كشفت العديد من الصحف المغربية عن انتشار مرض سل الغدد اللمفاوية الحيواني بشكل كبير، وتسجيل العديد من الحالات المرضية في عدة مصحات في المغرب.
وحسب ما نشرته صحيفة "هسبريس"، فإن هذا المرض انتشر بشكل خاص مع نهاية سنة 2023، وانتشر بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة خصوصاً بين الأطفال.
وبما أن المرض من مصدر حيواني، فقد تم ربط السبب باستهلاك الحليب ومشتقات الألبان الأخرى غير المبسترة، وغير الطازجة، التي تباع لدى الباعة الجائلين.
إذاً ما هو سل الغدد اللمفاوية؟ وما أعراضه ومخاطره؟ وكيف يمكن معرفة الفرق بينه وبين سرطان الغدد اللمفاوية؟
ما هي الغدد اللمفاوية؟
في البداية يجب معرفة تفاصيل أكثر وبشكل مفصل حول الغدد اللمفاوية، وما الأمراض التي من الممكن أن ترتبط بها بشكل عام؟
الغدد اللمفاوية هي جزء من الجهاز اللمفاوي، الذي يلعب دوراً مهماً في حماية الجسم من العدوى والأمراض بشكل عام.
الغدد اللمفاوية تتكون من خلايا مناعية تسمى الخلايا اللمفاوية، وهي التي تنتج أجساماً مضادة وتهاجم الجراثيم والفيروسات والخلايا السرطانية داخل الجسم.
هناك عدة مناطق في الجسم التي توجد بها الغدد اللمفاوية، وهي كل من الرقبة، والإبطين، والمنطقة الأربية، وبين الرئتين، وحول القناة الهضمية.
إذ يتراوح حجم الغدة الواحدة بين حجم حبة السمسم إلى حجم حبة الفول، وقد تتصل الغدد اللمفاوية ببعضها البعض عن طريق الأوعية اللمفاوية، التي تنقل سائلاً شفافاً يسمى اللمفا، يحتوي على الخلايا اللمفاوية والمواد الضارة التي يتم التقاطها من الأنسجة.
وعندما يصاب الجسم بعدوى تتورم الغدد اللمفاوية وتصبح حساسة عند لمسها، لأنها تنتج المزيد من الخلايا اللمفاوية لمحاربة العدوى، وهذه الحالة تسمى طبياً التهاب الغدد اللمفاوية.
ويمكن أن يكون الالتهاب علامةً على وجود مشكلة في الجهاز المناعي أو الجهاز اللمفاوي، ومن بين الأسباب المؤدية لذلك نذكر كلاً من:
- العدوى البكتيرية مثل: السل، والتهاب الحلق، والتهاب اللثة.
- العدوى الفيروسية مثل: نزلات البرد، والإنفلونزا، والحصبة، وفيروس نقص المناعة البشرية.
- الأمراض المناعية الذاتية مثل: التهاب المفاصل الروماتويدي، والذئبة الحمراء.
- السرطان مثل: اللمفوما، واللوكيميا، وسرطان الثدي.
يمكن تشخيص الغدد اللمفاوية الملتهبة عن طريق الفحص السريري والتاريخ الطبي والفحوصات المخبرية.
فيما يعتمد العلاج على سبب الالتهاب وشدته، وقد يشمل المضادات الحيوية، أو الأدوية المضادة للالتهابات، أو العلاج الكيميائي، أو العلاج الإشعاعي، أو الجراحة.
ما هو سل الغدد اللمفاوية؟
سل الغدد اللمفاوية، والذي يسمى كذلك "التهاب العقد اللمفية السلي العنقي"، ويكتب باللغة الإنجليزية "Scrofula"، عبارة عن حالة تسبب فيها البكتيريا المسببة لمرض السل أعراضاً خارج الرئتين، وعادة ما يظهر شكل الغدد الملتهبة والمتهيجة في الرقبة.
ويعتبر هذا المرض هو الأكثر شيوعاً بالنسبة للسل، الذي يحدث خارج الرئتين، وذلك بسبب الالتهاب الذي يصيب الغدد اللمفاوية المرتبطة بجهاز المناعة في الجسم.
تاريخياً، كان يُطلق على سل الغدد اللمفاوية اسم "شر الملك"، وذلك حتى القرن الثامن عشر، إذ كان الأطباء يظنون أن طريقة الشفاء الوحيدة هي أن يلمسها أحد أفراد العائلة المالكة.
