ربما تكون قد شاهدتَ أو قرأتَ القصصَ المؤلمة التي نُشرت على شبكات التواصل الاجتماعي حول التحرش الجنسي، وهناك احتمال أن تكون ابنتك أو ابنك قد شاهدا تلك القصص أيضاً على وسائل التواصل الاجتماعي.
حتى لو كان أبناؤك أصغر من أن يكونوا على إنستغرام، فمن المحتمل أنهم قد شاهدوا رجالاً أو أولاداً يُبدون تعليقات جنسية غير لائقة، أو حتّى إنهم سمعوها موجهةً لهم.
تقول هولي كيرل، مؤسِّسَةُ مؤسَّسَةِ (Stop Street Harassment– أوقفوا تحرُّش الطرقات) غير الربحية: رغم أن القصص التي نسمعها مقلقة، فإنَّ الجانب الإيجابي هو أن الجميع يتحدثون عنها الآن، وهي توفر للآباء فرصةً لا تُقدر بثمن لمناقشة القضية مع أطفالهم لتوعيتهم. يرغب العديد من الآباء في التحدث إلى بناتهم وأبنائهم، لكنَّهم قلقون من أن يقومو بذلك بأسلوب خطأ، أو أنهم لا يعرفون بالضبط ماذا سيقولون، لذلك ينتهي بهم الأمر بعدم قول أي شيء.
وفيما يلي سنقدم لك طرقاً لبدء المحادثة ومناقشة طفلك وتوعيته حول التحرش الجنسي.
أهمية الحوار المبكر ومنح الطفل أريحية السؤال
في حين أننا قد لا نكون قادرين دائماً على حماية أطفالنا تماماً من قضايا التحرش والاعتداء الجنسي، فإننا يمكننا مساعدتهم على تطوير أدوات للتعامل مع التحرش الجنسي أو الإساءة التي قد يواجهونها في المدرسة أو الطريق أو حتى في المنزل.
تَوَاصل مبكراً مع أبنائك، وتذكَّر أنه لم يفُت الأوان أبداً لبدء الحديث! الحديث عن الجسد والعلاقات والرضا والجنس والاعتداء الجنسي يسمح للآباء بالتعبير عن قيمهم وتقديم المعلومات للأطفال.
كما أنه يضع الأساس للمهارات اللازمة للتعامل في جميع الظروف الشائعة للتحرش والاعتداء الجنسي. إظهار أنك منفتح على أسئلتهم، وترغب في إجراء محادثات حول هذه الموضوعات الصعبة سيجعلهم يشعرون براحة أكبر في التحدث معك إذا رأوا أو تعرضوا للإساءة الآن أو في المستقبل.
إذا كان لدى أبنائك الكثير من الأسئلة
إذا سَمِعَ أبناؤك خبراً ما، أو وجَّهوا لك سؤالاً عن حادثةٍ ما، اسألهم عن مدى معرفتهم بالأخبار، وما هي الأسئلة التي لديهم عنها، وأجبهم بصدق.
يمكنك أيضاً توسيع نطاق المحادثة لإعطائهم استراتيجيات لما يجب أن يفعلوه إذا قام شخص ما بمضايقتهم أو مضايقة صديق لهم. إذا كان هناك شخص ما يزعجهم بقولٍ أو فعل في المدرسة أو في الأماكن العامة، فيمكنهم أن يقولوا "ابتعد أو توقف عن هذا، لا أريد ذلك" ثم عليهم أن يغادروا فوراً.
وإذا كانوا يتعرَّضون للمضايقة من شخصٍ أكبر سناً أو في مجموعة، فيجب عليهم الوصول إلى مكانٍ آمن والتحدث مع شخصٍ ما ليساعدهم.
علِّمهم دائماً أن يثقوا في حدسهم، وأن يغادروا عندما يشعرون أن هناك شيئاً ما يضايقهم.
إذا سمع ابنك/ابنتك بعض الأخبار ويريدان معرفة المزيد
قد يكون من الجيد إعطاء بعض التفاصيل في مثل هذه الحالة، فإذا جاء ابنك/ابنتك ليعرف أكثر حول حملة Me Too فيمكنك أن تقول مثلاً إن رجلاً قوياً في صناعة الأفلام قد تم طرده من عمله لأنه عامل النساء بشكل سيئ للغاية، ولمسهنّ بطريقةٍ مزعجة، وقال لهن أشياء فظة، وكل ذلك يعتبر سلوكاً غير مقبول في أي حالة، والآن تدعم النساء في جميع أنحاء البلاد بعضهن البعض من خلال مشاركة قصصهن.
