هل سمعت سابقاً عن أكثر الأيام كآبة في العالم؟! إنه "الإثنين الأزرق" والذي يصادف ثالث إثنين من شهر يناير، ويعتبره الكثيرون في العديد من دول العالم أكثر "أيام السنة إحباطاً"، لكن كن مطمئناً فأتعس أيام السنة قد انقضى بالفعل الإثنين 15 يناير/كانون الثاني 2024.
وتعبير "الإثنين الأزرق" يشير إلى أن ليالي الشتاء الباردة والضغوطات المالية والعودة إلى العمل بعد أسابيع من الاحتفالات والرحلات واللقاءات العائلية، ما يجعل هذه الفترة محبِطة للعديد من الناس، فما قصة الإثنين الأزرق؟ وهل هو مثبت علمياً أم خرافة؟!
اقرأ أيضاً
من خدعة تسويقية إلى حالة نفسية!
بالعودة إلى تاريخ فكرة "الإثنين الأزرق" فإنه يعود إلى عام 2005، عندما كلفت شركة "سكاي ترافيل" عالم النفس كليف أرنال، الباحث في جامعة كارديف، بتحديد اليوم المذكور الأكثر كآبة في العام كخدعة تسويقية، بهدف بيع المزيد من عطلات الزبائن للتخلص من كآبة الشتاء وتحقيق مكاسب تجارية في نفس الوقت، فيما استخدم "أرنال" صيغة رياضية تأخذ في الاعتبار الطقس والديون والندم في نهاية موسم العطلات.
واتجهت بعض الشركات في أمريكا لمنح موظفيها إجازات إذا كانوا يشعرون بالحزن الشديد لدرجة أنهم لا يستطيعون العمل في " الإثنين الأزرق "، فيما ينصح البعض بقضاء اليوم في ممارسة أنشطة صحية مثل المشي لمسافات طويلة أو العمل التطوعي.
على الرغم من إفلاس "سكاي ترافل" في عام 2015، إلا أن المفهوم دخل في المعجم الثقافي في العديد من الدول، بل وأصبح أداة شائعة للحملات الإعلانية التي تهدف إلى تشجيع الإنفاق.
اقرأ أيضاً
"الإثنين الأزرق" حقيقة أم خرافة!
وفقاً لتقرير نشرته صحيفة "الديلي ميل" البريطانية، ، قال الأطباء النفسيين إنه لا يوجد أي دليل يدعم نظرية الإثنين الأزرق القائلة بأن يوم الإثنين الثالث من شهر يناير هو اليوم الأكثر كآبة في العالم، كما أنه تم تكذيب معادلة الدكتور أرنال باعتبارها لا معنى لها في الأساس، لأن عوامل مثل "الطقس" متغيرة.
فيما تقول عالمة النفس، الدكتورة إيلينا توروني، إن مشكلات الصحة العقلية لا تتبع تقويماً وأن مفهوم الإثنين الأزرق يمكن أن يساهم في المفاهيم الخاطئة الضارة حول الصحة العقلية.
وتضيف عالمة النفس أن هناك أسباباً مشروعة تجعل فصل الشتاء قد يؤدي إلى تفاقم الصحة العقلية، وأنه من المبالغة تصنيف يوم معين على أنه الأكثر إحباطاَ على مستوى العالم.
تضيف أن هناك أسباباً مشروعة تجعل فصل الشتاء قد يؤدي إلى تفاقم الصحة العقلية، ومن "المفرط في التبسيط" تصنيف يوم معين على أنه الأكثر إحباطاً على مستوى العالم.
أما جون فان نيكيرك، رئيس هيئة التدريس العامة للبالغين بالكلية الملكية للأطباء النفسيين فتقول: "نحن نعلم أن بعض الأشخاص يعانون من انخفاض الحالة المزاجية والقلق خلال فصلي الخريف والشتاء عندما يتغير المناخ ويكون هناك ضوء أقل طوال اليوم"، وتعرف هذه الحالة باسم الاضطراب العاطفي الموسمي (SAD) ولا يقتصر على يوم واحد فقط من السنة.
