دائماً ما نسمع الحديث عن التحذيرات من تناول السمك والحليب معاً، أو تناول أحدهما بعد الآخر؛ لتفادي التعرض للتسمم الغذائي أو بقع البهاق.
لكن هل هذه التحذيرات الشائعة، التي دائماً ما يتم تداولها من طرف الأمهات والجدات حقيقة، أم مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة، ويمكن تناول هذين المكونين بكل أريحية دون الخوف من التعرض للتسمم أو لأمراض جلدية؟
هل تناول السمك والحليب فعلاً مضر بالصحة؟
على الرغم من التحذيرات الكثيرة التي تمنع تناول الحليب إلى جانب السمك، فإن الأطباء والخبراء يؤكدون أنه لا توجد أي دراسة تؤكد هذه النظرية، وعلاقة تناول هذين المكونين الغذائيين معاً بمرض البهاق الجلدي، أو التسمم.
إذ إن هناك العديد من الدول التي تعتمد في تحضير وجبات السمك على الحليب، أو مشتقاته، من بينها بعض الدول الآسيوية، والدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط، إلا أنه لم يثبت طبياً أن هناك أي حالات بهاق ناتجة عن تناول تلك الأكلات من قبل.
إضافة إلى ذلك، يشير خبراء التغذية إلى أن هذه الوجبات مفيدة في مكافحة أمراض القلب والسكري وحتى مشاكل الصحة العقلية.
ووفقاً للمعايير العالمية، فإن بعض وجبات البحر الأبيض المتوسط التي تحتوي على منتجات الألبان والأسماك والمكسرات والحبوب هي الأكثر صحية.
إذ تعد كل من الأسماك والحليب مصادر غنية بالعناصر الغذائية المهمة مثل البروتين والكالسيوم وأحماض أوميغا 3 الدهنية الضرورية للتمتع بصحة جيدة.
متى يمكن التعرض للتسمم بعد تناول السمك والحليب؟
عند الحديث عن حالات التسمم بعد تناول السمك والحليب، لا يجب ربطها بشكل مباشر بهذا الخليط من المكونات الغذائية، خصوصاً أن هذه الحالة تكون نادرة الحدوث.
إذ يمكن أن تكون هناك أسباب أخرى مؤدية إلى التسمم، من بينها حساسية السمك، أو حساسية الحليب، أو حساسيتهما معاً.
فيما يمكن أن يكون أحد هذه المكونات غير طازج، أو منتهي الصلاحية، مما يؤدي تناوله إلى التعرض لأعراض التسمم، من قيء، وإسهال، وغيرهما.
أسباب الإصابة بالبهاق
يعتبر البهاق أكثر مرض جلدي مرتبط بفكرة خطر تناول السمك والحليب معاً، وهو عبارة عن اضطراب جلدي طويل الأمد، يسبب ظهور بقع بيضاء شاحبة على الجلد.
إلا أن السبب الحقيقي في الإصابة بهذا المرض الجلدي ناتج عن نقص الميلانين، وهي صبغة الجلد التي تعطيه لونه، مما يجعل المناطق التي تنقص فيها هذه الصبغة مختلفة عن الأخرى.
وعلى الرغم من أن البهاق يمكن أن يؤثر على الجلد كاملاً، فإنه يؤثر في أغلب الأحيان على اليدين والوجه والرقبة والتجاعيد في الجلد.
وحسب الأبحاث الطبية، فإن الأسباب الحقيقية وراء نقص صبغة الميلانين في الجلد عند بعض الأشخاص بشكل مفاجئ دون غيرهم ما زالت غير معروفة، ولم يتم ربطها بتناول السمك والحليب، فيما لا تزال الأبحاث جارية إلى غاية الآن للتوصل إلى معلومات أكثر دقة.
وتبقى النصيحة الأكثر تداولاً من طرف أطباء الجلد وهي ضرورة استخدام واقي الشمس الذي يحتوي على عامل حماية عالٍ من الأشعة فوق البنفسجية، خصوصاً في الأجزاء الشاحبة من الجسم، من أجل حمايتها بشكل أكبر.
محاذير تناول السمك والحليب بكثرة
على الرغم من أن تناول السمك والحليب لا يسبب أياً من البهاق أو التسمم الغذائي كما تم ذكره سابقاً، فإن تناولهما معاً بكثرة قد يسبب مشاكل صحية أخرى.
إذ إنه عند تناول السمك والحليب، وهما عبارة عن نوعين من الأطعمة الغنية بالبروتين في الوقت نفسه، فهذا يؤدي إلى صعوبة في الهضم.
وذلك لأن كل واحد من هذه البروتينات المختلفة، يتطلب أنواعاً مختلفة من العصارات الهضمية لمعالجتها، الشيء الذي قد يؤثر سلباً على الجهاز الهضمي والمناعي في الجسم.
كما أنه في هذه الحالة يطلق الجسم كميات كبيرة من الطاقة ويزيد من عبء العمل على الجهاز الهضمي، الشيء الذي قد يؤدي إلى الانتفاخ والغازات أو غيرهما من المشاكل الهضمية.
لذلك يفضل التقليل من تناول هذا المزيج معاً، أو تناولهما بشكل متفرق ومتباعد، بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الجهاز الهضمي.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.