يعدُّ أول يوم رمضان في العالم العربي مناسبة مميّزة ومهمّة لجميع المسلمين، حيثُ يُرحّب كل شعب بهذا اليوم بطقوس وتقاليد مُتنوّعة ومختلفة، ويستقبلونه بتبادل التهاني والتبريكات مع العائلة والأصدقاء، فهو يوم يتميّز بالتلاحم والتضامن الاجتماعي استقبالاً للشهر الكريم.
ولا تزال العديد من بلداننا العربية تحافظ على العادات الرمضانية المتعلقة باستقبال شهر الصيام إلى اليوم، ما دامت عادات مبهجة وتدعو إلى لتسامح.
في هذا التقرير نحدّثُكم عن طقوس أول يوم رمضان في العالم العربي من "العواشر المبروكة" في المغرب، إلى فقدة الولايا والشعبونية في فلسطين، وزفة السودان، وحلوى الكرديانة في تونس، والخيامية في مصر، وغيرها من العادات المميّزة التي ينفرد بها كلّ بلد عربي عن الآخر.
"ضرب النفير" في أول يوم رمضان في المغرب
المغاربة مغرمون جداً بتقاليدهم، ودائماً يحتفلون بمناسباتهم الدينية على طريقتهم الخاصة.
وفي المغرب، توجد طقوس خاصة للاحتفال بأول يوم رمضان، ومنها طقوس النفير والتهاني الخاصة، فعندما يتأكّد الناس من ظهور هلال رمضان، يقومون بضرب النفير سبع مرات كإشارة لبداية الصيام والتزامهم بالشهر الكريم، وفقاً لما ذكر في موقع STORY RABAT .
بعد ذلك، يتبادل المغاربة التهاني والتبريكات بجملة "عواشر مبروكة"، وهي عبارة تعني "أيام مباركة"، تُستخدم للتعبير عن تمنياتهم بأيام مليئة بالبركة والنعمة في شهر الصوم.
فقدة الولايا والشعبونية في فلسطين
في أول يوم رمضان رمضان، يتجدّد الاهتمام في العالم العربي بتقاليد الولائم التي تُعرف بـ"الشعبانية"، والتي كانت معروفة في بلاد الشام وجزيرة العرب وحتى المغرب العربي، وتتفرّد كل منطقة بهذه التقاليد بأسماء وتفاصيل تميزها، لكنها تتشابه في طبيعتها وأصل نشوئها.
وظلّت عدة مدن في المجتمعات العربية تلتزم بهذه العادة حتى اليوم، اعتقاداً منها بأنها تعزز الروابط الاجتماعية وتجلب البركة. ففي سوريا، يُطلق عليها "شعبونية" أو "تكريزة رمضان"، وفي بيروت يُسمونها "سيبانة رمضان"، وتُقام خارج المدن في المناطق الخضراء والبساتين.
أما في فلسطين والأردن، فقد عُرفت بـ"الشعبونية"، حيث يقوم الرجل بدعوة جميع أرحامه وقريباته من النساء لتناول الطعام في بيته، وكانت القُرى في فلسطين تُقيمها عند الأولياء ويؤدون معها النذور والهبات.
ومع مرور الوقت، تطورت هذه التقاليد وأصبحت لها خصوصيات وتفرد، لكنها لا تزال تحافظ على جوهرها العام "ولائم شعبان"، في نابلس، مثلاً، تمتدّ وليمة "الشعبانيات" لثلاثة أيام، حيث تتم دعوة جميع الأرحام والولايا دون الرجال لتناول الطعام وتبادل التحيات، وتنتهي بتقديم الحلويات.
وبغض النظر عن أصل هذه التقاليد، فهي تظل جزءاً لا يتجزأ من تاريخ وثقافة المجتمعات العربية، وتستمر في التجدد والاحتفاظ بحضورها في ذاكرة الأجيال.
استقبال رمضان بزفة في السودان
بعد استطلاع هلال رمضان، يُنظم الأهالي في السودان ما يُعرف بـ"الزفة"، حيث يشارك رجال الشرطة في تنظيم مسيرة كبيرة تتقدمها الجوقة الموسيقية العسكرية، وينضم إليها موكب من رجال الطرق الصوفية السودانية بمشاركة الرجال والشباب والأطفال للاحتفال ببداية الشهر الكريم.
وتمتد الاحتفالات إلى المساجد، حيث يزيّن السودانيون المساجد بالمصابيح الملونة، استعداداً لاستقبال المصلين الذين يتوافدون عليها بعد صلاة العصر.
كما تُقام في المساجد دروس دينية وحلقات لتلاوة القرآن الكريم حتى أذان المغرب، حيث يعود الأهالي إلى منازلهم لتناول وجبة الإفطار ثم العودة مرة أخرى إلى المسجد لأداء صلاة العشاء والتراويح.
وتشتهر المائدة السودانية بمجموعة متنوعة من العصائر والأكلات الشهية، مثل مشروب "الحلو مر" الذي يُعتبر من المشروبات المفضلة لدى السودانيين لتقليل العطش في درجات الحرارة المرتفعة.
ويتميز المشروب الثاني "الآبريه" بتحضيره قبل استقبال شهر رمضان، حيث يُعد من ذرة تُنقع في الماء ثم تجف وتُطحن مع البهارات، وتُعجن بعد ذلك وتُخبز في الفرن، ليتم وضعها في الماء خلال رمضان لتصبح جاهزة للشرب.
