كان يتبادر إلى ذهني كلما تحدث أحدهم عن الحب، سؤال محير يخلخل ما في الأذهان، هل أصل الحب عربي أم غربي؟
لا شك أن العديد منا قد استمتع بقصص كانت تحوم حول الشجن والهيام، فهناك من رحل عبر شاشته الصغيرة إلى أقصى الهند ليستمع إلى نبضات قلب الخان، وهناك من تجده إلى حد الآن منغمسا في شعر نزار لعله يعثر على مواصفات قُرة مقلتيه حتى ولو كان هذا في بعض الأحيان كأضغاث أحلام.
بناءً على طلب قلبي المشاكس الذي لم يتوقف عن السؤال، قررت أن استقل قطار الحب باحثاً عن الأصل والفؤاد، فتوقفت أولاً بدولة تقع بأميركا الشمالية ﻷستمتع ببعض حلقات "غوادلوبي" التي كانت هي من تُؤثث فضاء الإعلام منذ زمان، فغرقتُ مع البطلان في دوامة "الوله والدوران"، حيث إن الحلقة الأخيرة ما زالت عالقة في ذهني إلى حد الآن، ليس لأنها الأخيرة فقط، بل لكونها كانت بمثابة اليوم الأخير الذي استمتعت فيه بدراجاتي الهوائية التي أهداني إياها أبي بعد شهور من الالتزام بواجباتي المدرسية. كنت حينها قد تركت دراجاتي عند باب المنزل بسبب تشوقي لمعرفة النهاية، فعندما انتهى المسلسل، وجدت وكما يقول المغاربة في مثلهم الدراج "غير الشيح والريح". فهناك من يستمتع بالحب وهناك من ينتظر لحظة الحب ليسرق منك الدراجة.
في الأخير هذه هي لعبة الحب، فالحب جوهرة السرقة، فأنت تسرق قلبها وهي تخطف قلبك والحياة تسرقكما من أعز الناس.
فبعد هذه السرقة، شاهدت مسلسلات وأفلام كثيرة أنستني الدراجة المسروقة والألم ومهند والندم ولأنني كنت أحس دوما بأنهم يُمثلون الحب رغم أن الحب لا يُمثل، بل يجب أن يُضرب به المَثَل. فالحب وكما قال السيد نزار.. قد يغير فعلاً خارطة الأزمان. فبعد رحلة بحث مطولة عن الحقيقة، وجدت نفسي بين أحضان مدن الهيام، حينها فقط اكتشفت أن الأصل والجوهر عربي، فكيف لا وأصل الحب في الإسلام ومحمد عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام خير مثال. فألتمس منك العذر يا خير الأنام عن هذا التأخير، فنحن لا نعرف قيمة ديننا إلا عن طريق الآخرين، فلهذا نحن جد متأخرين.
وأنت تتصفح سيرته وقصة زواجه من خديجة -رضي الله عنها- تحس فعلاً بالسلم والسلام الذي كانا يعيشان في كنفه. ففي يوم من الأيام، كان عليه أفضل الصلاة والسلام يخيط ثوبه، وكان وجهه يتصبب عرقاً، فقالت له السيدة عائشة: "لو رأى الشعراء جبينك لنظموا في وجهك شعرا"، عندئذٍ وضع الرسول الثوب جانباً وقبلّها بين عينيّها، وقال: "والله يا عائشة ما كافئتك مثل ما كافئتني".
أليست هذه هي الكلمات الألماسية التي أصبحنا نتوق إليها في زمننا هذا المليء بالمكر والخداع، فالمرأة هي من تمتلك مفتاح الحب في هذه الحياة، لكن للأسف قليلات من نساء هذا الجيل من يتصفن بهذه الصفات الشاعرية، فمثل هذه الكلمات الفردوسية هي التي تربك حسابات الرجل حتى ولو كان قلبه كالحجر.
فالحب، وفقا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- رزق من الله وهو بالتالي لا يصنع ولسنا نحن من يبحث عنه بل هو الذي يفتش عنا بشغف حتى ولو كنا في أعلى الجبال، يقول عليه الصلاة والسلام عن خديجة "إني رزقت حبها". فالعديد من شباب هذه الأيام باتوا يخلطون الأوراق ويربطون الزواج بالمال والشقة والسيارة والكمال، والنتيجة أن العلاقات غير الشرعية وغير القانونية هي من أصبحت تحل محل بيت الزوجية.
الحب يا سادة هو ماء الحياة ومسكن الأرواح الجميلة ومحمد -صلى الله عليه وسلم- هو الرومانسي الصادق الوحيد الذي عرفته البشرية. فالحب هو الطريق الذي يوحدنا والكلمة التي تجمع عشاق العشق يا أصحاب القلوب الضعيفة، أما التيتم يا أحبة ليس له نهاية ولا بداية، فنهايته تنتهي عندما تبدأ تظن أنك وصلت خط النهاية، فبعد موت السيدة خديجة -رضي الله عنها- أتت امرأة للنبي -صلى الله عليه وسلم- لتسأله عن حاله بعد موت مهجة روحه، خاصة أنه كان لديه سبعة عيال، فطلبت منه أن يفكر في الزواج.. فبكى حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم و قال: وهل بعد خديجة أحد.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.