ويعتقد أن السبب الدقيق للاضطراب العاطفي الموسمي مرتبط بعدم التعرض لأشعة الشمس خلال فصلي الخريف والشتاء، مما يعيق جزءاً من الدماغ يسمى منطقة "ما تحت المهاد" – والذي يتحكم في النوم والمزاج – من العمل بشكل صحيح.
يمكن أيضاً ربط هذه الحالة، المعروفة أيضاً باسم "الاكتئاب الشتوي بالوراثة"، حيث يعتقد أن "اضطراب الاكتئاب الموسمي" يمكن أن يؤثر على حوالي مليوني شخص في بريطانيا، حسب ما نشرته صحف بريطانية.
لمحاربة الكآبة الشتوية، يفيد علماء النفس أنه من الضروري التعرض لضوء النهار قدر الإمكان، حيث تخفف من التوتر وصعوبات النوم المرتبطة بسوء الحالة المزاجية.
ومع وجود عدد أكبر من الأشخاص الذين يعملون من المنزل في الوقت الحالي، أصبح من المهم بذل جهد للخروج ولو لنزهة قصيرة تغير الحالة المزاجية.
كما تساعد التمارين المنتظمة أيضاً على إطلاق هرموني الإندورفين والسيروتونين، مما يعزز مزاجك بشكل طبيعي.
كيف تواجه "الإثنين الأزرق"؟ !
إن كنت تتوقع أن يؤثر عليك "الإثنين الأزرق" وإن شعرت بالإحباط والحزن، ينصحك الخبراء بممارسة التمارين الرياضية مثل المشي السريع أو الهرولة لمدة 30 دقيقة، والاستمتاع بالوقت مع عائلته وأصدقائك والقيام بأنشطة ترفيهية مثل الذهاب إلى السينما، حتى يتجنب الجميع الشعور بالكآبة واليأس أو الإحباط.
إذا لم تكن مستعداً للخروج، قم بإحضار "الخارج" إلى منزلك عن طريق جلب نباتات ووضع صور لمناظر طبيعية في جميع أنحاء منزلك، فإن ذلك قد يحسن مزاجك وصحتك النفسية، وفقاً لدراسة نفسية أجريت عام 2013.
للتخلص من الإحباط، لا تحتاج إلى الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية للاستفادة من التمارين، قم بتشغيل أغانيك المفضلة وارقص وكأن لا أحد يشاهدك، فإن ذلك يعود بفوائد عظيمة على صحة القلب وصحة القلب هي الطريق للصحة النفسية والعقلية".
فيما يقول خبراء الصحة العقلية إنه يجب مع بداية العام الجديد أن تضع تحدياً لنفسك يمكن تحقيقه قد يكون هذا أكثر فائدة بكثير من أن تضع نفسك تحت ضغط لإكمال تحدّ كبير قد يبدو مرهقاً لك ويؤثر على صحتك النفسية.
الأنشطة الإبداعية التي تعتقد بأنها مضيعة للوقت قد يكون لها تأثير سحري على صحتك النفسية؛ لأنها تساعدك حسب الخبراء من التخلص والابتعاد من الضغوط اليومية وتحويل الأفكار أو المشاعر السلبية إلى شيء إيجابي ذلك، امنح نفسك وقتاً للترفيه والتفكير خارج الصندوق.
كما يوصى بالتسجيل في فصل تدريبي بعيداً عن التزامات العمل أو الدراسة، حيث كشفت دراسة لجامعة أكسفورد أجريت على 135 شخصاً بالغاً، أنه بعد أن أكملوا دوراتهم التي مدتها سبعة أشهر (بما في ذلك الحرف والغناء والكتابة الإبداعية)، شعر البالغون بثقة أكبر، ودوافع ليكونوا نشطين وأكثر سعادة بشكل عام.
ويشير الباحثون إلى أن أسباب الاكتئاب والشعور بالإحباط يمكن أن تختلف، ولكن قد يكون سببها التوتر والتاريخ العائلي للحالة والشعور بالوحدة، كما يمكن أن تختلف الأعراض أيضاً بشكل كبير، بدءاً من الشعور بالإحباط إلى فقدان الوزن أو زيادته والإرهاق والأرق.