حلوى الكرديانة من أيدي الأطفال في تونس
في تونس، يبدأ الناس استعدادهم لاستقبال شهر رمضان المبارك، الذي يُعتبر من بين أهم الشهور في السنة، وذلك بإطلاق لقب "سيدي رمضان" عليه.
حيثُ تشهد الشوارع والأسواق والمحلات التونسية حركة نشطة في هذا الشهر، ويقوم التونسيون بشراء التوابل والدقلة (التمر التونسي) والشعير وغيرها من لوازم المطبخ اللازمة لشهر رمضان.
وفي الأحياء الشعبية، يشهد الأطفال بدءاً من اليوم الأول من شهر رمضان منافسة مستمرة في تحضير حلوى الكرديانة، وهي نوع من الحلويات المصنوعة من بياض البيض والسكر، يقوم الأطفال بجهد كبير في صنع وخلط مكوناتها، حتى يتضاعف حجم الحلوى وتصل إلى نضجها خلال فترة ما بعد الظهيرة وحتى أذان المغرب.
بيوت أهل الحجاز.. كيف تستقبل شهر رمضان؟
في عادات أهل الحجاز لاستقبال شهر رمضان، يتم تنظيف المنزل وتغيير ترتيب الأثاث لإضفاء جو من التجديد، ومن بين هذه العادات الشهيرة هي "نصبة الشاهي".
ويتم تخصيص مكان محدد في أحد أطراف غرفة الجلوس لهذه النصبة، حيث يتم وضع طاولة قصيرة عليها "سماور"، وهو وعاء معدني يُستخدم لتحضير الشاي على البخار، ويُقدم الشاي بعد وقت الإفطار حسب الرغبة، وتبقى نصبة الشاهي موجودة طوال أيام شهر رمضان، ليزيلوها بمناسبة أول أيام العيد.
الخيامية وفانوس رمضان في مصر
في مصر، تُعرف الخيامية في أول يوم من شهر رمضان بأنها تقليد شعبي قديم يعبر عن فرحة الاحتفال ببداية الشهر الفضيل.
ويتمثل هذا التقليد في تجميع الأطفال والشباب في الشوارع والأحياء، حيث يقومون بإنشاء خيام صغيرة مصنوعة من القماش والأقمشة الملونة، وفقاً لموقع daily news egypt .
وتُزين هذه الخيام بالأضواء الملونة والزينة، ويتم تجميع الناس فيها لقضاء وقت ممتع والتفاعل مع بداية الشهر الكريم، ويتبادل المصريون في هذه الأجواء التهاني والأمنيات بشهر مبارك، وقد يتم تقديم الحلويات والمأكولات الشعبية للزوار والمارة.
وتُعد الخيامية تقليداً جماعياً محبباً لدى الناس في مصر، حيث يشعرون بالبهجة والسرور في أول يوم رمضان.
فانوس رمضان
في مشهد تنبعث منه البهجة والسرور، تتزين الشوارع المصرية في كلّ عام بألوان زينة رمضان وفوانيسها، استعداداً وفرحة بقدوم الشهر المبارك.
ويُعدُّ "فانوس وزينة رمضان" من التقاليد المصرية القديمة التي يتم الاحتفال بها منذ زمن بعيد، والتي تجلب البهجة والسرور للكبار والصغار على حد سواء عندما يرونها في المحلات وعلى جوانب الطرقات.
يوم القريش في الكويت
"يوم القريش" في الكويت هو تقليد اجتماعي يقام في أول يوم شهر رمضان المبارك، ويُعتبر هذا اليوم فرصة للتلاحم والترابط الاجتماعي بين أفراد المجتمع الكويتي.
وفي هذا اليوم، يقوم الأهالي بتحضير الطعام وتجهيز المأكولات الشعبية اللذيذة، مثل العرائس والمعجنات والحلويات الشرقية والعصائر والمشروبات الباردة، وتتم دعوة الأقارب والأصدقاء والجيران للمشاركة في وليمة الطعام والاحتفالات.
تتميز فعاليات يوم القريش بالفرحة والبهجة، حيث يتبادل الناس التهاني والتبريكات بمناسبة حلول شهر رمضان، ويقضون وقتاً ممتعاً في التجمعات الاجتماعية وتبادل الأحاديث والضحكات.
احتفالية النافلة في قطر
هي تقليد شعبي يقام في الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك، تحديداً في الليالي العشر الأخيرة من الشهر الكريم. تُعتبر هذه الاحتفالية جزءاً من تقاليد وعادات المجتمع القطري في هذا الشهر المبارك.
يقوم الأهالي والعائلات في قطر بتجهيز النافلة في الفناء أو الحديقة أو الباحة الخارجية لمنزلهم، حيث يجتمعون لقضاء وقت ممتع ومبارك في جو من الصلاة والذكر والدعاء. يتم في النافلة قراءة القرآن الكريم والدعاء والاستغفار، كما يتناول الأهالي والضيوف الحلويات والمأكولات الشهية، مشاركين في بعضهم البعض الفرحة بقدوم الشهر الكريم وتقديم التهاني والتبريكات.
تعكس احتفالية النافلة قيم التآخي والترابط الاجتماعي في المجتمع القطري، وتعزز الروحانية والتقوى خلال شهر رمضان المبارك. تشكل هذه الاحتفالية جزءاً مهماً من الثقافة والتقاليد القطرية، وتعتبر فرصة للتلاحم والتواصل بين أفراد المجتمع في هذا الشهر المبارك.