلج قدماك إلى داخل أحد المراكز التجارية، ورؤيتك للعديد من الجميلات وهن يتصنّعن الابتسامة لجذب انتباهك للحديث إلى إحداهن، رغبةً في تشجيعك على شراء منتج ما حيث باتت المرأة السعودية في خضم مرحلة جديدة في عالم الأعمال والعمل.
"كانت بداية القصة في المصانع"، تقول وفاء المالكي، مديرة معهد المعرفة لتدريب النساء وتأهيلهن للعمل، لـ"عربي بوست" فالمصانع هي أول القطاعات التي بدأت بتعيين الفتيات السعوديات في المصانع وأقسام الإنتاج.
وكانت العديد من تلك المصانع قد خصصت أقساماً خاصة للنساء وفي وظائف مناسبة، حتى أن العديد من الفتيات اللواتي لا يحملن شهاداتٍ ثانوية كان بمقدورهن العمل في تلك المصانع، في أقسام بسيطة كالتغليف مثلاً، وتركيب أغطية القوارير، وغيرها من الوظائف البسيطة.
السعوديات والقطاع الأمني
ربما قد يشكل الإعلان عن قرب الموافقة على دراسة تسمح للسعوديات العمل في قوّات أمن المنشآت مفاجأة في المجتمع السعودي، حيث أكّد قائد قوّات أمن المنشآت اللواء سعد بن حسن الجباري عن وجود دراسة قائمة لتوظيف المرأة في قطاع أمن المنشآت بانتظار الموافقة عليها لوجود أعداد كبيرة من النساء في المنشآت التي تتم حمايتها.
وهنا، يؤكد اللواء المتقاعد خالد البلوي أن الحديث عن تعيين نساء في القطاعات الأمنية ليس بالأمر الجديد، حيث أعلنت وزارة الحرس الوطني نيّتها في السير في ذات الاتجاه مسبقاً.
مضيفاً في حديثه لــ"عربي بوست" أن "طبيعة عمل النساء في تلك القطاعات تختلف عن الرجال، فمن الصعب أن نشاهد إحداهن تقف أمام البوابات الأمنية أو في نقطة تفتيش على قارعة الطريق تحمل رشاشاَ وتقوم بتفتيش السيارات، ولكن قد ترتبط المرأة السعودية في وظائف أمنية ذات طابع مكتبي، وهي الوظائف الأكثر ملاءمةً للمرأة السعودية".
ولا توجد معلوماتٌ كافية، حتى الآن، حول موعد افتتاح أبواب التعيين للنساء السعوديات في تلك القطاعات الأمنية.
في قسم العائلات!
ربّما كان الأمر غريباً وحتى يرفضه البعض أن تعمل السعوديات في المقاهي والمطاعم، ولكن الأمر اختلف تماماً كما توضّح سيدة الأعمال السعودية منى البستاني التي تمتلك عدداً من المقاهي والمطاعم في جدة.
تقول البستاني "هناك عددٌ كبير من السعوديات يعملن في المقاهي التي أديرها على عكس السنوات الماضية حيث كانت العمالة الفلبينية هي المسيطرة على العمل في المقاهي وقطاعات الضيافة، إلا أن السعوديات لا يمانعن الآن للقيام بأعباء تلك الوظائف، فعقلية المجتمع السعودي تغيرت".
مضيفة في حديثها لــ"عربي بوست": "بطبيعة الحال، يصعب أن توظف إحداهن للعمل في وظيفة تتطلب احتكاك المرأة السعودية بالرجال، السبب في ذلك يعود إلى خصوصية المرأة السعودية، ولكن دوماً ما تسعى الفنادق أو إدارة المطاعم إلى تعيينهن في أقسام العائلات، حيث بات من الصعب وغير المقبول أن يتم تعيين رجل سعودي أو أجنبي للعمل في قسم العوائل التابع لمطعمٍ ما أو حتى مقهى".
"عملت في قطاع التجزئة لمدة ثلاثة أعوام كبائع، ولا ضير بأن أعمل في أحد المطاعم الفندقية المخصصة للعائلات"، بهذه العبارة تصف سعاد عاصم موقفها من العمل في القطاع الفندقي.
وتوضح لــ"عربي بوست" إذا رغبت بالدخول إلى أحد المولات أو مراكز التسوق، ستعلم أن المجتمع السعودي قطع شوطاً كبيراً لتقبّل مشهد وقوف العديد من السعوديات أمام منصات بيع العطور، والأجهزة الكهربائية وغيرها من البضائع التجارية، منتظراتٍ قدوم الزبائن لإقناعهم بمدى جودة البضائع المعروضة للبيع".
70 ألف سعودية
وتزامناً مع تلك التطورات، دعت وزارة العمل أصحاب الأعمال في القطاع الخاص مؤخراً، إلى المشاركة في تحسين القرار الوزاري الخاص باشتراطات توظيف النساء في المصانع، حيث سيتم طرح مسودة القرار على بوابة المشاركة المجتمعية "معاً للقرار"، وذلك لإبداء الملاحظات والآراء قبل إقراره.
وبحسب مدير عام الإعلام في وزارة العمل الأستاذ خالد بن عبد العزيز أبا الخيل، فإن طرح مسودة القرار جاء لإعطاء أطراف العلاقة والمهتمين والمرأة العاملة المجال لإبداء الملاحظات والمرئيات على المسودة قبل الإقرار بصفة رسمية، مبيناً أن القرار المرتقب يهدف إلى تشجيع النساء للعمل في المصانع وتحفيز أصحاب المصانع على توظيفهن وإعطائهن مرونة في عمليات التوظيف.
ووفقاً لإحصائيات وزراه العمل، المعلنة في الربع الأخير من العام الماضي، فإن نسبة ارتفاع عدد السعوديات العاملات في القطاع الخاص بلغت 670 في المئة خلال 4 سنوات فقط، بمعدل ارتفاع تقريبي سنوي بلغ 167.5% ، حيث يبلغ عدد السعوديات العاملات في القطاع الخاص نحو 70 ألف سعودية، وذلك بحسب الأرقام الصادرة من التأمينات الاجتماعية قبل 4 سنوات، بينما ارتفع العدد ليتجاوز 468 ألف سعودية حتى النصف الأول من العام الماضي 2015.