غالباً ما تترافق حالات الاكتئاب والقلق والتوتر مع اضطرابات النوم والاستيقاظ ليلاً، وما تلبث أن تبدأ بالدوران في حلقة مفرغة فمزيد من الاكتئاب يجلب لك مزيداً من اضطرابات النوم، ومزيد من اضطرابات النوم يجلب لك مزيداً من الاكتئاب، لكن ما الرابط بينهما؟ وهل هو رابط نفسي فقط أم بيولوجي أيضاً؟
ما علاقة الاكتئاب باضطرابات النوم؟
يعاني ما يقرب من 80% من المصابين بالاكتئاب من اضطرابات في النوم. إذ يعاني بعض هؤلاء من صعوبة في الخلود إلى النوم ليلاً، بينما يواجه البعض الآخر صعوبة في البقاء نائمين، فيستيقظون بشكل متكرر خلال الليل، أما البعض الآخر فيترافق اكتئابهم مع الكثير والكثير من النوم.
وفقاً للعلماء، فإن الرابط بين اضطرابات الاكتئاب وقلة النوم يتعدى كونه رابطاً نفسياً فقط فهو بيولوجي أيضاً، إذ يسهم كل من الاكتئاب والأرق في إفراز مواد كيميائية معينة في الدماغ. وقد تؤثر هذه المواد في الناقلات العصبية، كما قد تؤدي إلى الاختلالات الهرمونية وبالتالي يؤثر ذلك على كل من النوم والمزاج.
لسنوات عديدة، درس الباحثون أيهما يأتي أولاً: الاكتئاب أم الأرق. كان من الواضح أن المشكلتين غالباً ما تحدثان معاً، وكل منهما تساهم في تفاقم الأخرى.
لكن تشير الدراسات إلى أن اضطرابات النوم تحدث غالباً قبل أن يبدأ الاكتئاب. وقد يؤدي الشعور بالأرق قبل الشعور بالاكتئاب إلى زيادة شدة الاكتئاب.
وبناءً على هذه النتائج، تشجع الأكاديمية الأمريكية لطب النوم مقدمي العلاج على إيلاء اهتمام وثيق لمعرفة ما إذا كان الأرق مشكلة منفصلة لدى المريض بدلاً من اعتباره مجرد واحد من أعراض الاكتئاب، وفقاً لما ورد في موقع Very Well Mind.
المخاطر الصحية المرتبطة بالاكتئاب واضطرابات النوم
يمكن أن يؤثر الاكتئاب واضطرابات النوم على صحتك الجسدية إذا تُركت دون علاج. فقد وجدت إحدى الدراسات التي أجريت عام 2010، أن قلة النوم مرتبطة بزيادة مخاطر الوفاة المبكرة. قلة النوم تزيد كذلك من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والفشل الكلوي والنوبات القلبية وارتفاع ضغط الدم والسكتة الدماغية والسكري والسمنة.
يمكن للاكتئاب أن يساهم في تضييق الأوعية الدموية، مما قد يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب. كذلك قد يعاني الأشخاص المصابون بالاكتئاب من ضعف في جهاز المناعة وآلام في الجسم وإرهاق.
متى يجب زيارة الطبيب؟
قد تكون اضطرابات النوم ناجمة عن حالة طبية جدية مثل انقطاع النفس الانسدادي النومي. يمكن أن تتداخل أيضاً متلازمة تململ الساق وصرير الأسنان مع اضطرابات النوم. قد تسبب هذه المشكلات الطبية مشاكل في النوم، كما أنها قد تؤدي في نهاية المطاف إلى المعاناة من الاكتئاب.
من المهم التحدث إلى طبيبك إذا كانت لديك مشكلة مزمنة في النوم، أو إذا كانت لديك أعراض اكتئاب. إذ يمكن للطبيب تحديد ما إذا كانت مشاكل النوم ناتجة عن مشكلة صحية أخرى تعاني منها، كما يستطيع أن يحدد ما إذا كان الاكتئاب ناتجاً عن اضطرابات النوم أو العكس هو الصحيح.
