نادراً ما تظهر في وسائل الإعلام صور أخرى للنساء السعوديات باستثناء تعرضهن للاضطهاد والقمع وحاجتهن إلى التدخُّل الغربي أو، في بعض الأحيان، مهندساتٍ ورائدات أعمال يكسرن الأفكار النمطية.
لذا دفعت هذه المفاهيم الخاطئة مريم موصلي، سيدة الأعمال المقيمة في جدة ورئيسة التحرير الحائزة على عدة جوائز، إلى تأليف كتاب Under The Abaya: Street Style From Saudi Arabia أو "تحت العباءة: أزياء النساء في شوارع المملكة العربية السعودية".
أزياء المرأة السعودية وسيلة تعبير عن تميزها
يلتقط الكتاب الوجه المتغير للمرأة السعودية، ويستعرض صوراً لخيارات السعوديات من الأزياء واعتبارها جزءاً لا يتجزأ من هويتها وشخصيتها بغض النظر عن العباءة السوداء.
إذ قالت مريم لموقع Middle East Eye البريطاني: "أريد أن أوضح للعالم أننا أكثر من مجرَّد هذه الشخصيات السوداء الصامتة التي تظهر في الأخبار. نحن قويات ذوات شخصيةٍ حازمة وعنيدات".
ومع أنَّ تصحيح المفاهيم الخاطئة ليس هو الهدف الوحيد لمريم، فإنَّ الكتاب يعرض تعدد هويات النساء السعوديات.
وقالت مريم: "لأول مرة، نروي قصتنا. نحن طبيبات وسيدات أعمال ونشغل جميع الوظائف الأخرى. لدينا آراء وأفكار".
العباءة السوداء لم تعد شرطاً مفروضاً عليها
يُذكَر أنَّ الأمير محمد بن سلمان أعلن في مارس/آذار 2018 أنَّ المرأة السعودية لم تعد ملزمة بموجب القانون بارتداء العباءة السوداء ما دامت ملابسها "محتشمة" و"محترمة".
وفي كتاب Under The Abaya، تُحدِّد المشاركات فكرتهن الخاصة عن الزي المناسب.
وتختلف الأزياء في المملكة العربية السعودية، من مدينة الرياض المُحافظة إلى مدينة جدة الأخف قيوداً.
فهنا، تلتقط منال الخلدان لمحة نادرة عن أزياء فتيات الرياض، إذ تعرض فتيات يرتدين ملابس باللونين الكاكي والبيج.
وعن ذلك قالت مريم: "أتذكر حين ذهبت إلى الرياض بصفتي فتاة من جدة أرتدي عباءتي الملونة، وقلت لنفسي آنذاك: "حسناً، لن أفعل ذلك مرة أخرى! لقد علقت في بحرٍ من شخصيات ترتدي ملابس سوداء وبيضاء فقط".
مشهد الأزياء الجديد يشجع السعوديات على الظهور
لكنَّ الوصول إلى تلك الإشادة بأزياء النساء الخارجية التي نادراً ما تُرى في المنطقة، وفردانية النساء السعوديات استغرق عقداً من الزمن في طور التكوين.
إذ قالت مريم: "أردت دائماً أن أفعل شيئاً لتسليط الضوء على مشهد الأزياء المتنوع والحديث".
جديرٌ بالذكر أنَّ مريم حين وجَّهت دعوةً إلى النساء السعوديات لأول مرة عبر حسابها على إنستغرام في عام 2017 من أجل المشاركة في كتابها، تلقت أكثر من ألف طلبٍ من نساء سعوديات.
وفي البداية، أردن جميعاً إخفاء هويتهن ووجوههن، ولكن بحلول الموعد النهائي لتقديم الطلبات، وافقت الأغلبية على كشف هويتهن، وفقاً لما ذكرته مريم، التي أضافت: "98% من المُشارِكات تركن مذكرة يسألن فيها عمَّا إذا كان يمكننا إدراج اسمهن أو موقعهن الإلكتروني أو حسابهن على إنستغرام في الكتاب".
وتوجهات نحو الاحتفاء بإنجازاتها في كل الأصعدة
وذكرت مريم أنَّ الكتاب حظي باهتمامٍ عالمي، مع وجود طلباتٍ من جنوب إفريقيا والبرازيل ودولٍ أخرى للحصول عليه.
لكنَّها حذرة من أنَّه قد يثير رد فعلٍ من المستشرقين، مؤكدةً أنَّ إنجازات المرأة السعودية سبقت التركيز الغربي على البلاد.
إذ قالت: "كنت أصغر محررة عُيِّنَت في صحيفتي، وحظيت بفرصةٍ عندما كان عمري 22 عاماً. وما كنت لأحصل على الفرصة نفسها (في أي مكانٍ آخر). ثم أطلقت عملي الخاص في عام 2011 كذلك. ولم أكن بحاجةٍ إلى وصيٍّ لفعل أيٍّ من ذلك".
وتعتزم مريم إصدار الطبعة الثانية من كتابها في خريف العام الجاري 2019.
وقالت عن ذلك: "أحب أن أستمر في نشر الطبعات ما دامت النساء مستعدة للمشاركة".
وأشارت إلى أن إسهامات المرأة في إعادة تحديد مركز المنطقة على المستوى الدولي يجب الاعتراف بها.
وقالت: "في الواقع، نحن القوة المحركة. نحن اللواتي يدفعن التغيير من الأعلى والأسفل".
سعر الكتاب 55 دولاراً، ويمكن شراؤه عبر هذا الرابط.
العباية المقلوبة رسالة مبطنة ولكن صارخة
وهذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها المرأة السعودية إلى الأزياء لإيصال رسالة أعمق، إذ شهد أواخر عام 2018 حراكاً صامتاً ومبطناً، تمثل في ارتداء السعوديات عباياتهن السوداء بالمقلوب.
انتشر وقتها هاشتاغ #العبايه_المقلوبه، وكان الهدف منه الاعتراض على عدم تمتعها بالحرية المطلقة في اختيار أزيائها، وإجبارها على ارتداء العباءة السوداء.