50 % من نساء تونس تعرّضن للعنف الجسدي والجنسي سنة 2015 بعد أن كانت النسبة في حدود 27 % قبل سنة 2011 وفق ما أكدته دراسة لمركز رعاية الصحة النفسية بتونس.
أرقام كانت كافية ليطلق حقوقيون في تونس صيحة فزع مطالبين الحكومة التونسية بمزيد من سن تشريعات تحمي المرأة رغم كل ما قيل ويقال حول الترسانة القانونية التي تتمتع بها المرأة التونسية دون غيرها من النساء في باقي الدول العربية.
حكم قضائي
في شهر مايو/ أيار من سنة 2010 قضت محكمة تونسية بسجن زوج مدى الحياة من أجل مواقعة أنثى غصباً والاعتداء بالفاحشة على أنثى دون رضاها والقذف العلني والاعتداء على الأخلاق الحميدة والتهديد بما يوجب عقاباً جنائياً".
ووفقاً لصحيفة الصباح التونسية فقد "تقدمت زوجة إلى أحد مراكز الأمن ورفعت شكوى ضد زوجها تتهمه خلالها باغتصابها بوحشية والاعتداء عليها بالفاحشة، إلى جانب إحراق جسدها بالسجائر ليلة الدخلة حيث سارعت إلى طلب النجدة من أقاربها وتم نقلها إلى المستشفى، حيث أكد تقرير الطبيب أنها تعاني من نزيف حاد كما أن حالتها تستوجب عرضها على طبيب نفسي.
هذه الحادثة التي تعامل معها القضاء التونسي كونها اعتداء بالعنف ومحاولة قتل لم تكن بحسب ما ذهبت إليه أستاذة القانون الدستوري والناشطة في جمعية النساء الديمقراطيات حفيظة شقير لتأخذ هذا المنحى ويتعامل معها القضاء بهذا الحزم لو كانت مجرد حادثة اعتداء جنسي دون توفر أركان الاعتداء ومحاولة القتل من زوج لزوجته.
وتذهب شقير إلى أن القانون التونسي لا يعترف بـ"الاغتصاب الزوجي " كجريمة يعاقب عليها القانون رغم ارتفاع نسبة الشكاوى التي تتلقاها الجمعية من نساء كن ضحايا اعتداءات جنسية من قبل أزواجهن بعضهن قرر الصمت وأخريات اتجهن للقضاء من أجل رفع قضايا طلاق.
Brochure sur les services mise à disposition des femmes et filles en cas de violencesمطوية مخصصة للنساء ضحايا العنف
Posted by Association Tunisienne des Femmes Démocrates ( Page Officielle) on Friday, December 4, 2015
اغتصاب زوجي مسكوت عنه
40 حالة لزوجات تونسيات تعرضن للعنف الجنسي من قبل أزواجهن وتم إجبارهن على المعاشرة غصباً وبالإكراه تحدثن عن تجاربهن المريرة وشهاداتهن لمنظمة العفو الدولية بتونس.
رئيس المنظمة لطفي عزوز يوضح لـ"عربي بوست"أن " 80 % من قضايا العنف الجنسي التي تقدمت بها زوجات تونسيات ضد أزواجهن يتم حفظ أغلبها في مركز الشرطة الذي أصبح يلعب دور الوسيط بين الزوجة الضحية والزوج المعتدي مما يجبر الزوجة في أغلب الحالات على التراجع عن قضيتها فيما تصل نسبة 20 % فقط من هذه القضايا لأروقة القضاء من خلال إصرار الزوجة على ملاحقة الزوج قضائياً بهدف الطلاق".
بالتالي يكون هنا العنف الجنسي مبرراً للطلاق وليس السبب الرئيسي.
عزوز اعتبر أن المشرع التونسي لا يعترف حتى اللحظة بالاغتصاب الزوجي الأمر نفسه مع المجلة الجزائية التونسية التي تجرم الاغتصاب لكنها لا تحدد أركانه وهو ما دفع فرع منظمة العفو الدولية بتونس لحث الدولة التونسية على القيام بمزيد من الإصلاحات على مستوى التشريعات وتحديد أركان جريمة الاغتصاب بشكل واضح ودقيق واعتماد العنف الجنسي الزوجي كشكل من أشكال الاغتصاب.
عريضة رسمية للحكومة
منظمة العفو الدولية وجمعيات حقوقية نسوية تقدمت رسمياً بعريضة للحكومة التونسية ولوزارة المرأة ووزارة الداخلية ووزارة الصحة بهدف إعادة تعريف الاغتصاب في المجلة الجزائية بحيث يشمل ضمن أركانه وعناصره الاغتصاب الزوجي .
القانون والمجتمع يضاعفان مأساة المغتصبة
من جانبها ترى الباحثة الاجتماعية والناشطة في مجال المرأة آية بن منصور أنه إلى اليوم وعلى الرغم من ما حققته تونس من تقدم في مجال الحقوق في مجال المرأة تظل هذه الأخيرة عرضةً لأنواع عدة من العنف المسلط عليها وخاصةً منها العنف الجنسي.
وتضيف "في حالة الاغتصاب الزوجي لا تزال المرأة غير قادرة على إثبات حقها لا فقط في مجال القانون الذي لا تزال الترسانة القانونية للدولة تفتقر القوانين اللازمة لإنصاف الضحية وإنما أيضاً تواجه المرأة سلطة المجتمع الذي لا يرحمها لذلك تجد المرأة نفسها في موقعٍ لا تحسد عليه في مواجهة سلطتين دكتاتوريتين وهما سلطة المجتمع المتحدة بسلطة القانون في مجتمع مثل تونس".
قصور القانون التونسي
وتعتبر بن منصور أن الاغتصاب الزوجي يعد من أخطر أشكال العنف المسلّط على النساء والمكتسب للشرعية الدينية السوسيوثقافية لأنه كما تقول"المشرّع التونسي لم يتجاهل هذه الجريمة فقط بل أجازها بالقانون في الفصل 13 من مجلّة الأحوال الشخصية".
الفصل13 يقول "ليس للزوج أن يجبر زوجته على البناء بمعنى العلاقة الزوجية ما لم يدفع المهر"، والمغزى كما توضح بن منصور أنه يكفي أن يدفع الزوج المهر كثمن للعملية الجنسية حتى يجوز له إجبار زوجته على ممارسة الجنس وبالتالي للزوج الحق في اغتصاب زوجته على معنى هذا الفصل.
نقائص في مجال حقوق المرأة
وترى الباحثة في الإعلام الاجتماعي أن المشرع التونسي مازال يشكو من نقائص في مجال حقوق المرأة وحمايتها من العنف الزوجي وتحديداً الفصل 227 من المجلّة الجزائية الذي ينصّ على أنّه في صورة مواقعة قاصر برضاها تسقط كل التتبعات القضائية ضدّ الفاعل إذا تزوّج بالضحية.
بالتالي يكون هذا الفصل بمثابة مكافأة للمغتصب من خلال إفلاته من العقاب قانونياً عبر تزويجه بالفتاة التي اغتصبها مما يسمح له باغتصابها في اطار الحق الزوجي .
وتطرح بن منصور حلولاً لتخطي هذه الظاهرة متمثلة أساساً في أن تتحلى المرأة بوعي كافٍ بذاتها كذات فاعلة في المجتمع لا فرق بينها وبين الرجل في مجال بناء الدولة الحديثة وعدم الاستسلام أمام السيل الثقافي الذكوري الجارف والعمل على إيقافه من خلال التكثيف من وتيرة الحركة النسوية في المجتمع في المجال النقابي الجمعياتي السياسي.