للصدمات النفسية تأثيرات عديدة على جسم الإنسان، التي يمكن أن تتسبب في عدة أمراض، قد تؤدي إلى تغيّرات سلبية فيما يتعلق بالسير العام لحياة الشخص المريض.
إذ إن الأحداث المؤلمة التي يتعرض لها الإنسان، حسب ما يشير له الباحثون في عدة دراسات، لها تأثير على الدماغ كذلك، وليس فقط على الحالة النفسية.
ويقوم الدماغ بإعادة تركيب نفسه بعد التعرض لأي صدمة نفسية، والتأقلم مع البيئة الجديدة التي يمكن أن تكون في الأصل عبارة عن تهديد لسلامته.
تأثير الصدمة على الدماغ
يمكن للصدمة النفسية أن تؤثر على الدماغ على مستويات مختلفة ومتعددة، والتي تتمثل في القدرة على اتخاذ القرارات، أو الاستجابات الفورية اللاواعية لكل ما يحيط به من معلومات.
ويُعزى جزء كبير من صعوبة التغلب على آثار الصدمة إلى تأثيرها المتعدد على عدة مناطق في الدماغ في وقت واحد، والتي يطلق عليها اسم الدماغ الثلاثي، والتي لها ارتباط بالمشاعر.
إذ وفقاً لدراسة أجريت سنة 2006 من قِبَل المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة، فإن الصدمة تؤثر بشكل أساسي على كل من:
اللوزة، وهي المركز العاطفي والغريزي.
الحصين وهو الذي يتحكم في الذاكرة.
وقشرة الفص الجبهي المسؤولة عن تنظيم العواطف تعمل الأجزاء الثلاثة معاً لإدارة الإجهاد.
تأثير الصدمة النفسية على اللوزة
اللوزة، وهي جزء من النسيج العصبي في الدماغ مسؤول عن العواطف وغرائز البقاء والذاكرة، تلعب دوراً أساسياً في استشعار الخوف والتعامل مع المعلومات البيئية بشكل لا واعٍ.
وعند تأثر الشخص بالصدمة، يزيد نشاط اللوزة، ما يؤدي إلى ازدياد الخوف وضغوط الصدمة، كونه المكان الذي يستشعر الخوف من خلال استخدام السمع والبصر، دون وعي في أعماق الدماغ.
إذ يمكن أن يؤدي ذلك إلى إجهاد مزمن وتفاقم الحالة العاطفية؛ ما يسبب صعوبة في الاسترخاء والنوم، والإصابة بالأرق بشكل مستمر.
وفي كثير من الأحيان يمكن أن تؤدي المنبهات إلى فرط النشاط في اللوزة، في حال كانت مرتبطة بطريقة ما بالحدث الذي تسبب في الصدمة عند الشخص المعنيّ بالأمر.
تأثير الصدمة النفسية على الحصين
يعتبر الحُصين جزءاً من الجهاز الحوفي في الدماغ، وهو الذي يلعب دوراً في تخزين واسترجاع الذكريات، مع التمييز أيضاً بين التجارب السابقة والحالية.
عندما تحدث الصدمة النفسية قد يتأثر الحصين كذلك، حسب ما أظهرته الدراسات التي تشير إلى أن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، قد يكون حجم الحُصين لديهم أصغر من الآخرين.
ويتأثر الحصين من الصدمات النفسية بالنسبة للأشخاص الذين عانوا من مشاكل كبرى، أو تعرضوا لأحداث مأساوية، مثل حوادث السير، أو العيش في مكان به صراع مسلح، أو النجاة من زلزال.
هذا يؤثر على قدرة هؤلاء الأشخاص على استرجاع بعض الذكريات، في الوقت الذي يجعل بعض الذكريات حية ودائمة في أذهان الناجين، مع تفاقم الخوف والتوتر عند تذكيرهم بالصدمات السابقة.
تأثير الصدمة النفسية على قشرة الفص الجبهي:
تعتبر قشرة الفص الجبهي البطني هي الجزء المسؤول عن تنظيم العواطف، إذ قد تتأثر بشكل كبير بعد الصدمات النفسية المختلفة.
وفي هذه الحالة قد يصعب عليها تنظيم الخوف والعواطف الأخرى، ما يضيف تعقيداً إضافياً من أجل التمكن من تجاوز التأثيرات النفسية للصدمة.
إذ غالباً عند تأثر هذا الجزء من الدماغ، فإنه يؤثر كذلك على مركز تنظيم المشاعر بعد الصدمة، وتصبح أجزاء أخرى من الدماغ عرضة للتأثر كذلك.
وعادة ستشعر اللوزة بمشاعر سلبية مثل الخوف لتتفاعل قشرة الفص الجبهي بعقلانية مع هذه المشاعر. أما بعد الصدمة قد يتم تجاوز هذه العقلانية وستجد قشرة الفص الجبهي صعوبة في تنظيم الخوف والعواطف الأخرى.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.