ولحسن الحظ، يعرف الأطباء الآن الكثير عن كيفية التعرف على هذه الحالة وتشخيصها وعلاجها.
ما الأعراض المحتملة؟
غالباً ما يسبب مرض التهاب العقد اللمفية السلي العنقي، تورماً وظهور آفات على جانب الرقبة.
عادة ما تكون الغدد منتفخة أو قد تبدو وكأنها عقدة صغيرة مستديرة، وعند لمسها لا تكون طرية ولا دافئة، وقد تبدأ الآفة في الكبر وقد تفرز القيح أو سوائل أخرى بعد مرور عدة أسابيع.
بالإضافة إلى هذه الأعراض قد يعاني الشخص المصاب بالتهاب العقد اللمفية السلي العنقي من:
- الحمى
- الشعور بالضيق أو الشعور العام بالتوعك
- تعرق ليلي
- فقدان الوزن غير المبرر
يعد هذا المرض أقل شيوعاً في الدول الصناعية، حيث لا يعد مرضاً معدياً شائعاً، ويمثل فقط 10% من حالات السل التي يشخصها الأطباء في الولايات المتحدة على سبيل المثال.
أسباب الإصابة
من بين الأسباب الأكثر شيوعاً للإصابة بمرض سل الغدد اللمفاوية لدى البالغين البكتيريا المتفطرة السلية، ومع ذلك فإن البكتيريا المتفطرة الطيرية داخل الخلايا يمكن أن تسبب أيضاً المرض، لكن في حالات قليلة.
أما بالنسبة للأطفال، فتكون الأسباب البكتيرية غير السلية أكثر شيوعاً، إذ يمكن أن يصاب الأطفال بالمرض نتيجة وضع أشياء ملوثة في أفواههم.
عوامل الخطر
يعتبر الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة هم أكثر عرضة للإصابة بمرض سل الغدد اللمفاوية، إذ يمثل هذا المرض ما يعادل ثلث جميع حالات السل لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة في الولايات المتحدة.
أما بالنسبة لشخص يعاني من ضعف المناعة بسبب حالة كامنة أو دواء، فلا يحتوي جسمه على العديد من خلايا الجهاز المناعي، وخاصة الخلايا التائية، لمحاربة العدوى. ونتيجة لذلك يصبحون بدورهم أكثر عرضة للإصابة بالتهاب العقد اللمفية السلي العنقي.
في الأغلب يميل المصابون بفيروس نقص المناعة البشرية الذين يخضعون للعلاجات المضادة للفيروسات القهقرية إلى تجربة استجابات التهابية أكبر لبكتيريا السل.
طرق التشخيص
إذا اشتبه الطبيب في أن بكتيريا السل قد تسبب كتلة على مستوى الرقبة، فغالباً ما يقوم بإجراء اختبار يعرف باسم اختبار مشتق البروتين المنقى، ويرمز له طبياً بـ(PPD)، يتضمن حقن كمية صغيرة من مادة "PPD" تحت الجلد مباشرةً.
في حال وجود بكتيريا السل في الجسم فسوف يعاني المريض من حالة تصلب في المنطقة التي يظهر عليها المرض، من خلال ارتفاع الجلد بضع مليمترات.
لكن ومع ذلك، نظراً لأن هناك بكتيريا أخرى يمكن أن تسبب المرض، فإن هذا الاختبار ليس نهائياً بنسبة كاملة.
لكن هناك طرق تشخيص أخرى، إذ يقوم الأطباء بأخذ خزعة من السائل والأنسجة داخل المنطقة الملتهبة أو المناطق المحيطة بالرقبة، مع اتخاذ تدابير دقيقة لمنع انتشار البكتيريا إلى المناطق المحيطة.
كما قد يطلب الطبيب أولاً إجراء بعض فحوصات التصوير، مثل الأشعة السينية، لتحديد مدى وجود الكتلة أو الكتل في الرقبة، وما إذا كانت تبدو مثل حالات سل الغدد الدرقية.
في بعض الأحيان، في البداية، يمكن للطبيب أن يشخص عن طريق الخطأ مرض التهاب العقد اللمفية السلي العنقي، ويتوقع على أنه كتلة سرطانية في الرقبة.
وتجدر الإشارة إلى أنه لا توجد أي اختبارات دم محددة لتشخيص هذا المرض، ومع ذلك قد يطلب طبيبك اختبارات الدم، مثل اختبار فيروس نقص المناعة البشرية، لاستبعاد الحالات الأخرى.
