لا أحاول في مقالي هذا أن أكشف سر الروح.. ولكن أحاول أن أتوصل لحقيقة تختلط على الكثير منا، وهي أن القلوب هي فقط من تقع في الحب. فهل هناك حب من نوع آخر؟ حب لا يأبه بالعالم المادي؟ حب لا يعترف بالقوانين البشرية ويتحدث بكل اللغات؟ حتى أنه يعترف بالصمت كلغة حوار؟ حب لا يعبر عنه القلب أو اللسان؟ حب أكبر من مواثيق الزواج وأعتق من كتب السحر؟
قد يعشق القلب أحيانا كثيرة.. وفي كل مرة يقسم إنه الحب الحقيقي ولكن علمتني تجارب الحياة أن القلب قادر على أن يعشق أكثر من مرة ولكن عشق الروح لا يأتي سوى مرة واحدة في هذه الحياة. أحيانا نتساءل إذا كان ما نشعر به هو الحب الحقيقي وليس لحظات اشتعال عاطفية تنطفئ مع مرور الأيام. من منا لا يبحث عن "الحب الحقيقي" الذي دائما ما يأتي مع عبارة "إلى الأبد.."
فأنا عن نفسي لا أتخيل أني سأعيش حياة الدنيا مع شخص وعندما تأتيني فرصة الاختيار مجددا في الحياة الأبدية سأختار نفس الشخص إلا إذا.. كان هو توءم روحي.. قد يضطر البعض إلى استكمال ما تبدد من مشاعرهم في الدنيا لمن وقع عليهم اختيارهم وظنوا في وقت ما أن هذا هو الحب الحقيقي.. ولكن هل يستطيعون التمادي في الإنكار لدرجة أنهم يختارون هذا الشخص ليكون شريكهم الأبدي؟! هنا تأتي الإجابة الحقيقية لو كان الإنسان فعلا صادقاً مع نفسه بغض النظر لأي اعتبارات أخرى.. فهل يقر الإنسان بخطئه في الاختيار وأن مشاعره قد خدعته في لحظات ليظن أن اختياره لشريك حياته هو الصواب؟..
نعيش حياتنا ونعتقد أننا قد اخترنا الحب الحقيقي وتأتي الأيام لتثبت لنا أننا كنا على خطأ وأننا قد نقع في حب أشخاص آخرين.. هنا يجب أن نقف مع أنفسنا ونتصارح بكل صدق.. فقد كان اختيارنا الأول مبنيا على أسباب أخرى زائلة أو تنقصنا مثل المظهر الخارجي أو صفة معينة ناقصة فينا نبحث عنها في الآخر أو عادات وتقاليد راسخة لشكل وشخصية الآخر تقول إن هذا الشخص هو النموذج الصحيح لشريك الحياة وهنا يعمل العقل الباطن فورا بتصوير هذا الشخص للعقل والقلب على أنه الشخص الذي طالما بحثنا عنه.. وهنا تأتي الصدمة بمجرد أن نكتشف بمرور الأيام أن القلب قد يحب شخص آخر غير اختيارنا الأول.. وإذا دققنا النظر سنتأكد أن اختيارنا ومشاعرنا كانت مبنية على اعتقاد وثواب-ت العقل الباطن وليس على مشاعر حقيقية.. فمن منا لا يحلم بالحب الحقيقي ورسم في مخيلته صورة هذا الشخص.. ولكن هل توقفنا لنسأل أنفسنا لماذا نحب هذه الصورة؟ سنجد أننا نختار المظهر الذي يجذبنا والصفات التي نحبها..
الحب الحقيقي هو حب بلا شروط ولا صور.. الحب الحقيقي لا يعرف مظهرا ولا يحدد بصفات.. الحب غير المشروط هو تلاقي أرواح فقط.. وهنا ستقف مذهولا عندما تجد شخصا يتوافر فيه كل مقومات جمال المظهر يحب شخص آخر على النقيض تماما لتلك المقومات فتجد الناس المحيطة في حالة من الذهول والاستغراب!
إنه تلاقي الأرواح.. الحب المبني على صفات جمال المظهر والخلق ليس حبا أبدياً.. ليس كما تظن.. إنه حب مؤقت.. حب دنيوي.. نعم هناك حب أبدي.. ولكن لا أستطيع أن أطلق عليه كلمة "حب" بل هو "عشق".. هنا فقط نعرف أن ما تغنى به عبد الوهاب في أغنيته "عاشق الروح" هو الحقيقة عندما قال "وعشق الروح مالوش آخر لكن عشق الجسد فاني".. وهي حقيقة.. فعاشق الروح لن يتردد ثانية عندما تسأله إذا ما كان سيختار نفس الشخص في الحياة الأبدية.. لأنه ببساطة على يقين أنه توءم روحه.
لذلك يجب أن نتمهل في اختيارنا ولا نتسرع في الحكم على مشاعرنا وتسميتها بالمسمى الصحيح لأننا قد نتسرع في تفسير وتسمية مشاعرنا بالمسمى الخاطئ. يجب أن نكون أكثر صدقاً وشفافية مع أنفسنا حتى لا نظلم أنفسنا ونظلم الآخرين معنا..
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.