ويمكن أن يكون العلاج النفسي مفيداً في إدارة أعراض الاكتئاب، وضمن ذلك اضطرابات النوم. العلاج المعرفي السلوكي (CBT) على سبيل المثال، فعال في علاج الأرق والاكتئاب. وبالنسبة لمشاكل النوم، قد يساعدك الطبيب في تغيير عاداتك، مثل النهوض من السرير عندما لا تكون قادراً على النوم، والاستيقاظ في وقت معين كل صباح؛ لمساعدتك على النوم بشكل أفضل في المساء.
يمكن أن يساعدك العلاج المعرفي السلوكي أيضاً على تغيير أفكارك السلبية، والشعور بالتحسن، كما يزيد من قدرتك على التحكم في حياتك لتنعم بنظام صحي أكثر.
يمكن أيضاً استخدام الأدوية لعلاج الأرق وكذلك الاكتئاب. يمكن للطبيب أو الطبيب النفسي المساعدة في تحديد نوع الدواء الأفضل بالنسبة لك، إضافة إلى الأعراض التي يجب معالجتها أولاً.
تطوير عادات النوم الصحية الجيدة
يمكن أن تساعدك عادات النوم الجيدة أيضاً على النوم فترة أطول وبصورة أفضل. يمكن لبعض التغييرات في عاداتك اليومية وروتين وقت النوم أن تُحدث فرقاً كبيراً، وفيما يلي نصائح ستساعدك على النوم بشكل أعمق ليلاً:
هيِّئ بيئة نوم مريحة
إحدى المهام الأولى لإعداد بيئة نوم مناسبة ومريحة، هي الحفاظ على إحدى مراحل النوم والتي تدعى مرحلة "نوم حركة العين" أو كما تسمى أيضاً "مرحلة الحلم"، فهي حساسة جداً ويمكن إزعاجها بسهولة.
ولتجنُّب إزعاج هذه المرحلة تنصحك شبكة CNN الأمريكية بالحصول على فراش ومَرتبة مريحين، وأن تحرص على النوم في درجة حرارة تتراوح بين 15 و20 مئوية.
أطفِئ الأضواء
يبدأ إفراز هرمون النوم "الميلاتونين" في الظلام، وقد وجدت الأبحاث أنَّ الجسم يُبطئ إنتاج الميلاتونين أو يُوقفه عند التعرض للضوء؛ لذلك تخلَّص من أي ضوء، حتى الضوء الأزرق من هاتفك الذكي أو الكمبيوتر المحمول.
وإذا لم تكن غرفتك مظلمة بدرجة كافية، ففكِّر في استخدام ستائر أو أقنعة للعيون.
اخفض الأصوات
أثناء تعاملك مع الضوء الأزرق من هاتفك الذكي، عليك بوقف تشغيل أية تنبيهات عمل (لا يُنصَح برسائل بريد إلكتروني في الساعة الـ2 صباحاً). والأفضل من ذلك، دع الجهاز يُشحَن خارج غرفة نومك
لا تتناول الكافيين قبل النوم
توقَّف عن شرب السوائل المحتوية على الكافيين قبل 6 ساعات على الأقل من موعد نومك المعتاد، وكما هو معروف فإنه موجود في القهوة وبعض أنواع الشاي والمشروبات الغازية، وكذلك الشوكولاتة.
فكوب الشوكولاتة الساخن الذي تعتقد أنه قد يساعدك على النوم، يمكن أن يحتوي على 25 ملليغراماً من الكافيين، بينما كوب من الشاي الأخضر أو الأسود سيمُدك بـ50 ملليغراماً من الكافيين.
تجنَّب الطعام الدسم والحار قبل النوم
قد تُسبِّب لك الأطعمة الدسمة والحارة حُرقة في المعدة أو مشكلات أخرى في الجهاز الهضمي؛ مما يؤثر في قدرتك على النوم واستمراره.
بالنسبة للسُّكر، تُظهِر الدراسات أنه مرتبط بالنوم المضطرب والمتقطع، وقد يؤثر في الهرمونات التي تتحكم في النهم الشديد.
ووفقاً لمؤسسة النوم الوطنية، فإنَّ تناول وجبة خفيفة قبل النوم "مقبول"، وتوصي بتناول حفنة من المكسرات، وعدد قليل من الكرز (الذي يحتوي على نسبة عالية من الميلاتونين)، وموزة (تحتوي على مُرخيات العضلات البوتاسيوم والمغنيسيوم)، وأنواع الشاي منزوعة الكافيين مثل البابونج والزنجبيل والنعناع.