استخدم اللغة التي تناسب طفلك أو ابنك، من أجل طرح مفهوم التحرش الجنسي دون إخافة طفلك يمكنك أن تقول "معظم الرجال والأولاد لطيفون حقاً ورائعون لتكوين صداقات معهم، ولكن هناك القليل ممن يقومون بالتحدث بطريقة غير لائقة ومزعجة، وفي بعض الأحيان قد يلمسون الآخرين بدون إذن، إذا رأيت هذا في أي وقت أو إذا حدث لك هذا، أريدك أن تعرف أنه يجب أن تأتي للتحدث معي بشأنه".
استغل الدروس الواقعية، عندما ترى شخصاً لا يحترم امرأة أو يقوم بمضايقة شخص آخر، سواء في الأفلام أو على التلفزيون أو في الحياة الواقعية، فاستخدمه كنقطة انطلاق لمحادثة مع أبنائك وبناتك. واشرح لهم أن هذه ليست الطريقة التي نتعامل بها مع النساء أو مع الأشخاص الآخرين.
إذا كان طفلك صغيراً جداً على معرفة ما يجري
تحدَّث مع طفلك بشكل عام عن الحدود، بالنسبة إلى الفتيات الصغيرات ليست هناك حاجة لطرح أخبار لا تستطيع فهمها، لكن يجب أن تبدأ في الحديث عن اللمس الجيد واللمس السيئ بمجرد أن يفهموه. حتى في سن الخامسة أو السادسة ربما يكون طفلك قد سمع شخصاً ما يقول شيئاً لأمه أو أخته الكبرى، ويمكنك أن تخبر طفلك أنه ليس من المقبول أبداً أن يتحدث شخص ما عن جسدك أو يلمسك بدون إذنك.
كن نموذجاً للسلوك الجيد في المنزل، يلتقط الأطفال من مشاهدة سلوكنا أكثر من الاستماع لما نقول لهم. لذلك في أي وقت يسمع فيه أطفالك أنك تشير إلى شخص ما على أنه "مثير" أو يسمعون تعليق أحد أفراد الأسرة على جسد المرأة، فإنهم سيعتقدون أن هذا سلوك مقبول، لم يولد أي شخص متحرشاً، إنه مجرد نموذج لسلوك رأوه لأشخاص آخرين يفعلونه.
تنمية مهارات الوعي الذاتي والإدارة الذاتية والوعي الاجتماعي
يمكنك بناء التعاطف والوعي الاجتماعي من خلال تشجيع طفلك على التفكير والاهتمام بكيفية تأثير أفعالهم على شعور الآخرين، شارك مع طفلك قيمك وتوقعك أنه يحترم حدود الآخرين، ويتوقف عن أي سلوك يجعل شخصاً آخر غير مرتاح.
يساعد هذا طفلك على تطوير الوعي الذاتي والاعتراف بمشاعره الخاصة، ما يزيد من قدرته على تقييم الموقف وتحديد الإجراءات التي يمكنه اتخاذها بأمان.
بعض الأمثلة والاستجابات النموذجية
إذن كيف تبني هذه المهارات مع أطفالك عندما تكون لديك 15 دقيقة فقط في طريقك إلى المدرسة، أو 5 دقائق على طاولة العشاء، قبل أن يبدأ طفلك واجباته المدرسية. فيما يلي بعض النماذج للحوار مع ابنك/ابنتك، عندما يخبرك بموقف تعرض له أو سمعه أو شاهده:
وضّح قيَمك لطفلك
بإمكانك أن تقول لطفلك عند رؤية أو سماع موقف عن التحرش والمضايقة: "في عائلتنا نعتقد أنه ليس من المقبول أبداً لمس جسد شخص ما، لا أريد أبداً أن يلمسك شخص ما بطريقة تجعلك غير مرتاح، وأتوقع ألا تلمس شخصاً ما بطريقة تجعله غير مرتاح".
شجّع التعاطف
يمكنك مثلاً أن تتحدث مع أبنائك وتثبّت في عقولهم قيماً مثل: "كيف كان يمكن أن يشعر ذلك الشخص عندما تم لمسه؟"، "كيف كان شعورك في هذا الموقف؟"، "كيف سيكون شعورك لو تعرضت أنت لهذا الموقف؟"، "هل تعتقد أنه من السَّوي أن نقوم بذلك تجاه الآخرين؟"
ماذا لو؟
كما يمكنك أن تضع أبناءك أيضاً في صيغة ماذا لو؟ فمثلاً إذا رأيت صديقاً يفعل هذا أو يقول هذا، فما الكلمات التي قد تستخدمها لتطلب منه التوقف؟ كيف تُذكّر نفسك بعدم الانخراط في هذا النوع من "النكات"؟ وماذا ستفعل إذا لمسك أحدهم بطريقة تجعلك غير مرتاح وقال إنها مزحة؟