حتى لو اكتست الحقيقة وجه السخرية، فهي تريد أن تتزوج….
تبحث عن نصفٍ أجمل منها…
عن نصف لا يجرؤ على اغتيال حريتها…
عن الجزء الأفضل في حياتها…
عن سعادةٍ ممددةٍ على كاهل الأمل…
يحدث أنْ تعلنَ امرأة رغبتها في الزواج علناً، وأنَّ صبرها قد شارف على النفاذ، وهي تنتظر فارسها لترحل معه وتودع عالم الآنسات، ولا يأتي!
تبحثُ عنه في فنجان قهوتها كل صباح، يظهر لها بانتظام وكأنه يَعِدُها عبر الرسومات المشوشة: سآتي يوماً… انتظريني… فتدمن القهوة بلهفةِ عاشقةٍ، وتدمن دعاء الباعة المتجولين على إشارات المرور، وتجود عليهم كلما جاء فارسها على هيئة دعاء.
تصطدم هواجسها المعلنة بمجتمعٍ يلومها، لا يعترف بحرب "الأستروجين" في جسدها، ولا بحقها بإعلان رغبتها، يعترف فقط بحقها بالانتظار بصمتٍ، مجتمع ربّى فيها المستقبل على أنَّه رجلٌ يمنحها لقبَ زوجة وأم، وقد حضر المستقبل وغاب الرجل!
على الجانب الآخر لوجه الحقيقة الساخر، هو يريد أن يتزوج، تبحث والدته عن زوجة له تبعاً لصكوك ملكية ابنها، شهادة ميلاده تحمل اسمها في خانة "اسم الأم"، تبحث عن مادة غنية تشبع صباحاتها النسائية.
مباحٌ له البحث عن زوجة في العلن، "التستوستيرون" لا ينتظر، وهو يريد أن يكمل نصف دينه، النصف الثاني هو الأهم، لا يهم نصف دينه الأول.
من يقر بأنه وإياها لهما ذات الرغبات والشهوات والأمنيات، وذات المجتمع؟
متى سنستأصل هذه الزائدة الفكرية الملتهبة من خاصرة المجتمع؟
مجتمع بحرفية شرقية مستعارة يكتب النصوص كلها وينصب نفسه المؤلف والناقد، سرد يجري دون وجهة، لا حجج منطقية لحبكته الدرامية، ونهايات مكررة، يصنع الأبطال دون بطولة، كمن يفضّل الحجارة السوداء على رقعة الشطرنج دون سبب، متناسياً أنَّ الحجارة هي ذاتها سوداء أو بيضاء، والرقعة ذاتها، ونهاية الملك هوالهدف ذاته.
وأما هي… حالمة في مهب الزيف، فمن يحترم حُلم أنوثتها وحِلْمَها؟ تعدُّ نجوم الأيام أمام فوهة العمر، وإصرار الأمومة، وإغواء الهرمونات، وسَوْرة حبٍ مشتهى.
تباً للعناق المنتظر بفارغِ النفاق.
جلنار