ماذا عن سرطان الغدد اللمفاوية؟
سرطان الغدد اللمفاوية عبارة عن مجموعة من الأمراض السرطانية التي تنشأ من الخلايا اللمفاوية، وهي خلايا دم بيضاء تنتمي إلى الجهاز اللمفاوي.
هناك نوعان رئيسيان من سرطان الغدد اللمفاوية: لمفومة هودجكين (Hodgkin lymphoma) ولمفومة غير هودجكين (Non-Hodgkin lymphoma).
هذان النوعان كلاهما يسبب تورم الغدد اللمفاوية وأعراضاً أخرى، مثل الحمى والتعب والتعرق الليلي وفقدان الوزن.
الفرق الوحيد بينهما يكمن في نوع الخلايا اللمفاوية المصابة وسلوكها واستجابتها للعلاج.
سبب سرطان الغدد اللمفاوية غير معروف بالضبط، لكنه يرتبط ببعض العوامل الخطرة مثل العمر والجنس وضعف المناعة والعدوى الفيروسية والتعرض للمواد الكيميائية أو الإشعاع.
وبالنسبة للعلاج، تختلف نسبته حسب نوعه ومرحلته وعوامل أخرى، وبشكل عام تعتبر لمفومة هودجكين أكثر قابلية للعلاج من لمفومة غير هودجكين.
العلاجات المتاحة لسرطان الغدد اللمفاوية تشمل العلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي والعلاج المناعي وزرع نخاع العظام والعلاج الهدفي.
ويعتمد اختيار العلاج المناسب على حالة كل مريض ورأي الطبيب المعالج.
طرق العلاج الممكنة
إن مرض سل الغدد اللمفاوية هو عدوى خطيرة، ويمكن أن تتطلب العلاج على مدار عدة أشهر، بعد أن يصف الطبيب، في الأغلب، المضادات الحيوية لمدة ستة أشهر أو أكثر.
وخلال الشهرين الأولين من العلاج، غالباً ما يتناول الأشخاص مضادات حيوية متعددة، مثل:
- أيزونيازيد
- ريفامبين
- إيثامبوتول
وبعد هذه الفترة الزمينة، سوف يصف الطبيب كلاً من الأيزونيازيد والريفامبين لمدة أربعة أشهر إضافية، وهي المدة المحتملة من أجل إتمام العلاج.
وخلال فترة العلاج، من الممكن أن تكبر الغدد اللمفاوية أو تظهر غدد ملتهبة جديدة، إذ يُعرف هذا باسم "رد فعل الترقية المتناقض"، ويجب الالتزام بالعلاج حتى لو حدث ذلك.
في بعض الأحيان، قد يوصي الطبيب بإزالة كتلة أو كتل الرقبة جراحياً بعد العلاج بالمضادات الحيوية، ومع ذلك، لا تتم معالجة الكتلة عادة حتى تختفي البكتيريا. وبخلاف ذلك، يمكن أن تسبب البكتيريا ناسوراً، وهو عبارة عن ثقب نفقي بين العقدة اللمفاوية المصابة والجسم، وهذا التأثير يمكن أن يسبب المزيد من الأعراض الشديدة.
المضاعفات المحتملة
أقل من نصف أولئك المصابين بهذا المرض يعانون أيضاً من مرض السل في الرئتين، إذ من الممكن أن ينتشر المرض خارج الرقبة ويؤثر على مناطق أخرى من الجسم.
أيضاً، يمكن لأي شخص أن يعاني من جرح مفتوح مزمن ومستنزف من الرقبة، هذا الجرح يمكن أن يسمح لأنواع أخرى من البكتيريا بالدخول إلى الجسم، ما قد يؤدي إلى مزيد من الالتهابات الخطيرة.
معدلات الشفاء
مع العلاج بالمضادات الحيوية تكون معدلات الشفاء من مرض التهاب العقد اللمفية السلي العنقي ممتازة، بحوالي 89 إلى 94%.
لكن إذا كنت تشك في إصابتك بالسل أو لديك أعراض مرض السل، راجع طبيبك لإجراء اختبار الجلد الخاص بالسل.
وهي متاحة أيضاً في العديد من الإدارات الصحية بالمدن والمقاطعات كوسيلة سريعة ومنخفضة التكلفة لتشخيص مرض السل.